يقول الفريق محمد فوزى، وزير الحربية المصري الأسبق، في إحدى لقاءاته المسجلة، بأن الجندى المصرى الذى قام بمعركة رأس العش، بعد 20 يوما من وقف اطلاق النار في 1967، هو نفس الجندى، بنفس السلاح، بنفس الظروف الأرضية الطبوغرافية، لكن توفر لديه شيئا جديدا وهو " إرادة القتال"، وهى الحالة التي كان يبحث عنها الجيش المصرى حينها، فرغم الانسحاب الخاطئ الصادر في أعقاب يونيو 1967، إلا أن قوة صغيرة توفرت لديها إرادة القتال، كما توفر فى محيطها " إدارة القتال" من قيادة عسكرية منتبهة لما يحدث، فتحقق لها الغاية المطلوبة، وخلدت اسمها في التاريخ العسكرى المصرى المشرف. إذا ما بين إرادة القتال، وإدارته، هناك بيئة تم العمل فيها، وتطويرها، وتغذيتها بالوعى السليم، فاستطاعت قوة صغيرة أن تواجه القوة المعادية، وتهزمها وتحقق الغاية، وهو النمط الذى يذهب بنا للأوضاع الحالية مباشرة في ظل التدافعات الإقليمية المتلاحقة، ما بعد 2011، وذروتها ما بعد 7 أكتوبر 2023، حيث ظن الجانب الإسرائيلي بأنه قادر على " تسيد الأمور" ساعده في ذلك استطالة أمد المعركة، دون ردع دولى مقابل، فتمادى الأمر، وفتح في المواجهات حتى وصلت إلى 7 أو 8 جبهات في وقت واحد، وهى غزة والضفة، وجنوب لبنان، وسوريا، واليمن، وإيران، وأحيانا العراق، غير اختراقات أخرى غير معلومة حتى الان، وهو في شهوته المتصاعدة، يتغافل أنه استطاع إدارة قتاله فعلا، لكنه لم يكسر إرادة القتال لدى الأطراف المواجهة له حتى الآن، فمابالنا حينما يواجه سياق نظامى، أو قدرة مؤسسية حقيقية!!. وتماشيا مع السياق السابق، فقد تابعت وقائع المشروع الاستراتيجى التعبوى التخصصى لهيئة الاستخبارات العسكرية المصرية، والذى حضره وزير الدفاع والإنتاج الحربى الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة، والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وتحدث فيه اللواء أركان حرب شريف فكرى رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، في جمع من الحضور يدل على مدى أهمية ذلك الحدث على كافة المستويات، والذى بدأ بكلمة للرئيس عبد الفتاح السيسى، تحدث فيها عن الأمن القومى المصرى باعتباره خطا أحمر، مع مشاهد من قدرة الجيش المصرى في معظم أسلحته تقريبا. وقد شاهدت الفيديو عدة مرات، وفى عقلى يتردد كلمة واحد ذكرها الفريق فوزى " إرادة القتال"، وقد كانت الرسائل في ذلك الحدث عظيمة للغاية، ومباشرة وبكل وضوح، وأهمها أن مصر تمتلك القدرة على إدارة القتال، ولديها القدرة أيضا على تفعيل " إرادة القتال" في لحظة، كما أن ضباط الجيش المصرى وصف ضباطه، وجنوده، وكافة إداراته وهيئاته، وملحقاته، على قدر من المسئولية التاريخية والقدرة العسكرية والمعرفية، ما يمكنهم أن يحافظوا على مصر وسيادتها الوطنية، حتى لو لم يستوعب ذلك أطرافا مغيبة!!، أو أطرافا تظن أنها تمتلك التسيد المؤقت، ولا ترى خسائرها المتلاحقة في كافة مواجهاتها!!.