فيديو.. رئيس قناة السويس: ندرس تجديد حافز ال15% للسفن وخفض تكاليف التأمين    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    ستارمر: بريطانيا ستزود أوكرانيا بمزيد من صواريخ الدفاع الجوي    6 حكام مصريين في كأس أمم أفريقيا 2025    هاري كين ينفي تفاوضه مع برشلونة    "الوطنية للإعلام" تُصدر قرارًا بتكليف عدد من قيادات ماسبيرو    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    ضبط محاولات التزوير في انتخابات مجلس النواب بالغربية    إقبال كثيف على انتخابات مجلس النواب في الجمالية وباب الشعرية    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    تداول فيديو لشاب يوزع المال لشراء أصوات الناخبين بالشرقية    اكسترا نيوز: الإسماعيلية تحقق نسب مشاركة قياسية في انتخابات النواب 2025    يلا شوت بث مباشر.. الهلال × الشرطة العراقي على تويتر بث مباشر مجانًا دون تشفير أو اشتراك | دوري أبطال آسيا 2025-2026    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    الأزهر للفتوي: التهديد بنشر خصوصيات طرفي الحياة الزوجية.. جريمة دينية    النصر يختار أبو ظبي لمعسكره خلال كأس العرب    بعد انتهاء ساعة الراحة.. استئناف التصويت بمدينة 15 مايو فى انتخابات النواب    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    من فيلم "السادة الأفاضل".. الحاجة نبيلة تغني "بره هالله هالله" بتوقيع أحمد زعيم    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    الأوقاف تحتفل باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.. والأزهري: رسالة تقدير وتعظيم لدورها ومكانتها    "الصحة" تكشف حقيقة ظهور متحور جديد لفيروس كورونا    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    استئناف التصويت بعد انتهاء استراحة القضاة وتزايد حضور الناخبين أمام لجان القصر العيني    إعلامي يكشف عن رحيل 6 لاعبين جدد من الزمالك    تأجيل محاكمة 24 متهما بخلية مدينة نصر    موقف إدارة ريال مدريد من رحيل ألونسو بعد تراجع النتائج    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة للقابضة للأدوية لاعتماد نتائج أعمال العام المالي 2024-2025    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: انتظام العملية الانتخابية وسط إقبال متزايد    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    أمن المنافذ يضبط 66 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    محافظ الجيزة: تطوير عيادات الصف والبدرشين وروز اليوسف والبراجيل ومركز كُلى البطران    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    الداخلية تضبط 3 متهمين بجرائم سرقات متنوعة في القاهرة    مراسلة إكسترا نيوز بدمياط: تنظيم وانسيابية فى اليوم الثانى لانتخابات النواب    تكريم عمار الشريعي بلمسة أوركسترا بريطانية    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    لاعب إيفرتون: مشادة جانا جاي مع كين كانت لحظة جنون.. وهذا ما حدث في الاستراحة    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    انسيابية عالية وإقبال كثيف.. الشباب والمرأة يتصدرون المشهد في القليوبية | فيديو    مجلس حكماء المسلمين يدعو لتعزيز الوعي بحقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني في غزة مع قصف مدفعي شرق خان يونس    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    شراكة استراتيجية بين "سان جود" الأمريكية و"اورام الأقصر" لخدمة أطفال الصعيد    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"شيزوفرينيا" أمريكية.. وأعراض الشيخوخة الدولية
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 09 - 2025

على الرغم من كونها حدث سنوي، إلا أن قمة منظمة شنغهاي للتعاون حظت بحالة من الزخم الكبير في نسختها الأخيرة، والتي عقدت الأسبوع الماضي، في الصين، في ظل الحضور الكبير واللافت لزعماء بارزين، من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء الهند نياندرا مودي، ورئيس تركيا رجب طيب أردوغان، ناهيك عن الحضور الملفت لزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، والذي يبقى ظهوره خلال القمة، أو على هامشها حدثا بارزا، ليس فقط لأنها الحدث الأول من نوعه الذي انعقد خارج بيونج يانج ويشارك به، وإنما أيضا لأن بلاده ليست عضوا في المنظمة من الأساس، وهو ما أثار التساؤلات حول أسباب حضوره، بل ودفع الرئيس ترامب نحو الحديث عما أسماه "مؤامرة ثلاثية"، بين الصين وكوريا الشمالية وروسيا.
ولكن بعيدا عن حديث المؤامرة، وما أثاره حضور الزعيم في القمة، يبدو حضور الهند وتمثيلها من قبل رئيس الوزراء، وهو أعلى مستوى تمثيل، ولقاءه مع الرئيس الصيني شى جين بينج، من المفارقات المهمة، خاصة مع التنافس الكبير بين بكين ونيودلهي، ومحاولات واشنطن لاستقطاب الهند، في إطار الصراع مع الصين، ليصبح وجود مودي بين الزعماء في مدينة تيانجين الصينية، مثيرا للتساؤلات، حول ما إذا كانت الهند آثرت الشراكة مع الصين على حساب التحالف مع الولايات المتحدة، خاصة وأن صعود الدور الذي تقوم به تلك المنظمات، يمثل تهديدا مباشرا للغرب، أو بالأحرى للقيادة الأمريكية للعالم، في ضوء تراجع الدور الذي تقوم به المنظمات التي تحظى بهيمنة الولايات المتحدة، منذ عقود، وعلى رأسها الأمم المتحدة.
الحضور الهندي في قمة شنغهاي، يعكس نجاعة النهج القائم على الشراكة، ليس في إنهاء الخلافات، وحل الأزمات، بين الدول، وإنما في احتوائها، بحيث تبقى تحت السيطرة، عند مستوى معين، دون تصعيد، خاصة مع تراجع الدور الذي تلعبه التحالفات في صورتها التقليدية، خاصة وأن الأخيرة تقوم في الأساس على العمل تحت قيادة موحدة، وهو الأمر الذي يبدو متعارضا إلى حد كبير مع طموحات العديد من القوى الدولية والإقليمية، في الآونة الأخيرة، والتي تسعى بصورة كبيرة نحو المشاركة في صناعة القرار الدولي، وصياغة مستقبل أقاليمها الجغرافية، وبالتالي لم تعد فكرة الدوران في فلك معين، حتى وإن كان الفلك الأمريكي نفسه، مقبولة خاصة من قبل القوى الصاعدة، وعلى رأسها الهند.
الشراكة على النطاق الإقليمي ليست بالنهج الجديد تماما، فقد سبق للعديد من القوى البارزة في عدة مناطق جغرافية وأن تبنته، وهو ما يبدو واضحا في الرؤية التي اعتمدتها الدبلوماسية المصرية، في السنوات الماضية، عبر شراكات داخل أقاليمها، وأخرى تجاوزت الجغرافيا التقليدية، وهو ما يعكس إدراكا واضحا بالتغيير الكبير الذي تشهده قواعد العلاقات الدولية خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع خفوت النجم الأمريكي، وصعود قوى أخرى منافسة له، تسعى لمزاحمة واشنطن على عرش النظام الدولي.
وبالعودة إلى حديث الرئيس ترامب عن المؤامرة، في إشارة إلى اللقاء الثلاثي بين زعماء روسيا والصين وكوريا الشمالية، نجد أن ثمة حالة من الغياب عن الواقع الدولي، بالإضافة إلى كونه يمثل ما يمكننا تسميته ب"الشيزوفرينيا" السياسية، فالرجل يرغب في تركيع حلفائه، وتقويض الأدوات الأمريكية، التي طالما ساهمت في تعزيز قيادتها للعالم، بينما يصف تقارب القوى الأخرى وشراكاتها القائمة على تعزيز المصالح المشتركة، على أساس نهج "الند بالند" بالمؤامرة، ناهيك عن كون الوصف نفسه متعارضا مع تقاليد السياسة الأمريكية، والتي تظهر دائما في صورة الطرف القوي الذي يملك زمام العالم، وبالتالي لا تقوى أي أطراف أخرى على التآمر عليه.
"الشيزوفرينيا" الأمريكية تمتد إلى المخاوف من صعود تنظيمات دولية مناهضة لها ولمصالحها، سواء كانت شنغهاي أو بريكس، والتي طالتها تهديدات الرئيس ترامب عدة مرات، خلال حملته الانتخابية في العام الماضي، بينما يقوم بنفسه بإضعاف المنظمات التي شرعنت سياسات بلاده وقراراتها الدولية لعقود، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وهو ما يبدو في انسحاباته المتواترة من المنظمات التابعة لها، ومنها اليونيسكو ومجلس حقوق الإنسان، وغيرهما، بل وتهديداته بالانسحاب من الأمم المتحدة، بينما كان قرار إدارته بحرمان الوفد الفلسطيني المشارك باجتماعات الجمعية العامة من تأشيرات دخول الولايات المتحدة، بمثابة ضربة قاصمة للمنظمة الدولية الأكبر، خاصة وأنه يقوض مصداقيتها، ويحرمها من أحقيتها في مناقشة أبرز القضايا العالمية، في اللحظة الراهنة، خاصة مع اقتراب العدوان على قطاع غزة من إتمام عامه الثاني.
الحديث الأمريكي عن "المؤامرة" يتعارض مع سياسات التضييق على الحلفاء، والتي وضعت حليف، على غرار الهند، جنبا إلى جنب مع خصم تاريخي ككوريا الشمالية، على نفس المائدة، وهو نفس المأزق الذي تعانيه واشنطن، عندما تتحدث عن "صناعة السلام" بينما تتجاهل تحقيق العدالة الدولية، وهي كلها أعراض "شيزوفرينيا" سياسية، ربما تبدو من علامات "الشيخوخة" الدولية، إن جاز التعبير.
وهنا يمكننا القول بأن القمة الأخيرة لمنظمة شنغهاي للتعاون لم تكن مجرد اجتماع سنوي للقادة، بل عرض حي لتغير موازين القوى في العالم، فحضور كوريا الشمالية والهند جنبًا إلى جنب مع روسيا والصين يوضح أن القوى الصاعدة بدأت تشق طريقها في صياغة مستقبل النظام الدولي، بعيدًا عن الهيمنة الغربية التقليدية، فما يحدث ليس مجرد صراع نفوذ، بل تحول حقيقي في قواعد اللعبة، حيث لم تعد المنظمات الإقليمية مجرد أدوات ثانوية، بل أصبحت منصات لإدارة الأزمات، واحتواء النزاعات، وفرض الشراكات الاستراتيجية على أسس "الند بالند". في هذا المشهد، تبدو القيادة الأمريكية تواجه اختبارًا وجوديًا، حيث لا يمكنها فرض إرادتها كما اعتادت، ولا يمكنها تجاهل صعود لاعبين جدد يملكون القدرة على إعادة تشكيل المصالح والتحالفات الدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.