لا يمكن لأي ادارة إعلامية أن تنجح في أداء مهماتها للتطوير والإبداع إلا إذا كانت الخطوة الأولى هي التخطيط الجيد الفعال الواعي للمرحلة وأدواتها، وكيفية تحقيق الإنجازات من خلال الإعلام وأستخدامه الرشيد. من الثابت أن للتخطيط أهمية كبيرة في تحقيق الأهداف المرجوة من أي عمل تنموي، فإنه من الضرورة تفعيل دور للتخطيط الإعلامي برؤية 2030 في ضوء أهداف التنمية سعيا إلى تطبيق ذلك في أداء الإعلام، وصولا إلى تحقيق أهداف التنمية لصالح المواطن.. فمن غير التخطيط يصبح الأداء الإعلامي عشوائيا وغير منجز لما نريده من أهداف. ويعد التخطيط أحد أساسيات العصر الحديث للنجاح في بلوغ الأهداف، فهو يهتم بالوسائل التي تمكن من بلوغ الهدف على أسس علمية صحيحة استناداً إلى الدراسات العلمية والإحصاءات والبيانات الدقيقة والتجارب السابقة التي تؤدي إلى كشف المشكلات المتوقعة وإيجاد الحلول السلمية لها قبل تفاقمها. وغالبا ما يعد التخطيط الوظيفة الاولى من وظائف الادارة، فهو القاعدة التى تقوم عليها الوظائف الإدارية الاخرى، والتخطيط عملية مستمرة تتضمن طريقة سير الأمور للإجابة عن كثير من الأسئلة مثل يجب أن نفعل؟، ومن يقوم به؟، وأين؟، ومتى؟، وكيف؟، ونشاط التخطيط يمكننا من تحديد الأنشطة التنظيمية اللازمة لتحقيق الأهداف . إذن فإن التخطيط من الوظائف القيادية والمهمة في الإدارة الإعلامية العامة والتي يقع على عاتق القيادة الإدارية وجوب النهوض به كوظيفة أساسية تختص بها الإدارة العليا ولا تنتهي هذه الوظيفة إلا بتحقيق الهدف عن طريق نشاطات الإدارة التي تعمل على تنفيذ الخطة. كما يعد التخطيط مفهوما حديثا نسبيا لجأ إليه الإنسان الواعي محاولا تجنب ما لا يرغب وتحقيق مصالحه ودفعه إلى اتخاذ إجراءات ووضع مخططات مسبقة تمكنه من الوصول إلى غاياته مستقبلا، لذا فإن التوجّه للتخطيط العلمي أصبح ميزة من ميزات عصرنا الحاضر مثلما أصبح سمة مميزة للإنسان الحديث. وقد اهتم الكثير من العلماء في مجال الإرادة الإعلامية بمفهوم التخطيط وهو ما دفع العديد من الباحثين الى تقديم تعريفات وتحديد مفاهيم مختلفة للتخطيط منطلقين من اهتماماتهم وطبيعة اختصاصاتهم والوظائف التي يؤديها التخطيط. - باعتباره التنبؤ بالمستقبل والاستعداد له" وهو يقوم على هدف أو أهداف مستقبلية محددة يراد تحقيقها عن طريق التنبؤ بالمستقبل وهو يتنافى مع العشوائية ويعني الاستعداد والإعداد للأمر. فالتخطيط هو "جمع المعلومات التي تساعد على تحديد الاعمال الضرورية لتحقيق النتائج والاهداف المرغوب فيها"، عن طريق وضع مجموعة من الافتراضات حول الوضع في المستقبل، ومن ثم وضع خطة تبين الاهداف المطلوب تحقيقها خلال فترة محددة، والإمكانات الواجب توافرها لتحقيق هذه الاهداف، وكيفية استخدام هذه الامكانات بالكفاءة والفعالية المطلوبة. لا شك أنّ التخطيط المدروس أساس العمل الناجح والإدارة البارعة هي التي تتمتع بتخطيط حكيم يوازن بين الإمكانات المتاحة والطموحات.. ولكي يكون التخطيط أكثر منطقية واعتدال لابدّ وإن يعرف المخططون أهدافهم المنشودة بشكل واضح ودقيق. والتخطيط الإعلامي لا يختلف من حيث الأسس والمنطلقات العامة، ولكنه يتميز بسمات محددة، تنطلق من خصوصية العملية الاعلامية نفسها. وقد أصبحت ظاهرة التخطيط الإعلامي من مقتضيات التنمية وينبغي أن تكون جزءا من الخطط الشاملة للدولة، وأن يكون هناك اهتمام بالتخطيط في قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا والإنتاج والإعلام الخارجي وهو تخطيط يتماشى مع استراتيجية الدولة. باعتبار أن التخطيط الإعلامي هو: توظيف الإمكانيات المادية والبشرية والإعلامية من أجل تحقيق أهداف معينة، وهو يسعى إلى اتخاذ التدابير العملية للاستفادة المثلى من الامكانات والقوى والكفاءات الاعلامية المتاحة لتحقيق أهداف واضحة معينة مستقبلية في إطار سياسة إعلامية محددة وباستخدام خطط إعلامية متكاملة يجري تنفيذها تنفيذا فاعلا بأجهزة إدارية وتنظيمية قادرة. فهو توظيف الإمكانات البشرية والمادية المتاحة أو التي يمكن أن تتاح خلال سنوات الخطة من أجل تحقيق أهداف معينة في أطار السياسة الإعلامية أو الاتصالية مع الاستخدام الأمثل لهذه الإمكانيات." وهو توظيف يعني الاستفادة من كل ما هو متاح من إمكانيات بشرية ومادية. حيث أن النوعين أهما أسس التخطيط الإعلامي السليم حيث لا يمكن الاعتماد على أحدهما دون الآخر. وعدم قصر النظرة على الإمكانيات المتوافرة حالياً، وانما التطلع والبحث والتخطيط للاستفادة مما سيتم توفيره أو المتوقع اتاحته من هذه الموارد مستقبلاً انطلاقا من النظرة المستقبلية للتخطيط. مع الإشارة إلى الأهداف الإعلامية التي تسعى كل خطة إلى تحقيقها وربطها بالسياسة الاتصالية والإعلامية التي توضع في ضوئها هذه الأهداف وتسعى وسائل الإعلام إلى تنفيذها. باعتبار أن إحدى سمات التخطيط تقليل النشاط العشوائي. وعليه فيمكن القول إن التخطيط الإعلامي ليس مضيعة للوقت مهما بذل من جهد بل إنه على العكس يوفر الوقت الكثير الذي يمكن إن يضيع في حالة مواجهة مواقف دون وجود خطة اعلامية لمواجهتها وما يحمله ذلك من ارتباك وتردد قد يؤدى إلى تدمير العمل كله أو تقليل فرص نجاحه، لذلك فإن وضع الخطة الإعلامية هو الضمان للاستمرار، مادام الأشخاص يتغيرون، فوجود الخطة يضمن استمرار العمل، ويؤكد فعالية الجهود وتوجيهها في الاتجاه السليم، وتحقيق أقصى استفادة منها، فالتخطيط يتعلق دائما بالمستقبل ويعتمد على التوقع بما ستكون عليه الأوضاع والظروف مستقبلا، ولذلك فالتخطيط يعتبر عملية صعبة محفوفة بالمخاطر ويجب مراعاة عدة أسس واعتبارات من المهم القيام بها لضمان نجاحها في التوصيل إلى خطة واقعية وجيدة من أجل تطوير أداء الإعلام لتحقيق التنمية المجتمعية الشاملة . ويجب علي جميع مؤسسات الدولة أن تتبني منهجا للتخطيط الإعلامي في جميع قطاعاتها ووزارتها ومؤسساتها وأن تنشئ إدارات خاصة بمهمة التخطيط الاعلامي تكون وظيفتها هي وضع الخطط الاعلامية علي فترات زمنية ممتدة بأهداف واضحة مستمدة من رؤية 2030 بشكل استراتيجي وإجرائي يتم فيه رصد جميع الأهداف التنموية مع الانجازات المتحققة في مسيرة الجمهورية الجديدة حتي يستطيع الإعلام أن يقوم بدوره الحقيقي في دعم مسيرة البناء والتنمية في وطننا الغالي.