من منا لم يشعر أحيانًا بالعجز أمام صغاره؟ صراع الآباء مع الأطفال أصبح في زمن الذكاء الاصطناعي أشبه بحلبة ملاكمة غير متكافئة، كل طرف له لغته الخاصة وعالمه المختلف. الأطفال يقضون ساعات طويلة بين شاشات الإنترنت، ويتنقلون بين عالم افتراضي مليء بالصور والأفكار، بينما الآباء ما زالوا يحاولون قراءة لغة الأمس وفهم ألوان اليوم. الفارق الزمني هذا لم يعد مجرد اختلاف في العمر، بل أصبح فجوة عميقة في الفكر والرأي وحتى في المأكل والملبس. في بعض البيوت، تتحول هذه الفجوة إلى صراع مستمر، حلبة لا تهدأ، تشعر معها الأسر وكأنها على حافة انفجار مستمر، الأمر لم يعد مجرد خلافات بسيطة، بل قضية تستدعي التدخل السريع والاهتمام الفوري. الآباء مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يغوصوا في عالم أطفالهم، أن يعرفوا اهتماماتهم، ميولهم وأحلامهم الصغيرة قبل الكبيرة، وأن يسعوا لتقريب المسافات بين عالميهما، فالتقارب الفكري بين الطرفين ليس رفاهية، بل ضرورة حتى لا نفقد التواصل الحقيقي مع أبنائنا. الاهتمام بهذه العلاقة يجب أن يصبح أولوية، لأن حياة الأسرة واستقرارها يعتمد على القدرة على فهم بعضنا البعض، وليس فقط فرض السيطرة أو القواعد، فالذكاء الصناعي قد يغير عالم الأطفال، لكن الذكاء العاطفي والإنساني للأبوين هو الذي يحفظ توازن الأسرة ويقرب القلوب. المسألة ليست مجرد إدارة وقت أو ضبط تصرفات، بل هي فن الحفاظ على الروابط الأسرية في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتبتعد فيه القلوب عن بعضها أحيانًا. علينا أن نحاول أن نكون على مقربة من صغارنا، لنفهم عالمهم قبل أن نفقدهم بين سطور الشاشات.