العقيد أحمد محمد عاشور يحصل على زمالة كلية الدفاع الوطني حول استراتيجية مقترحة لاستخدام الأنماط القيادية في تحقيق التميز المؤسسي    وفد القومي للمرأة يزور وكالة التنمية الفلاحية في الرباط    سعر الريال السعودي في البنك المركزي بختام تعاملات الأسبوع    جيش الاحتلال يتبنى هجوم اللاذقية ويزعم أسباب القصف    مفاجأة، الأهلي يقترب من اللعب في الإسماعيلية الموسم المقبل    القبض على تاجري مخدرات وبحوزتهما كميات مختلفة في قنا    المحامي محمد حمودة عن وفاة أحمد الدجوي: ده مش بحبح وسوكة اللي نفذوها    أحمد السقا يتابع مونتاج فيلم "أحمد وأحمد" بعد عودته من دبي    ولادة قيصرية ل سيدة مصابة بالإيدز بقنا، والمحافظة تكشف التفاصيل    محافظة قنا: التزام بالإجراءات الوقائية فى التعامل مع حالة ولادة لمصابة بالإيدز    مفتي الجمهورية: التمسك بأحكام وحدود القرآن الكريم هو السبيل للحفاظ على الأمن الروحي والاجتماعي    هل تلقت تعويضا؟.. ريهام سعيد تكشف كواليس الصلح مع طبيب التجميل نادر صعب    بدأت بهجوم وانتهت بتقبيل الرأس.. القصة الكاملة لخلاف آية سماحة ومشيرة إسماعيل    ثلاثي بشتيل يقترب من الدوري الممتاز    "حزب الوعي" يدين قرار الاحتلال بإنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة المحتلة    إكسترا نيوز تطلق تجربة جديدة.. مذيعات بالذكاء الاصطناعى عن مستقبل السينما    باكستان ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع أفغانستان إلى مرتبة سفير    تطرق أبواب السياسة بثقة :عصر ذهبى لتمكين المرأة فى مصر.. والدولة تفتح أبواب القيادة أمام النساء    من هو أحمد زعتر زوج أمينة خليل؟    مصرع شابين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم دراجتين بخاريتين ببني سويف    العشر من ذى الحجة    العمل: مستعدون لتوفير الكوادر المصرية المُدربة لسوق العمل الصربي    بتواجد ثلاثي ليفربول.. محمد صلاح يتصدر فريق الجماهير في الدوري الإنجليزي    بالمجان| الكشف الطبى على 800 مواطنًا خلال قافلة طبية بعزبة 8 في دمياط    وفد من مسئولي برامج الحماية الاجتماعية يتفقد المشروعات المنفذة بحياة كريمة في الدقهلية    عالم بالأوقاف: كل لحظة في العشر الأوائل من ذي الحجة كنز لا يعوض    سوريا تُرحب بقرار اليابان رفع العقوبات وتجميد الأصول عن 4 مصارف    4 مشاهدين فقط.. إيرادات فيلم "الصفا ثانوية بنات"    برنامج توعوي مخصص لحجاج السياحة يشمل ندوات دينية وتثقيفية يومية    نادي مدينتي للجولف يستضيف الجولة الختامية من دوري الاتحاد المصري للجولف    ألمانيا تربط تسلم أسلحة إسرائيل بتقييم الوضع الإنساني بغزة    عطل مفاجئ.. انقطاع المياه عن 3 أحياء بمدينة الخارجة    شعبة مواد البناء: أسعار الأسمنت ارتفعت 100% رغم ضعف الطلب    سقوط المتهم بالنصب على المواطنين ب«الدجل والشعوذة»    الحدائق والشواطئ بالإسكندرية تتزين لاستقبال عيد الأضحى وموسم الصيف    محمد حمدي لاعب زد يخضع لجراحة ناجحة فى الكوع    هام بشأن نتيجة قرعة شقق الإسكان الاجتماعي 2025| استعلم عنها    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    خطيب المسجد الحرام: الحج بلا تصريح أذية للمسلمين والعشر الأوائل خير أيام العام    الأعلى للجامعات: فتح باب القبول بالدراسات العليا لضباط القوات المسلحة    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    الرئيس السيسى يؤكد التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة لدير سانت كاترين    أزمة تايوان تتفاقم.. واشنطن تعيد تشكيل الردع وبكين تلوّح بالرد    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    أسعار النفط تتجه لثاني خسارة أسبوعية قبيل قرار أوبك+    وزير الزراعة يستعرض جهود قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة خلال مايو الجاري    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    طقس مائل للحرارة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 بشمال سيناء    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «اعتذرتله».. ياسر إبراهيم يكشف كواليس خناقته الشهيرة مع نجم الزمالك    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس على أوراق تركية
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 02 - 2009

لا يمكننى أن أقرأ مشهد مغادرة رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركى لمنتدى دافوس الاقتصادى بعد مشادة كلامية مع الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز دون أن ننظر إلى السياق العام للعلاقات التركية الإسرائيلية، فلقد انبرت الكثير من الأقلام لترفع أردوغان لعنان السماء على أكتاف الهمم العربية المحبطة، بالطبع كل تقديرى وشكرى لأردوغان، ولكن ما يشغلنى هو كيف يمكن قراءة ذلك التوتر فى العلاقات التركية الإسرائيلية.
فالعلاقات السياسية بين الجارتين المتوسطتين قوية وراسخة منذ خمسينات القرن المنصرف، فتركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل عام 1949، وعلى مدار القرن العشرين كانت علاقاتهما قوية بفضل استمرار التيار العلمانى من جهة وقوة المؤسسة العسكرية من جهة أخرى.
لقد دخلت العلاقات التركية الإسرائيلية مرحلة جديدة من التعاون الإستراتيجى مع توقيع الدولتين اتفاقاً للتعاون العسكرى فى فبراير من العام 1996، وما تلاه من اتفاقيات مكملة له. كما يشهد المجال العسكرى تبادلاً للخبرات العسكرية التكنولوجية وعقد مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة. فضلاً عن علاقات اقتصادية مشتركة بين الجانبين لعل أبرزها فى مجالى الماء والطاقة.
إذن تركيا لا تنظر إلى إسرائيل من منظور الصراع العربى الإسرائيلى الضيق، فلا هى عدو ولا حبيب، ولكنها علاقات برجماتية بحتة تعتمد على المصلحة المشتركة وأكبر قدر من الاستفادة لطرفيها، سواء على المستوى العسكرى أو الاقتصادى، وخاصة أن الطرفين ينظران بعين الريبة إلى جار مشترك، وهو سوريا وعين الطمع إلى جار مريض هو العراق.
فى ذلك السياق يمكننى أن أبدأ الحديث عن الطيب رجب أردوغان كما سماه البعض، ومواقفه السياسية القوية تجاه الحليف الإسرائيلى أثناء محرقة غزة الأخيرة، فأردوغان بدا ثائراً ومنتقداً قوياً للأفعال الهمجية الإسرائيلية فى غزة، وخاطب حكام إسرائيل بقوة وتحدث عن أنه حفيد للدولة التى آوتهم حين طردهم الآخرون، ظهر أردوغان نشطاً قائداً لدبلوماسية نشطة فى أثناء الأزمة، فطاف المنطقة ساعياً لتنسيق المواقف العربية لوقف إطلاق النار، وكان تحركه سباقاً على أدوراً عربية أخرى. فحفر بذلك لتركيا دوراً إقليمياً بارعاً فى المنطقة يقوم على أسس دينية مشتركة وأهداف سياسية علمانية. وهو درس تركى للعرب جميعاً فى كيفية صياغة الدور الإقليمى وحشد التأييد له وكيفية مزج مبادئ الدولة مع سياساتها الخارجية، فتبدو سياسة مستقلة وأصيلة.
ما ساعد أردوغان على احتلال الساحة الدبلوماسية والإعلامية، هو انحسار أدوار البعض واتهامهم من قبل آخرين بالتخاذل وانقسام العرب بين قمم ثلاث ومبادرات عدة. بينما كان هو يخطب لا باسم الدين أو السياسة، بل باسم الإنسانية الممتزجة بخلفية إسلامية قوية وسمات سياسى بارع، مما ساعده على اجتذاب ملايين العقول والقلوب فى الشرق الأوسط.
ثم جاء المشهد الأقوى تأثيراً حين انسحب من منصة منتدى دافوس بعد أن شعر أن الرئيس الإسرائيلى يرفع صوته فى حديثه إليه، ما أغضب أردوغان لم يكن حديث بيريز نفسه أو المجازر التى ارتكبتها إسرائيل، لأن لو صح ذلك، لما جاوره مباشرة على نفس المنصة التى انسحب منها.
ما اغضب أردوغان ثلاث، أولاً، طريقة الخطاب غير الدبلوماسية فى وجه رئيس وزراء لدولة إقليمية يعتد بها كتركيا، وليس رئيس قبيلة كما صرح أردوغان لاحقاً، ثانياً عدم إعطائه نفس وقت بيريز فى الحديث أو فرصة الرد على كلامه، ثالثاً عدم تطوع عمرو موسى ممثل العرب للرد!! لذلك خرج محتجاً عائداً إلى بلاده أما الحديث عن أنه بطل وطيب واجه بيريز وأسقطه أرضاً، فهو لا يزيد عن تخاريف صيام فى غير شهر الصيام!!.
فالعلاقات التركية الإسرائيلية ستبقى قوية وحيوية، لأنها بين طرفين يدركان قوة بعضهما البعض ويدركان مصلحتهما المشتركة فى استمرار علاقتهما. إن ما يحدث لا يعدو كونه اختلافا حول قضية سياسية ذات طابع إنسانى وحول طرق التعاطى السياسى معها. وهو درس تركى لنا، مفاده أن العلاقات المشتركة لا تمنع حدوث اختلاف وتوتر بين أطرافها، لأن الاختلاف سمة علاقات الأقوياء بينما التطابق والإذعان سمة العلاقات غير المتكافئة.
وثمة مؤشرين يعضدان استمرار العلاقات التركية الإسرائيلية، فأردوغان صرح فور وصوله لاسطنبول "لا نريد الحماس والمشاعر أن تدفعنا لاتخاذ إجراءات منفعلة مع إسرائيل"
بينما كان رد بيريز واضحاً "مثل هذه الأشياء تحدث بين الأصدقاء، وأنا أشعر بأسف شديد مما وقع، وأود أن أؤكد قبل كل شىء أن احترامى وتقديرى تجاه الجمهورية التركية وتجاه شخصكم كرئيس وزراء لن يتغير فى أى وقت" .
بينما يقف العرب مهللين مكبرين، فنجم غير عربى جديد قد ارتقى قائمة المدافعين عنهم وعن قضاياهم بعد أن حجبت عن نفس القائمة الأسماء العربية منذ بداية القرن الحادى والعشرين!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.