لم تكن مصر يوما إلا سندا لأشقائها العرب، وداعما القضايا العربية، ومدافعا عن مقدساتهم وحقوقهم التاريخية، غير أن بعض الأصوات المأجورة، التي تحركها أموال خارجية وأجندات مشبوهة، تسعى اليوم لتشويه هذا الدور الراسخ وضرب العلاقة التاريخية بين الشعوب العربية، ولعل التظاهرات التي خرجت مؤخرا في محيط المسجد الأموي بدمشق خير مثال على ذلك. إن تحويل مسجد بحجم وقدسية المسجد الأموي، وهو منارة حضارية وروحية في قلب الأمة الإسلامية، إلى منصة للهجوم على مصر وقيادتها وجيشها وشعبها، لا يمثل مطلقا الشعب السوري الشقيق، الذي تربطه بمصر روابط الدم والمصير المشترك، وإنما يعبر عن قلة محدودة مأجورة تسعى لخدمة أجندة إسرائيلية تهدف بالأساس إلى ضرب وحدة الصف العربي وتشتيت الجهود عن القضية الفلسطينية. لقد كانت مصر، ولا تزال تتحمل العبء الأكبر في الدفاع عن غزة وشعبها الصامد، فهي من فتحت معبر رفح في أصعب الظروف لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، وهي من قادت ولا تزال تقود التحركات الدبلوماسية المكثفة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي ورفع المعاناة عن أهلنا في فلسطين، وإنه لمن المؤسف أن يقابل هذا الدور القومي العظيم بحملات تشويه مدفوعة الثمن، بدلا من أن تكون هناك أصوات عربية متوحدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات المتكررة على سوريا ولبنان وغزة. إن استهداف مصر اليوم لم يأتِ من فراغ، فالدور الذي تقوم به الدولة المصرية بقيادة سياسية وطنية واعية، أصبح حجر عثرة أمام مخططات تقسيم المنطقة وإنهاك شعوبها، ومن هنا جاءت الحملات البائسة التي لا تهدف إلا إلى النيل من صلابة الدولة المصرية وتشويه صورتها أمام شعوب الأمة. وأنا أؤكد هنا أن هذه المحاولات ستبوء جميعها بالفشل، لأن مصر التي واجهت التحديات الكبرى منذ عقود، ستظل ثابتة على مبادئها القومية، مدافعة عن قضايا أمتها العربية، حامية لوحدتها، ودرعا صلبا يصد كل المؤامرات. إن الطريق الصحيح أمام كل من يسعى حقا للدفاع عن قضايا العرب، يبدأ من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في الجولان وفلسطين، وليس من التهجم على مصر، فمصر ستبقى برغم التشويه والحملات الممولة هي السند الأول لغزة، والداعم الحقيقي للشعب السوري الشقيق، والدرع الواقي للأمة العربية كلها.