نستكمل تعليقنا (حسن النية) على بيان الشركة القابضة التي عين كل أعضاءها السيد وزير الثقافة (فنان الرسوم المتحركة القادم إلى الوزارة من جامعة الجلالة ليتولي أكبر منصب ثقافي في أهم دولة بالعالم العربي). البيان يتحدث عن (تحفيز) الانتاج..وبصرف النظر عن ضبابية الكلمة فاعتقد أن السينمائيين المصريين لا يريدون – بعد تجربة القطاع العام للسينما في الستينات والسبعينات – أن يكرروا التجربة في ظل مناخ معاد للثقافة وسيطرة كاملة لذوق تجاري أفرزته سنوات من الإنهيار لكن ليس معنى ذلك إنصراف الدولة بالكامل عن دعم الصناعة (بوضوح وشفافية) بعيدا عن كلمات جوفاء مثل (تحفيز) وغيرها. أساليب الدعم يعرفها الجميع وتم إعلانها أكثر من من مرة عبر مؤتمرات للسينمائيين المصريين واجماعات للجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة وأذكر أن المرة الأخيرة التي تم دعم السينما المتميزة بها كانت من خلال مسابقة شفافة أقامها المركز القومي للسنيما الذي شرفت برئاسته لعام واحد سنة12 20 واسفرت هذه المسابقة عن دعم عدد 36 فيلما بين روائي طويل وقصير وتسجيلي وتحريك وحتى دعم آخر الأفلام التي صورها المخرج الكبير شادي عبدالسلام قبل رحيله وكانت تكلفة دعم هذه الأفلام جميعاً 16 مليون جنيه مصري.. دعما من وزارة المالية المصرية. ولكن دعم الدولة للسينما أمر أوسع كثيرا من مجرد منحة مالية للأفلام وقد تحدثنا كثيرا عن: 1- تشجيع بناء دور عرض في الاحياء والمدن الصغيرة في كل ربوع مصر وإعفاءها ضريبيا في سنواتها الأولى لكي تتمكن من إتاحة تذكرة في متناول الأسرة المصرية البسيطة بما يخلق جمهوراً واسعاً للصناعة يساهم في إزدهارها.. وسبق أن أقترحنا أن تفتح القصور المغلقة والخرابات المهملة وحتى قصور الثقافة (وهو الأمر الذي حدث بشكل جزئي حتى تم تخريبه بواسطة الموظفين لعدم دراسة فكرة الإستدامة التي اقترحنا أن تتم بالتعاون مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وليس موظفي الوزارة غير المتحمسين سوي لمصالحهم الضيقة. 2- مراجعة السياسة الضريبية التي تحمل الصناعة فوق طاقتها وتمثل سلوكا طاردا للمنتج الفرد. 3- معاملة صناعة السينما بشكل اكثر إدراكا لوظيفتها المجتمعيه وإلغاء او تخفيف الرسوم المتنوعة والعجيبة على التصوير في الشوارع والمدارس والمطارات والأماكن الأثرية والتأسي بتجربة المغرب في اجتذاب السينما العالمية للتصوير على أرضه بما منح خزانة الدولة مليارات الدولارات عبر سياسة تفضيلية ومرنة متخلصه من قيود البيروقراطية والتوجس الأمني. 4- تخفيف القيود الرقابية الصارمة السائدة التي تحد من الإبداع عبر إتاحة المنع (ومنذ مرحلة الكتابة) لعدة أجهزة ومؤسسات ونقابات وغيرهم بما لا يدع أي هامش حقيقي لحرية التعبير والإبداع.. إلخ. طبعاً نحن نعلم أن الشركة القابضة ليست مسئولة عن كل ذلك ولكن موضوع (التحفيز) هو الذي دعانا إلى مناقشة مفهوم الدعم الحقيقي وتنوع وسائلة أما الموضوع الأكثر غرابة في البيان كله فهو نقطة: دعم صناع المحتوي المحلي.. هل تفهمون ما فهمته..؟! هل يعني ذلك دعم بعض البلوجرز وصانعي التيك توك على وسائل التواصل؟ وما علاقة وزارة الثقافة والشركة القابضة بذلك؟! ربما نجد إجابة على تساؤلنا في أي مستقبل قريب. أما مسألة (رؤية) وزارة الثقافة فلا نصدق أنها تمتلكها من الأساس ولم يحاول الوزير منذ تولية أن يجتمع بأي عدد من خبراء الصناعة لمناقشة المشاكل حتى يطور (رؤيته) المزعومة.. لم يحدث هذا على مستوي السينما أو المسرح أو الكتاب أو حتى السيرك القومي. ملحوظة أخيرة: كنت ذاهباً لصديق على طريق الكورنيش ومررت بالمساحة الهائلة التي يشغلها مسرح البالون والسامر والسيرك ومسارح أخرى لا تعمل وقد هالتنا ضخامة المساحة المهملة.. وكنت قد قرأت حديثا لرئيس الوزراء بأن الحكومة سوف تتولى هذه المساحات غير المستغلة أو سيئة الاستغلال ورأيتني أوافقة تماماً فهذه المسارح يمكن أن تكون أجمل وأكثر فعالية في أي مكان آخر وضمن مساحات أصغر و أن تترك (النيل) لاستثمارات الحكومة !! ولكن بشرط ألا يتم البيع قبل تجهيز البديل الكفؤ والعصري الذي يحترم عقول الناس والذي يقدر تنامي إحتياجاتهم للفن والثقافة مثل الطعام تماماً.
قبل البيع.. توفير البديل المناسب والعصري لشعب يتزايد عدداً وطاقة.. والأهم رغبة حقيقية في التخفيف عن الناس والإحساس بمعاناتهم على جميع المستويات.