"عدالة السماء تنزل على ستاد باليرمو".. عبارة خالدة أطلقها المعلق الكبير الراحل محمود بكر خلال مباراة منتخب مصر أمام هولندا في كأس العالم 1990 بإيطاليا، حين انفرد حسام حسن بالمرمى بعد تخطيه النجم الهولندي رونالد كومان، الذي قام بعرقلته ليحتسب الحكم ركلة جزاء، سجل منها مجدي عبد الغني هدف التعادل التاريخي. في تلك اللحظة، لم يكن حسام حسن مجرد لاعب، بل رمزًا للمقاتل المصري في الملعب، لتبدأ من بلاد منتخب الطواحين أسطورته التي ارتبطت في ذاكرة المصريين بروح الإصرار والتحدي. بعد بطولة مونديال 1990، صار اسم حسام حسن مرادفًا للروح القتالية والعزيمة التي لا تعرف المستحيل، فواصل طريقه حتى أصبح أحد أعظم المهاجمين في تاريخ الكرة المصرية والعربية، ومع شقيقه إبراهيم، شكل التوأمان ثنائيًا استثنائيًا في عالم الساحرة المستديرة، يجمع بين الغيرة على القميص والعطاء بلا حدود، سواء في الأهلي أو الزمالك أو المنتخب، فكانا معًا وجهًا للانتصارات والبطولات، وارتبط اسمهما في ذاكرة الجماهير بالولاء والالتزام. من يتابع رحلة حسام حسن جيدًا، يعلم أنها تُكتب بحروف من ذهب، من مقاتل قاد الفراعنة إلى مونديال 1990 كلاعب، إلى مدرب أعاد الحلم للفريق الوطني، لم تكن الرحلة مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات والضغوط، لكنه بروحه المعروفة وعزيمته الصلبة أعاد روح المنتخب ووحد الجماهير خلف راية واحدة. مع التأهل إلى مونديال 2026، يثبت العميد أنه لم يكن يومًا مجرد اسم في تاريخ الكرة المصرية، بل أسطورة من طراز خاص عاش للتحدي، وعاد ليكتب فصلًا جديدًا في مجد الكرة المصرية. قصة حسام حسن ليست مجرد مشوار تدريبي ناجح، بل هي حكاية إصرار على تحقيق الحلم رغم كل العقبات، فبعد محاولات عديدة لقيادة المنتخب لم تكتمل في الماضي، ظل الإصرار يسكنه، حتى جاءت لحظة الإنصاف ليقود الفراعنة إلى المونديال، ويؤكد أن الحلم لا يموت بل يتأخر حتى ينضج، إنها عدالة السماء من نوع آخر، ومكافأة لصبر وإيمان دام عقودًا طويلة. اليوم يرى المصريون النسخة الحقيقية من حسام حسن، النسخة التي أحبوها منذ الطفولة، اللاعب الذي عشق الكرة فعشقته، وأعطته من المجد والشهرة ما يحلم به كل طامح، فمسيرته كانت مليئة بالصراعات، ولم يسلم من الانتقادات، لكنه ظل مؤمنًا بأن حب الجماهير ونتائج الميدان هما الرهان الحقيقي على النجاح. حسام حسن معروف بطبعه الحماسي ودمه الحامي، لكنه في جوهره نموذج للروح المصرية التي لا تعرف الهزيمة، هو عنوان التحدي، ورمز البساطة، وأيقونة من أيقونات الكرة المصرية التي لا تنكسر، وبعد أن قاد المنتخب إلى المونديال، يضع أمام عينيه هدفًا جديدًا يتمثل في إعادة بريق الكرة المصرية، وإضافة النجمة الثامنة لبطولة أمم أفريقيا المقبلة في المغرب إلى خزائن المنتخب الوطني. لا يمكن الحديث عن حسام حسن دون التذكير برقم خالد في تاريخه، كأكبر لاعب يسجل هدفًا في تاريخ كأس الأمم الإفريقية بعمر 39 عامًا و174 يومًا، خلال فوز مصر على الكونغو الديمقراطية في عام 2006، فهو رقم يلخص مسيرته كلها: لا يعرف الاستسلام، ولا يعتزل الحلم. الخلاصة تقول: حسام حسن ليس مجرد مدرب قاد منتخب مصر إلى المونديال، بل هو قصة وطنية عن الإصرار والإيمان والعودة بعد الانكسار، هو مرآة لجيل كامل تعلم أن لا مستحيل في قاموس المصريين، وسيبقى اسمه شاهدًا على أن المجد لا يأتي صدفة، بل يصنعه أصحاب الإرادة الذين لا يتراجعون أمام أي تحدٍ. "هات أحلامنا مع منتخب مصر.. كمان وكمان يا عميد".