استكمال وافتتاح معامل 4 كليات بجامعة المنيا الأهلية كمرحلة أولى    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس بالمحافظة للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    الاتحاد الدولي للاتصالات يهنئ مصر بإطلاق خدمات ال5G: خطوة نحو مستقبل رقمي    سكرتير عام الإسماعيلية يتابع جاهزية مركز ومدينة أبوصوير لاستقبال عيد الأضحى    بعثة مصر للطيران تعقد اجتماعًا تنسيقيًا بجدة استعدادًا لعودة الحجاج    وزير التعليم العالي: نتوقع ارتفاع أعداد طلاب الجامعات ل5.5 مليون بحلول عام 2032    محافظ المنيا: جادون في استرداد الأراضي وتطبيق القانون بكل حسم لتحقيق التنمية    الاحتلال: نحذر سكان مناطق بيت لاهيا وجباليا وبيت حانون بقطاع غزة من العودة لمنازلهم    الرئيس السيسى يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره التونسى بمناسبة عيد الأضحى المبارك    ألمانيا ضد البرتغال.. شوط أول سلبي في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    الجفالى: اقتربت من العودة للملاعب.. والزمالك قادر على الفوز بكأس مصر    فاروق جعفر: التاريخ يرجح كفة الزمالك أمام بيراميدز فى نهائي كأس مصر    ديانج يلتحق ببعثة الأهلي في أمريكا    تموين الإسماعيلية: ضبط لحوم مذبوحة خارج السلخانة وتحرير 136 مخالفة تموينية    التضامن: تنسيق كامل مع الجانب السعودى للتسهيل على الحجاج المصريين    يوم التروية 2025.. ما مناسك الحجيج في الثامن من ذي الحجة؟    رفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفيات جامعة بني سويف خلال إجازة العيد    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس هيئة الرعاية الصحية دعم التعاون في تنفيذ مشروعات صحية مستقبلية    أمريكا أبلغت إسرائيل أنها ستستخدم الفيتو ضد مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار بغزة    الإفتاء: صلاة الجمعة يوم العيد الأكمل ويجوز أداؤها ظهراً في هذه الحالة    تكبيرات العيد تتصدر البحث مع اقتراب عيد الأضحى المبارك    وفد الأقباط الإنجيليين يقدم التهنئة لمحافظ أسوان بمناسبة عيد الأضحى    طرح البوستر الدعائي ل فيلم "آخر رجل في العالم".. صورة    «شوفوا وأمِّنوا».. صلاح عبدالله يوجه رسالة لجمهوره بمشهد من مسلسل «حرب الجبالي»    كريم محمود عبد العزيز يحيي ذكرى ميلاد والده برسالة مؤثرة    بعد طرحها.. حسام حبيب يكشف أزمة اغنيتة الجديدة سيبتك    أول رد من الأوقاف بشأن ندب الأئمة.. ماذا قالت؟    مصرع طالب جامعي بطلق ناري في مشاجرة بين عائلتين بقنا    الرقابة المالية تتقدم بمقترحات بشأن المعاملات الضريبية على الأنواع المختلفة لصناديق الاستثمار    قائد حكيم    منتخب شباب اليد يتوجه إلي بولندا فجر 17 يونيو لخوض بطولة العالم    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. الأمير يهنئ المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى    أهم أخبار السعودية اليوم الأربعاء.. حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    الوداد المغربى يستعجل رد الزمالك على عرض صلاح مصدق    بمناسبة عيد الأضحى، حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن 22 زميلًا محبوسًا    محمد بن رمضان يعيد أمجاد هانيبال مع الأهلي.. من هو وما قصته؟    قرار عاجل من الزمالك بفسخ عقده لاعبه مقابل 20 ألف دولار    صعب عليهم نسيان الماضي.. 5 أبراج لا يمكنها «تموڤ أون» بسهولة    محمد رمضان يقترب من الانتهاء من تصوير «أسد»    بعد نشرأخبار كاذبة.. مها الصغير تتقدم ببلاغ رسمي ل«الأعلى للإعلام »    بعد اهتمام برشلونة والنصر.. ليفربول يحسم موقفه من بيع نجم الفريق    القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «صحة إفريقياAfrica Health ExCon»    برسالة باكية.. الشيخ يسري عزام يودع جامع عمرو بن العاص بعد قرار الأوقاف بنقله    خُطْبَةُ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1446ه    المفوضية الأوروبية تعطي بلغاريا الضوء الأخضر لاستخدام اليورو    زوارق إسرائيلية تختطف صيادًا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    وزيرة خارجية لاتفيا: سنعمل في مجلس الأمن لتعزيز الأمن العالمي وحماية النظام الدولي    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    صلاح عبدالله يستعيد ذكرياته مع سميحة أيوب في مسرحية رابعة العدوية    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025.. الاستعلام برقم الجلوس عبر بوابة الأزهر فور اعتمادها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوساطة الدولية
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 03 - 2025

مع ارتفاع وتيرة الصراعات الدولية، وامتدادها الزمني وتمددها الجغرافي، باتت الحاجة ملحة إلى وسطاء دوليين، ليس فقط بين أطراف الصراع الرئيسيين، وإنما أيضا فيما يتعلق بتمرير رؤيتهم من "البيت الأبيض"، في ضوء رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحقيق إدارة منفردة للأزمات العالمية، وهو ما بدا بوضوح في تداخله المباشر على خط الأزمة الأوكرانية، إلى حد الحديث العلني عن تنازلات مباشرة مطلوبة من الرئيس فولويمير زيلنيسكي، منها إجراء صفقة المعادن مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التنازل عن أراض لصالح روسيا، ناهيك عن المطالبات المتواترة بإجراء انتخابات في كييف أو تنحي الرئيس، وهي المطالب التي لا تبدو مرتبطة في جوهرها بطرفي الصراع، وإنما في واقع الأمر يراها الامتداد الجغرافي الأوروبي تهديدا مباشرة للسيادة، في ظل ما قد تسفر عنه من سوابق، يمكن تعميمها في المستقبل لتطال أقاليمهم، خاصة مع إلحاح واشنطن لفرض سيادتها على جزيرة جرينلاند الدنماركية، وهو ما يثير حالة من الامتعاض الأوروبي.
الرؤية الأمريكية، التي يتبناها دونالد ترامب، أعادت الزخم لدور بريطانيا، والتي قدمت نفسها كوسيط، بين أوروبا الموحدة وواشنطن، وهو ما تناولته بإسهاب في مقالي السابق، في إطار مساعي لندن للقيادة الاقليمية، على المستوى القارى، بعيدا عن الاتحاد الأوروبي، إلا أن ثمة أبعادا أخرى تتجلى في إطار انتعاشة دبلوماسية لدور الوسيط، خلال المرحلة الحالية، منها العرض الذي قدمه الكرملين للوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، ناهيك عن دور المملكة العربية السعودية في الوساطة بين أمريكا وأوكرانيا واستضافتها لجولات من الحوار في هذا الإطار.
التصاعد الكبير في أدوار الوساطة الدولية، وإن تجلى في أبهى صوره خلال اللحظة الراهنة، إلا أنه في واقع الأمر حمل العديد من الإرهاصات خلال السنوات الماضية، ربما أبرزها في منطقة الشرق الأوسط، عندما قدمت مصر نهجا يعتمد مبدأ الشراكة، القابلة للتوسع، ساهمت في خلق مصالح مشتركة بين القوى المتنافسة، لتنطلق منها نحو تخفيف حدة الصراع فيما بينها، عبر أهداف موحدة ذات أبعاد استراتيجية، تقوم في الأساس على القضايا التنموية، مما أسفر عن حزمة من المصالحات الاقليمية حققت قدرا من الاستقرار في الشرق الأوسط وأعادت الزخم بصورة كبيرة إلى القضية الفلسطينية، والتي استعادت مركزيتها الاقليمية، بعد عقد كامل من الفوضى.
النموذج المصري فيما يتعلق بالوساطة، تجاوز في جوهره الدور المعهود الذي طالما لعبته الدولة في إطار محدود خلال عقود سابقة، والذي اقتصر على المستجدات الفلسطينية خاصة غزة، خلال سنوات، حيث كان يتنامي هذا الدور مع اندلاع الاشتباكات الاسرائيلية في القطاع، عبر التواصل المباشر مع الأطراف المعنية، بهدف الوصول إلى هدن مؤقتة، أو وقف مرحلي لإطلاق النار، ولكن دون تحقيق حالة من الاستقرار المستدام، وهو الأمر الذي يرجع في جزء منه إلى العديد من الاسباب أبرزها عدم وجود رغبة حقيقية لدى الولايات المتحدة في إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، باعتباره الصراع الأكبر والأكثر زخما على المستوى الدولي، وبالتالي فإن النفوذ الأمريكي مرتبطا في جزء كبير منه باستمراره، خاصة وأن محاولات خلق صراعات أخرى، في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، على غرار صراع الحضارات، مرورا بالحروب التي خاضتها واشنطن ضد الارهاب في العراق أو أفغانستان، وحتى الفوضى الاهلية التي عمت الاقليم في العقد الماضي، لم يكتب لها الاستمرارية لمدد طويلة، على غرار مرحلة الصراع بين الغرب والشرق إبان الحقبة السوفيتية، بالإضافة إلى عدم وجود قوى دولية أخرى يمكنها تحقيق أي قدر من التوازن يمكن الاعتماد عليها لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
الوساطة من المنظور المصري اتخذت مسارات متوازية، منها المسار المباشر على غرار دورها الكبير في التوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة، بينما حملت في طياتها مسارا آخر، غير مباشر، عبر الشراكات التي عقدتها مع قوى أخرى سواء داخل الاقليم، على غرار "الثلاثية" التي دشنتها مع العراق والأردن، والتي أثمرت عن كيان أوسع، هو "مؤتمر بغداد"، شاركت فيه قوى أخرى، بينها قوى متصارعة جلست معا على مائدة الحوار، لتفتح صفحة جديدة من العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهو ما ينطبق أيضا على "ثلاثية" أخرى مع اليونان وقبرص، والتي ولد من رحمها "منتدى غاز شرق المتوسط"، والذي تتواجد كلا من السلطة الفلسطينية وإسرائيل بين أعضاءه، مما يساهم في لخلق آفاق من الحوار من شأنها الوصول إلى صيغ دولية توافقية، حتى وإن كانت خارج إطار المنتدى، ولكن في إطار ما يجمع أعضاءه من مصالح مشتركة، ولدت من رحمه، ويمكن استثمارها لتحقيق الاستقرار المستدام.
مسار آخر اتخذته الدولة المصرية فيما يتعلق بالوساطة، يتجلى في قدرتها على القيام بدور الوسيط بين الأقاليم، وهو ما بدا في العديد من المشاهد، منها قدرتها استغلال الزخم الناجم عن موقعها الجغرافي، باعتبارها قوى عربية وإسلامية لها عمق إفريقي، خلق لها البحر المتوسط عمقا آخر في أوروبا، مما وضعها في دور الوسيط بين إقليمها المترنح جراء احتداد الصراع، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والذي امتد إلى لبنان مرورا بسوريا وحتى اليمن من جانب، وأقاليمها الأخرى من جانب آخر، مما أدى في نهاية المطاف إلى توافقات دولية واسعة النطاق لعبت دورا رئيسيا في الوقوف أماما مخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، بل وتجاوزت ذلك نحو دخولا إيجابيا من قبل بعض القوى المهمة على خط الأزمة، منها جنوب إفريقيا التي تخوض معركتها القضائية ضد الاحتلال، في ضوء الدعوى التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية، أو الدول الأوروبية التي اعترفت بدولة فلسطين، لتحقق انتصارات دبلوماسية لصالح القضية، رغم من تمر به من لحظات صعبة.
وهنا يمكننا القول بأن النموذج الذي تقدمه الدولة المصرية في إطار الوساطة الدولية اتسم بقدر من التنوع، في إطار استحداث صورا جديدة لدور الوسيط، تجاوزت النهج التقليدي، بينما كانت سباقة في تبنيها لهذا الدور خلال السنوات الماضية، مما يعكس قدرة استثنائية على قراءة المشهد مبكرا، وجهوزيتها الدبلوماسية على التعامل مع مختلف المستجدات المحيطة بها، بينما في الوقت نفسه تجاوزت الوساطة نحو أدوار أكبر، في مناطقها الجغرافية، عبر الحديث باسمها والدفاع عن حقوق دولها ومواطنيهم، وهو ما يبدو في عد القدرة على تجاوز دورها فيما يتعلق بالقضية الدولية الأقدم ذات البعد المركزي في منطقتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.