نتفق أن الأمن من القيم المتطلبة، نحيا بواسطته في سياج من الطمأنينة، ومن خلاله نستطيع أن نقوم بأعمالنا، ونؤدي مهامنا، ونخطط لمستقبلنا، ونتمكن من إحداث تنمية مستدامة في شتى مجالاتنا، وبه أيضًا نعزز علاقتنا بالآخرين؛ ومن ثم يعد شرطًا لتحقيق شعورنا بجودة الحياة بكافة تفاصيلها، كما أن ملامح الثقة يصعب تحقيقها، أو الوصول لمعدلات مرضية لها عند غياب السكينة. الأمن يجلب الاستقرار والأمان ويعمل على إشاعة السلامة ويعضد الهدوء الناتج عن حالة الاستتباب، وهنا لا نتحدث عما يخص داخل الفرد فقط، بل، نشمل في مقصدنا المؤسسات المستوعبة لمشاركات الأفراد، الذين تتضافر جهودهم من أجل إنتاجية، تعود ثمرتها على الجميع؛ لذا نؤكد التأثير الشامل لقيمة الأمن التي لا مناص عنها؛ حيث دحر فكرة الفوضى وغلق أبواب العنف وإنهاء حالات الطوارئ، وغير ذلك من الممارسات المتسببة في تعكير الصفو العام. نوقن أن سلامة حياتنا الواقعية والرقمية، تتوقف على توافر قيمة الأمن، وندرك أن التنمية تقوم على استقرار يرتكز على فلسفته، وغيابه يقوض دون مواربة مجالات النهضة والنماء والرقي في شتى المجالات، والأمر لا يقف عند هذه الحدود، بل، يرتبط بالحالة المجتمعية المتعلقة بالسلوك العام؛ حيث الالتزام الخلقي، وإعمال الفضيلة، وتعزيز منظومة القيم النبيلة، والتمسك بالعادات القويمة؛ ومن ثم يستحيل بناء إنسان داخل وطنه الصغير، المتمثل في أسرته، أو في خضم مؤسسات تربوية وطنية، بعيدًا عن توافر مقومات الشعور بالأمن والأمان والاستقرار؛ فالأولوية لا خلاف حولها وفق منطق العقل الرشيد. ضمان الحقوق، مرهون بتوافر الأمن وأدواته، وحالة الاتزان المجتمعي تتوقف على قناعة الجميع بهذه القيمة العظيمة الأثر، والطمأنينة الفكرية شرط؛ كي تضاعف إنتاجيتها، والتمسك برباط المعتقد والقيام بفضائل الأمور، وتحرى السلوك الإيجابي النافع للفرد ومحيطه، قائم على استقرار يحدث جراء أمانٍ يعزز معدلات الكفاءة، ويحسن صور العلاقات، ويكسب الجسد صحة، ويحمي الفكر من شوارد تضير بالعقيدة، وتؤثر على ماهية الاستقرار النفسي في حياتنا الخاصة والعامة؛ حيث الاضطرابات المسببة لصور الاكتئاب، والقلق، والتوتر، والعصبية، وما يسفر عن ذلك من آثار سلبية، يصعب حصرها. علينا أن نتشارك في تعزيز ماهية الأمن لدى أفراد المجتمع، ونركز على كافة الحقائق والمفاهيم المرتبطة بالصورة الأمنية في إطارها الصحيح، وبالطبع نستعين في هذا الأمر بمؤسساتنا الرسمية المالكة لصحيح البيانات؛ ومن ثم نكون حريصين دومًا على تحديث ما لدينا من أطر معرفية مرتبطة بقضية الأمن؛ كي نواكب الأحداث الجارية، بل، ونستبق مجريات متوقعة قد تنال من مقدراتنا؛ لنصبح على جاهزية في مواجهة التحديات المحدقة بوطننا ومؤسساتنا، واعتقد أن الجميع في صوب المسؤولية تجاه تنمية الوعي الأمني، سواءً من خلال المشاركة في ندوات، أو حوارات، أو محاضرات، أو اجتماعات، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال المؤسسات المعنية ببناء الإنسان، أو غير ذلك من منابر التواصل الرقمية والواقعية. نتمنى أن نقدم محتوى هادف، يعزز فلسفة الوعي الأمني، ويزيد من إطار الفهم العميق، ويغير من المفاهيم الخطأ، التي تحد من مساحة المشاركة في تعزيز الأمن المجتمعي على وجه الخصوص، وأرى أن غرس صحيح المفاهيم، يتوقف على طرائق العرض الجذابة، خاصة أن الجميع صار يلتف حول المحتوى المتفرد في تناوله، ولا يستغرق زمنًا كبيرًا، كما أعتقد أن الربط الوظيفي من خلال أمثلة واقعية، له أثر فاعل في تحقيق الهدف المنشود، فضلاً عن لغة الحوار البناء الراقي الذي يسمح بتبادل وجهات النظر، المحفزة لأفكار نستعين بها في مواجهة المخاطر الأمنية المتجددة؛ كي نصل لسبل الوقاية المنشودة. الرأي العام لا يتقبل السلوكيات التي تسبب خطورة على المجتمع، ويرفض صور الجريمة، ويدعو دومًا لضرورة التصدي لها؛ ومن ثم يلفظ كافة الشائعات التي تروع الأفراد والجماعات؛ لذا ينبغي أن يكون لدينا إيجابية؛ كي نتصدى لما يؤدي إلى إحداث أزمات، أو كوارث؛ نتيجة لتجاهل التعاون مع الجهات المعنية بالأمر، كما أن وعينا الأمني يسهم في تعزيز الانضباط الاجتماعي، والاحترام المتبادل، ما يؤدي إلى تماسك النسيج الوطني، وإلى مزيد من الحماية الداخلية، المحققة لمقومات الأمن القومي.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع. أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر