سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ذات يوم 4 نوفمبر 1922 .. إشارة من الصبى حسين عبدالرسول تنقذ الأثرى الإنجليزى «هوارد كارتر» من اليأس والإحباط وتقوده إلى اكتشاف مقبرة «توت عنخ آمون» التى أبهرت العالم
هرع الصبى حسين عبدالرسول، الذى لم يتجاوز عمره اثنى عشر عاما، إلى الأثرى البريطانى «هوارد كارتر»، قائلا له إنه عثر على درجات سلم تقوده إلى سرداب، فهبط «كارتر» السلم إلى السرداب المسدود بحائط من الطوب ليجد عليه أختاما سليمة للجبانة، وخرطوشا للملك «توت عنخ آمون»، بما يشير إلى أن المقبرة سليمة لم ينهبها اللصوص، حسبما يذكر السفير محمد الشاذلى فى مقاله المطول «المسكوت عنه فى اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبى»، المنشور بمجلة «ذاكرة مصر»، عن «مكتبة اسكندرية، عدد 49، صيف 2022، ضمن ملف عن «مئوية الفرعون الذهبى توت عنخ آمون». يسلط «الشاذلى» الضوء فى مقاله على طاقم العمل الذى أسهم فى الاكتشاف التاريخى لمقبرة «توت عنخ آمون»، ولم ينل الشهرة التى نالها الأثرى «كارتر» وهو الشخصية المحورية للاكتشاف، وكان الصبى حسين عبدالرسول من هؤلاء المجهولين، ويذكر «الشاذلى»، أنه من عائلة «عبدالرسول» بقرية «القرنة» القريبة من الأقصر، وعملت هذه العائلة مع العديد من البعثات الأثرية، وتعود شهرة العائلة إلى محمد عبدالرسول الذى اكتشف خبيئة الدير البحرى عام 1881، وضمت مومياوات أربعين فرعونا من أشهر وأعظم فراعنة مصر، وشقيقه أحمد صاحب اكتشاف خبيئة الكرنك، كما عمل أبوهم مع الأثرى الإيطالى «بلزونى»، مكتشف مقبرة «سيتى الأول»، وهو أول من دخل هرم خفرع فى العصر الحديث، وأول من دخل معبد «أبو سمبل» الذى كان مغمورا بالرمال. يؤكد «الشاذلى»، أن «كارتر» تجاهل حسين عبدالرسول فى مذكراته، ولم نكن لنعرف عنه شيئا لولا صورة له صورها مصور البعثة «هارى بيرتون» مرتديا قلادة ذهبية للملك، ويتتبع «الشاذلى» قصة عمل هذه البعثة، مشيرا إلى أن الأثرى البريطانى «كارتر» كان مفتشا لآثار مصر العليا فى عام 1899 وعمره خمسة وعشرون عاما، فى وقت كانت المنافسة تشتد بين بريطانيا وفرنسا للسيطرة على قطاع الآثار فى مصر، وفى عام 1904 نقل كارتر إلى منصب مفتش آثار مصر السفلى ثم أقيل بعدها بعام ليقضى فترة صعبة يعتمد فيها على بيع بعض اللوحات التى يرسمها، وبيع بعض قطع الأثرية التى حصل عليها، لكن أحواله تغيرت فى عام 1906 حين اختاره المليونير الأمريكى «ثيودور ديفيز» المولع بالآثار ليشرف على حفرياته فى وداى الملوك التى حاز على امتياز التنقيب فيها من الحكومة المصرية عام 1905، واستطاع اكتشاف عدة مقابر، منها مقبرتا «يويا» و«حور محب»، كما عثر على مجموعة أدوات تحنيط خاصة بتوت عنخ آمون رسخت اعتقاده بوجود مقبرة لهذا الملك فى الوادى. يذكر «الشاذلى»، أن «كارتر» و«ديفيز» ظلا يعملان إلى عام 1914 دون التوصل إلى شىء، فقرر «ديفيز» العودة إلى بلاده لتدهور حالته الصحية، ونشوب الحرب العالمية الأولى، لكنه لولعه بالحضارة المصرية القديمة أوصى بدفنه فى وادى الملوك، وتنازل قبل سفره عن امتياز الحفر للورد «كارنارفون»، فانتقل كارتر للعمل مع اللورد، غير أن أعمال الحفر توقفت أربع سنوات بسبب الحرب، ثم عادت فى عام 1918، ولأربع مواسم متتالية لم يتم التوصل إلى شىء، فأصيب اللورد «كارنارفون» بالإحباط، وقرر وقف تمويله لأعمال الحفر شاكيا من كثرة الأموال التى أنفقها، لكن «كارتر» رجاه متوسلا أن يستمر لموسم واحد وأخير، فوافق. وبينما كانت الأوضاع تسير بهذا الإحباط، أرسلت السماء هديتها فى الصبى حسين عبدالرسول الذى هرع بخبر عثوره على درجات سلم تقود إلى سرداب، فهبط كارتر ليرى ما أذهله، وأبرق إلى اللورد «كارنارفون» الذى هرع إلى وادى الملوك، ونزل وابنته مع كارتر إلى المقبرة، ونقبوا الجدار، ونظر «كارتر» على ضوء شمعة إلى الداخل ولما سأله اللورد عما يرى، أجاب: «عجبا». يذكر «الشاذلى»، أنه قبل افتتاح المقبرة وفى حضور المسؤولين المصريين - كما تقضى حقوق الامتياز- دخل كارتر وكارنارفون وابنته المقبرة من خلال ما وصفه بأنه نفق حفره اللصوص فى العصور القديمة، وذكروا أنهم وجدوا لفائف من الكتان بها خواتم ذهبية تركها اللصوص عند فرارهم بعد اكتشاف أمرهم، ويشكك السفير «الشاذلى» فى صحة هذه الرواية مرجحا أنها مختلقة، لأن شرط امتياز الحفر كان ينص على ذهاب المقبرة بالكامل إلى مصر إذا كانت سليمة، ولا يتم اقتسام ما بها، وقد ذكروا هذه الرواية فى محاولة للالتفاف على عقد الامتياز، ويرجح كذلك أن يكون كارتر وكارنارفون أخذا بعض القطع الأثرية أثناء هذه الزيارة. يؤكد الشاذلى، أن العالم استيقظ صباح 4 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1922 على خبر اكتشاف مقبرة الملك «توت عنخ آمون» فى جبانة «وادى الملوك»، ومع نشر صور المقتنيات الملكية وكانت الوحيدة التى سلمت من اقتحام اللصوص ونهبهم، انبهر العالم انبهارا شديدا بما فيها من ذهب وكنوز لم يعثر على مثلها فى مصر، أو فى أى مكان آخر من العالم من قبل.