فى عصر الإعلام الرقمى وتدفق المعلومات، لم يعد الأمن القومى مرتبطًا فقط بالقدرات العسكرية أو الاقتصادية، بل أصبح مرهونًا بالقدرة على إدارة المعلومات، مواجهة الشائعات، وتحصين وعى المواطن. وهنا يبرز مفهوم التربية الإعلامية باعتباره خط الدفاع الأول لمجتمع واعٍ قادر على التمييز بين الحقيقة والزيف، ومساند لمؤسسات الدولة فى مواجهة حروب الجيل الرابع والخامس. التحديات الراهنة 1. انتشار الأخبار المضللة: كثافة المحتوى غير الموثوق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 2. غياب الوعى الإعلامى لدى الشباب: الاعتماد على مصادر سطحية دون تحقق من المصداقية. 3. استغلال الفجوة الرقمية: من قبل جماعات مغرضة للتأثير على الرأى العام وزرع الشك فى مؤسسات الدولة. 4. ضعف الخطاب الإعلامى الرسمي: الذى يعتمد أحيانًا على التلقين أكثر من الإقناع والمشاركة. مقترحات عملية لتعزيز التربية الإعلامية 1. إدماج التربية الإعلامية فى المناهج التعليمية • إدراج وحدات مبسطة فى المدارس والجامعات تُعلّم الطلاب كيفية تحليل الأخبار، والتحقق من المصادر، وفهم آليات التضليل الإعلامي. • تخصيص مادة اختيارية فى المرحلة الجامعية تحت عنوان "التربية الإعلامية والأمن القومي". 2. برامج تدريبية للشباب والإعلاميين • تنظيم ورش عمل فى مراكز الشباب والجامعات لتعريف المشاركين بخطورة الإعلام الموجه، وآليات مقاومته. • إعداد برامج تدريبية للإعلاميين أنفسهم حول كيفية مواجهة الشائعات بالحقائق بأسلوب عصرى جاذب. 3. إنشاء منصات وطنية للتحقق من الأخبار • إطلاق منصة حكومية-مدنية مشتركة للتحقق من الأخبار المتداولة على وسائل التواصل، على أن تُدار بشفافية وتحديث لحظي. • ربط المنصة بحسابات رسمية على فيس بوك وإكس وتيك توك لتصل للشباب مباشرة. 4. حملات توعية إعلامية مبتكرة • إنتاج محتوى قصير بصيغة شبابية (فيديوهات – رسوم متحركة – بودكاست) يوضح كيفية كشف الأخبار المزيفة. • التعاون مع مؤثرين على السوشيال ميديا لنشر الوعى الإعلامى بدلًا من ترك الساحة لغير المؤهلين. الخلاصة: إن التربية الإعلامية لم تعد رفاهية فكرية، بل هى ضرورة استراتيجية لتعزيز الأمن القومى المصري. فالمواطن الواعى هو القادر على حماية نفسه ودولته من التضليل الإعلامى، وهو الشريك الحقيقى للدولة فى مواجهة التحديات. وإذا استطاعت مصر أن تجعل التربية الإعلامية جزءًا من ثقافة المجتمع، فإنها ستنجح فى بناء جبهة داخلية متماسكة، عصية على الاختراق، وقادرة على دعم مكانتها كدولة رائدة فى المنطقة.