يُعد الوعي المشوه خطرًا يقوض فكرة بناء الإنسان بصورة مباشرة؛ حيث يفقد الفرد هويته، ويصبح هائمًا في بحر من ضلالات فكرية، تؤدي به إلى منزلقات، وأنفاق ذات ظلام دامس، تقضي على أحلامه، وطموحاته المشروعة، بل، وتستبدلها بأوهام، تنبري على مبررات واهية، قد تمخضت عن أجندات خبيثة، تساعد في تشكيل معاول؛ لهدم الأوطان؛ كي تتحقق مشروعات بعينها، ومخطط لها منذ أمد بعيد. في المقابل يُعد الوعي الصحيح الذي يشكل إدراكًا سليمًا، ناتجًا عن معرفة علمية، قد انبثقت من مصادر موثوقة، وموثقة، وهنا تتناغم مفردات المعرفة مع تفاصيل الممارسة؛ فيصبح وجدان الإنسان مستقرًا، لديه استعداد؛ لاستقبال الاتصاف القيمي النبيل، الذي يؤمن به المجتمع، ويتوارثه جيل تلو الآخر، وهنا نتحدث عن إنسان مهموم بقضايا وطنه، يرغب في المشاركة؛ كي يصنع مستقبلًا، مفعمًا برؤى طموحة، تحملها رسالة الأهداف، التي يسعى دأبًا؛ كي يحققها كاملة غير منقوصة. توجهات الدول نحو قضية بناء الإنسان في العالم المتقدم، تقوم على فلسفة لا جدال حولها؛ حيث تشكيل أذهان، ووجدان تمتلك اتجاهات إيجابية نحو الإيمان بماهية الوطن، والتضحية من أجله، والشراكة في تحقيق غاياته المعلنة، وتقديم المصالح العامة عما سواها؛ لكن توجهات جماعات الظلام، وأصحاب الأجندات غير الحميدة، تستهدف تشويه الوعي لدى المجتمعات المستقرة؛ كي تصيب نسيجها بالهوان، وتمزق عضد التماسك الوطني؛ فتصبح الرؤى لدى شبابها على وجه الخصوص غير متوافقة؛ نتيجة لشرذمة فكرية، قد أسست على معرفة مشوبة، أو مشوهة، أو مغلوطة، أو منقوصة. تشويه الوعي يشكل خطرًا جسيمًا على الأمن القومي للدول؛ حيث يغدو الفرد سلاحًا فتاكًا ضد مصالح الدولة؛ وذلك رغم أنه يعيش في كنفها، ويتغذى على مأكلها، ويرد مشاربها؛ ليروي وجدانياته بمزيد من الأفكار غير السوية، التي من شأنها أن تحدث خللًا في أركان المؤسسات الوطنية؛ فتصيبها بعطب قد تشتد آثاره بمزيد من إضافة الرصيد البشري، الذي يحوز الوعي المشوه؛ ومن ثم تزداد أعداد المشككين، والمغرضين الذين يشكلون معول هدم للوطن؛ لذا فإننا ننعتهم بلسان مبين بصفة العدو الحقيقي. عدو الوطن هو من يعمل على جلب معلومات، أو أخبار، أو بيانات، تثير اللغط، والجدل بين أبناء المجتمع المسالم؛ بغية إرباكه، وتفتيت لُحْمته، وإضعاف عزيمته، وتقويض إرادته؛ فتصبح الخلافات معتادة، وتصير الصراعات منتشرة، وهنا لا تسأل عن أمن، وأمان، واستقرار في ربوع الأوطان؛ فقد أطاحت نار الفتن بمقدراتها، واستبدلت التفاهمات، والحوارات، والنقاشات بأصوات الرصاص؛ فأصبح القتل، وسفك الدماء، وترويع المجتمعات لا يلقى لها بالًا. الوعي المشوه بالتأكيد عدو حقيقي، ومن يستهدف الفئات المجتمعية، مستغلًا نقص الخبرة لديها، أو ضعف اهتمامها نحو حرصها على استسقاء المعلومات، والأخبار من مصادر رسمية، لها مصداقيتها، تعتمدها مؤسسات متخصصة، تتحمل مسئولية قانونية، ومجتمعية، ومهنية؛ لذا فإنني أرى أن من يشارك في ذلك، يعد مجرمًا في حق الإنسانية، وأداة قميئة تستهدف النيل من مستقبل الأوطان، والشعوب على السواء. من يحاول، أو يشارك، أو يعمل بصورة ممنهجة على تقزيم، أو التقليل، أو تشويه إنجازات الدولة، ومؤسساتها الوطنية؛ فإنه يشارك أعداء الوطن في تحقيق مآربهم غير السوية، بل، إنه مشارك في تقويض مسارات النهضة، ومعطَّلًا لقطار التنمية من خلال الطاقات السلبية، التي يتم تكريسها لدى جمهور المجتمع، وعامته، ولا يخفى علينا أن هذا المستهدف قد أصبح في قمة أولويات منابر جماعات الظلام، التي تقوم فلسفتها على تزييف الوعي لدى الفرد، والمجتمع على حدٍ سواءٍ. حرص جماعات الظلام على تزييف الوعي المجتمعي، والتأكيد من خلال منابرهم، وكتائبهم الممولة على السلبيات، وإغفال النقاط المضيئة، والعمل الممنهج، والمتواصل من أجل تأجيج الكراهية تجاه الدولة، وقيادتها، نؤكد على أن محاولات إسقاط الدولة عبر بوابة الوعي المشوه سيتواصل؛ ومن ثم لا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا بتنمية الوعي الصحيح لدى أبناء المجتمع؛ ليصبح كل إنسان مسئولًا، وشريكًا فاعلًا في نهضة الدولة، وحريصًا على توفير أسباب، ومسببات الحفاظ على الأمن القومي في أبعاده المتباينة. تعالوا بنا نواجه عدونا الحقيقي الذي يكمن في الوعي المشوه بالعمل المتواصل، والممنهج؛ كي نجتهد سويًا في تنمية الوعي الصحيح، ونعزز من القيم النبيلة، التي يأتي في مقدمتها قيمتا الولاء، والانتماء؛ لتستمر سفينة الوطن، مبحرة في محيطات النهضة، التي تضمن للإنسان الرفاهية، ورغد العيش.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.