لا نعرف بالضبط ما إذا كانت الحكومة تتعامل بجدية مع ما تطرحه من إنجازات فى ملفات خدمية أو غيرها، خاصة أن المواطن فى كثير من الأحيان أصبح يتمنى أن يعيش فى ظل الإنجازات التى يسمع عنها فى البيانات والسرديات، بينما الواقع يكذب «الغطاس» والسكان وطلاب الإسكان. أقول هذا بمناسبة اجتماعات رئيس الوزراء الكثيرة التى يعلن فيها إنجازات مهولة فى مجالات البنية والإسكان والتعمير، ويقول إنه ينفذ تعليمات الرئيس السيسى، بينما الواقع أن الملفات التى تم إنجازها فى الأساس هى الملفات التى يتابعها السيد الرئيس بنفسه، وسط انشغالاته، بينما الحكومة منشغلة بالبحث عن الذات والسرديات واللجان والتصريحات التى تجافى الواقع وتتناقض مع الظاهر، مع أرقام لا تسمن ولا تغنى من جوع. على سبيل المثال فإن ماكينات الدعاية الحكومية تنشر صورا وفيديوهات لحدائق ومناظر مبهجة من المدن الجديدة، وهى صور جميلة تصلح ضمن الدعاية السياحية، لكن ما إن ينزل المواطن إلى وسط البلد والإسعاف، وأحياء دار السلام، أو عين شمس، أو حدائق المعادى أو حتى المعادى، حتى يرى الغياب التام للأحياء، وإهمال أبسط حقوق الناس فى الشارع والرصيف، بجانب الشوارع التى يخاصمها الأسفلت، ناهيك عن انفلات مرورى، لتشاهد مثلا التوك توك يسير فى شوارع المعادى عكس الاتجاه، بينما لافتات تحذر من سير الكائن التوك توكى. وطبقا لتقرير الزميلة هند مختار، مدير تحرير «اليوم السابع» فقد عقد رئيس الوزراء، اجتماعا، لمتابعة موقف تنفيذ المشروعات بالمدن الجديدة، والتى تنفذها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بحضور وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ونائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلخ، وحسبما صرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع استعرض «المستجدات لعدد من الموضوعات»، والمحاور المتعلقة بأعمال هيئة المجتمعات ومن بينها الموقف التنفيذى لمشروعات المرافق والبنية الأساسية، بما تتضمنه من مياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء والطرق، بالإضافة إلى مشروعات الإسكان، ومنها المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين»، ومشروعات الإسكان المتوسط، ومشروعات الإسكان الفاخر. ونأتى إلى مربط الفرس، وهو ملف الإسكان الذى تحول إلى أحد أكثر الملفات تلغيزا وغموضا، حيث تتفاخر وزارات الإسكان من أيام المهندس مدبولى، أنها نجحت فى رفع أسعار الإسكان الفاخر والمتوسط، ليصبح بعيدا عن متناول أيدى الطبقات الوسط العليا وما بعدها، وفى مستوى المواطن الملياردير، وأصبحنا نشاهد إعلانات عن «شقة غرفة واحد بعشرة ملايين فقط»، و«لو معاك خمسين مليون تقدر تلاقى فيلا بدور ونص، وشجره مانجة»، ناهيك عن كمية الاتصالات التى تجلد المواطن ليل نهار وتبشره بإمكانية الحصول على شقة بمليون مقدم وقسط «عشر تلاف» فى الساعة، أما الإعلانات عن مشروعات بيت الوطن وسكن الجميع، فهى إعلانات يتقدم لها عشرات الآلاف ويفوز عشرات ويخصم من المتقدمين نسبة معتبرة، فيما يعتبر نوعا من «الاقتباس». طبعا اجتماع رئيس الوزراء حسب ما أعلنه المتحدث والمتكلم، تناول متابعة موقف طروحات الأراضى المختلفة، وموقف طروحات أراضى «بيت الوطن» للمصريين بالخارج، وهو ملف يزدحم بالعراقيل وهناك الكثير مما يتم الإعلان عنه ويتنزع منه معناه، ربما لأن الحكومة تظن أن الشطارة هى جمع أموال، بينما الحكومات دورها تقديم خدمات حقيقية وليس سرديات وهمية. مهما كان الحديث عن الجيل الرابع والخامس، فلا معنى له طالما لا يصب لصالح المواطن المتوسط الذى يمثل أغلبية الشعب المصرى، ولا يفترض أن تكتفى الحكومة بالدعايات والإعلانات على مواقع التواصل، أو أن يتم الحديث عن دهب ياقوت مرجان «أراض سكنية وحدات سكنية وحدات إدارية وتجارية»، فكلها بعيدة عن متناول الناس، وتتداخل فيها رسوم وخصومات وتفاصيل بيروقراطية. وزير الإسكان يتحدث عن الطرح الثانى «إسكان فاخر بالعاصمة والمدن الساحلية»، ولم يعد هناك غير الحديث الفاخر، الذى كان يعتبر متوسطا فى لحظات ما، وأغلب المبادرات لتسهيل التمويل تم إفراغها من مضمونها، وكلها أمور معلومة. الشاهد أن تعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، كانت واضحة توفير مسكن لمن يطلبه، لكن الحكومة أفرغت هذا من مضمونه، ويحتاج ملف الإسكان إلى دراسة من قبل جهات المعلومات بعيدا عن الدعايات والبوستات التى لا تعنى شيئا، خاصة ونحن فى مرحلة دقيقة، يفترض أن تنفذ الحكومة تعليمات الرئيس بالفعل، وليس باللجان والبيانات الدعائية.