سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس مجلس النواب: قانون الإجراءات الجنائية كغيره من صنائع البشر قابل للتطوير والتقويم مع تطور حاجات المجتمع.. لم نكتب حرفاً إلا ابتغاء إصلاحٍ ونصرةً للحق.. و نسال الله أن يجعله لبنةً في صرح العدل
وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، خلال الجلسة العامة اليوم الثلاثاء نهائيا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وتم أخذ الموافقة بالوقوف. وقال المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب: بعون الله وتوفيقه وصلنا اليوم إلى لحظةٍ فارقةٍ، من عمر مجلسكم ، تتشابك فيها أيدينا لنسطر سويًا، بكل فخرٍ واعتزازٍ، صفحةً جديدةً من صفحات سجل التشريع المصري العريق مضيفا وتعلمون جميعاً أنه لعقودٍ ممتدةٍ قد طال الجمود التشريعي مجال الإجراءات الجنائية، حاولت خلال تلك العقود جهودٌ عدةٌ أن تصوغ لمصر قانونًا حديثًا يليق بمكانتها وطموحات شعبها، لكنها تعثرت مرارًا". وتابع جبالى خلال الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم: يحسب للمجلس الحالي أنه قد اقتحم، بعزيمةٍ صادقةٍ، قلاع هذا الجمود، وحطم بكل جرأةٍ، قيود التعطيل والانغلاق، ونفخ روح التغيير، بكل إيمانٍ، في نصوصٍ هرمت، فأحياها فتيةًتواكب نبض العصر وتستجيب لحاجات المجتمع مضيفا اليوم، بحمد الله، قد بلغنا موعد ميلاد قانونٍ جديدٍ للإجراءات الجنائية وأضاف: لقد جاء تعامل مجلسكم مع هذا المشروع استثنائيًا، ولعل من أبرز مظاهره تشكيل لجنةٍ فرعيةٍ؛ في سابقةٍ برلمانيةٍ فريدةٍ، ضمت في عضويتها خبراء قانونيين بارزين؛ فتحولت اجتماعاتها إلى ورش عملٍ نابضةٍ بالحيوية، وانفتحت أبواب النقاش الصادق، فعالجت أدق الإشكاليات وأعقد القضايا. وتابع قائلا: ما لفت النظر وأثلج الصد أن اللجنة قد تميزت بانخفاض أعمار أغلب أعضائها، بما يؤكد أن مصر كانت وستظل بلدًا لا ينضب معينه من الكفاءات، ولا تخلو أرضه الطيبةمن العقول المبدعة والطاقات الواعدة. وقال رئيس مجلس النواب إنه انطلاقا من الوفاء لأهل العطاء، لا يفوتني في هذا المقام أن أبدأ بما هو أوجب، فأتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى قائد مسيرة الوطن، السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فقد كانت إرادته السياسية الصلبة،ورؤيته الثاقبة، من بين الدوافع الحقيقية لفتح هذا الملف الذي طال انتظاره، إيمانًا منه بأن دولة القانون هي الركيزة الأساسية لبناء الأوطان ونهضتها، وأن العدالة هي السياج الحامي لمقدرات الشعوب وطموحاتها. وأضاف: أتوجه بعظيم الامتنان لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الذي كان وما زال داعمًا مخلصًا لمواقف مجلس النواب سيما التشريعية منها، ومؤمنا بأن الصالح العام فوق كل اعتبارٍ، فلم يدخر جهدًا في دعم كل مبادرةٍ برلمانيةٍ ترسي قواعد الدولة الحديثة. وتابع قائلا : كما أشيد بالمستشار عدنان فنجري، وزير العدل؛ والذي أضفي حضوره شخصيًا لكل جلسات مناقشة مشروع القانون طابعا من الالتزام والإخلاص، وهو ليس بغريبٍ عليه فقد أثرى المناقشات من خلال تعقيباته حول فلسفة النصوص وبيان مقاصدها، مما عزز الفهم المشترك وقرب وجهات النظر؛ مستندًا في ذلك إلى خبرةٍ قانونيةٍ رفيعةٍ المستوى. ووجه الشكر للمستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، لما بذله من جهودٍ حثيثةٍ في رحاب المناقشات، فكان صوت الحكمة، ولسان العقل، وبنى جسرًا متينا تتلاقى عليه الإرادة الشعبية مع السلطة التنفيذية، فعمل بصبرٍ وحسن تدبيرٍ، على تقريب المسافات بين الرؤى المتباينة، بغية الوصول بالنص التشريعي إلى ما نصبو إليه من دقةٍ وتوازن. وقال جبالى: لايسعني في هذا المقام إلا أن أخص بالعرفان والتقدير المستشار محمد عبد العليم، المستشار القانوني لرئيس المجلس؛ هذا الرجل النبيل، الذي جمع بين غزارة العلم ورفعة الخلق، فأثبت أن القيمة لا تقاس بالعمر، بل بالهمة، والإخلاص، والقدرة على الإنجاز. لقد كان أحد الأعمدة الراسخة التي شيد عليها بنيان مشروع قانون الإجراءات الجنائية، جنباً إلى جنبٍ مع زملائه المستشارين بالأمانة العامة وكان مثالًا نادراً للجدية والتجرد يعمل في صمتٍ، لا يبتغي مجدًا شخصيا، ولا ينشد شهرةً أو أضواءً، بل كان شغله الشاغل أن تخرج تشريعات المجلس على أكمل وجه، منسجمةً مع الدستورمعبرةً عن نبض الواقع وتحدياته. ولقد أضفى على منصبه وقارًا وهيبةً صنعهما بكده ومثابرته، فأكسب المنصب بريقاً خاصاً، سيظل علامةً مشرقةً في سجل العمل البرلماني، وسيظل أثره شاهدًا مضيئًا لكل من يخلفه". وقال رئيس مجلس النواب أما وإنني قد أوشكت على ختام كلمتي، فاسمحوا لي أن أتلو على مسامعكم كلماتٍ تنبع من مشاعر، يعلم الله، أنها صادقةٌ، مشاعر كانت تجول في نفسي طوال هذه المسيرة الشاقة، كلماتٌ تخالجها أحاسيس مفعمةً بالمسؤولية؛ تثقل قلبي قبل لساني". تابع : "إننا نعي تماماً أن هذا القانون، كغيره من صنائع البشر، يظل قابلاً للتطوير والتقويم مع تطور حاجات المجتمع ومسيرة الزمن، وندرك - تمام الإدراك- أن ما بين أيادينا اليوم ليس نهاية الطريق، بل محطةٌ في دربٍ طويلٍ لا ينقطع فيه السعي نحو الكمال مضيفا لكننا، والله شهيدٌ علينا، قد راعينا ربنا في كل خطوة خطوناها، وأخلصنا النية وبذلنا وسع جهدنا، وأدينا الأمانةلا نبتغي إلا وجه ربنا الكريم، ولا نطلب إلا مرضاته، ولم نكتب حرفاً إلا ابتغاء إصلاحٍ، ولم نتخذ موقفاً إلا رغبة في إنصافٍ، ولم نعقد عزماً إلا نصرةً للحق وعدلاً بين الناس". وأضاف: وإن كان في عملنا صواب، فبتوفيقٍ من الله وفضله، وإن كان فيه نقصٌ، فحسبنا أننا اجتهدنا، مخلصين غير مفرطين ولا مضيعين، ونسأل الله جل وعلا أن يتقبل عملنا، وأن يجعله لبنةً في صرح العدل، وشاهداً لنا لا علينا يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، يوم توزن الأعمال بميزان الحق الذي لا يميل ولا يحيف. وقد كرم الله إتقان العمل؛ بقوله تعالى "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا، وأختم كلامي وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين".