ألفين جنيه مكافأة للعاملين بجامعة القاهرة    الرئيس السيسي يتلقى اتصالا هاتفيًا من رئيس الوزراء اليوناني    أسعار الدواجن اليوم الجمعة 30-5-2025 في محافظة الفيوم    خبير الإدارة المحلية: تشابكات الإيجار القديم تحتاج لحوار مجتمعى وتشريع يراعى الجميع    عشرات الشهداء في قصف إسرائيلي عنيف على جباليا وشرق غزة    وزير الخزانة الأمريكي: المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين «مُتعثرة قليلا»    وزير الدفاع الإسرائيلي: الاستيطان بالضفة سيزداد قوة ولن تعيقنا العقوبات والتهديدات    الهلال السعودي يعرض 100 مليون يورو لضم نجم مانشستر يونايتد    وفاة خالد كامل عضو لجنة المسابقات باتحاد الكرة    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    في لفتة إنسانية.. بعثة القرعة تعيد متعلقات حاجة فقدتها في الحرم    وفاة وكيل نيابة إثر اصطدام سيارة ملاكى بسور محور 26 يوليو    ندمان على هذا الأمر، تامر حسني يتحدث عن بسمة بوسيل    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    «الأعلى للجامعات»: إنشاء مكتب النزاهة العلمية بالجامعات    بصوت مروة ناجي.. حفل كامل العدد في حب كوكب الشرق أم كلثوم (تفاصيل وصور)    بعد «come back to me» الشعبية.. يوسف جبريال يشكر تامر حسني عبر السوشيال ميديا (فيديو)    1800 كرتونة لحوم ومواشي.. كيف تستعد مديرية التموين في جنوب سيناء لعيد الأضحى؟    ما السن الشرعية للأضحية وهل يجوز ذبح الصغيرة كثيرة اللحم؟.. الإفتاء توضح    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    خطيب الحرم المكي يحث الحجاج على الالتزام.. ويشدد: لا حج دون تصريح    تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    المشاط تلتقي المنسق المقيم للأمم المتحدة بمصر لمناقشة جهود تحقيق التنمية الاقتصادية    ديو "إهدى حبة" يتصدر التريند.. ديانا حداد والدوزي يشعلان الصيف    وزير الزراعة يستعرض جهود قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة خلال مايو الجاري    أول تعليق من أسامة نبيه بعد قرعة كأس العالم للشباب    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    جامعة قناة السويس تواصل تمكين طلابها.. الملتقى التوظيفي السادس ب"السياحة والفنادق" يجمع كبرى المؤسسات    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    ضبط 33 كيلو مخدرات بحوزة 8 متهمين في أسوان ودمياط    تامر حسني يحتل تريند اليوتيوب ب المقص وملكة جمال الكون    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    تكبير ودعاء وصدقة.. كيف ترفع أجرك في أيام ذي الحجة؟    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    الخارجية الروسية: موسكو تأمل أن تتعامل كييف بجدية مع محادثات إسطنبول    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    مصرع شاب و إصابة أخر في تصادم موتوسيكل بأخر في المنوفية    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم الشهيد.. تخليد للفارس عبد المنعم رياض وإحياء ذكرى شهدائنا الأبرار
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 03 - 2025

تبقى الشهادة هي أسمى درجات الفداء والتضحية من أجل الوطن. فما بالك لوكان هذا الوطن هو مصر التي ضحى من أجلها الآلاف للحفاظ على كرامتها واستقلالها وصون ترابها وأرضها منذ فجر التاريخ.. من الهكسوس والفرس والرومان والمغول والتتار والصليبيين والإنجليز وحتى الصهاينة.
ضحى من أجلها أبناء شعبها من الجنود البسطاء ومن الضباط والقادة العظام الذين ضربوا أروع المثل في الفداء والشرف والتضحية والشهادة وروت دماءهم الذكية ترابها.
في كل حرب ضد عدو خارجي أو إرهاب داخلي كان السعي إلى السلام والاستقرار والاستقلال والتنمية هو الهدف الأسمى، فمصر رغم كل الحروب ومواكب الشهداء التي لا تتوقف تبقى صوتا للحكمة والعقل ورافدا أصيلا للإنسانية والحضارة ونموذجا للسماحة والوسطية. ليست داعية للحرب والعدوان أو محرضة على الاحتلال والقتل والإبادة.
قدمت مصر من أجل حريتها واستقلالها وكرامتها دماء أعز ما تملك من قادة وجنود لتبقى رايتها خفاقة ترفرف في عنان السماء، وعالية ليستظل بها شعبها البطل الأصيل الذي يحفظ لشهدائه الفضل ولا ينساه أبدا.
في يوم 9 مارس تحتفل مصر بيوم الشهيد، يوم كل الشهداء الأبرار الأطهار.
لكن هذا اليوم ليس كأي يوم في تاريخ الحروب المصرية، إنه يوم استشهاد "الجنرال الذهبي" الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان القوات المسلحة المصرية في حرب الاستنزاف.
فالشهيد رمز عظيم لعسكري رفيع الرتبة والمقام، استشهد مع جنوده على الجبهة وفي المواجهة. فمنح المعركة زخما ودافعا للنصر وأعطاها قيمة ومعنى وجعل الثأر من العدو هو يوم النصر العظيم.
سالت دماؤه العطرة برائحة الخلود وليست رائحة الموت.
فالشهداء العظماء لا يتركون خلفهم رائحة الموت، وانما رائحة البقاء والخلود حتى آخر العمر، لأنهم حاربوا واستشهدوا كأشجار السنديان القوية.
في مساء 9 مارس عام 69 غصت الشوارع والميادين بملايين المصريين لتوديع ابنها البار وقائدها الكبير. اعتبرها العالم ثاني أكبر جنازة في التاريخ تقدمها القائد الرئيس جمال عبد الناصر وعدد من الزعماء والقادة العرب، ومنهم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، واللواء مصطفى طلاس وزير دفاع سوريا الشقيقة.
عندما استشهد الفقيد الكبير كان عمره 50 عاما فقط، لكنها لا تقارن بأية خمسين أخرى.!
لا تتأمل تمثاله الواقف أعلى قاعدته خلف المتحف المصري في الميدان المسمى باسمه، فهو تمثال لا يعبر عن قيمة وعظمة هذا القائد الفذ والاستثنائي. كان قوامه ممشوقا بوجه بشوش، لا يخلو من صرامة القائد والعسكري المحترف والأب الحنون الذي لم يترك جنوده يوما على الجبهة، وكان دائم الزيارة لهم وتناول الطعام والجلوس على الأرض معهم. فهو العاشق لتراب مصر وتاريخها. قرأ تاريخ مصر كما لم يقرأه الكثيرون من أقرانه.
وصفه الشاعر العربي السوري نزار قباني قائلا:
يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرت..
الخطوة الأولى إلى تحريرنا
أنتَ بها بدأت..
يا أيها الغارق فى دمائه
جميعهم قد كذبوا.. وأنت قد صدقت..
جميعهم قد هُزموا
ووحدكَ انتَصَرت.
ويوم استشهاده قال الجنرال السوفييتي الكبير جريتشكو: "اليوم فقط تأكدت أن نصر مصر قادم وقريب".
في هذا اليوم توجه للجبهة في اليوم الثاني لحرب الاستنزاف ليتابع بنفسه نتائج قتال اليوم السابق، وليكون بين أبناء قواته المسلحة فى فترة جديدة تتسم بطابع قتالي عنيف ومستمر لاستنزاف العدو، وأثناء مروره على القوات فى الخطوط الأمامية شمال الإسماعيلية، أصيب الفريق رياض إصابة قاتلة بنيران مدفعية العدو أثناء الاشتباك بالنيران، وفارق الحياة خلال نقلة إلى مستشفى الإسماعيلية.
استشهد وسط أبطال القوات المسلحة، ليضرب المثل في الشرف والتضحية، وليسجل التاريخ واحدة من أروع وأعظم قصص البسالة والشجاعة والفداء من أجل الوطن وليحفظ له التاريخ أيضا هذا الموقف العظيم.
وخرج الشعب بجميع طوائفه فى وداعه مشيعين جثمانه بإجلال واحترام ممزوجين بالحزن العميق. ونعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر.
عبد المنعم رياض ليس قائدا عسكريا عاديا رغم صغر سنه أثناء توليه رئاسة الأركان في أخطر حروب مصر وهي حرب الاستنزاف الذي كان هو صاحب فكرتها، ونصح الرئيس عبد الناصر في ضرورة بدء الاشتباكات مع العدو حتى يدرك أن وجوده ثمنه غال، وليكتسب جنودنا خبرة المعركة.
كان هو أيضا من وضع خطة اجتياح قناة السويس. وكان صاحب نظريات عسكرية مبتكرة في الحروب، وخاصة في مواجهة الأفراد للدبابات في ميادين القتال.
بعد 6 أيام فقط من نشوب حرب 5 يونيو 1967 عُين الفريق أول عبد المنعم رياض رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، وبدأ على الفور في إعادة بناء القوات المسلحة ونجح فيها بشكل أذهل الجميع.
حقق "رياض" انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة "رأس العش" التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد التي تقع في محافظة بورسعيد في يونيو 1967 ونجح الجيش في عهده في تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و1968.
ولد الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض في 22 أكتوبر عام 1919 بقرية "سبرباي" التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، وقد درس الشهيد في كتاب القرية وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة السيدة نفيسة بالعباسية ثم بمدرسة العريش الابتدائية ثم انتقل إلى مدرسة الرمل الابتدائية بالإسكندرية، والتحق بمدرسة الخديوي إسماعيل الثانوية.
وبرغم حب الفريق أول عبد المنعم رياض للجندية، إلا أنه قدم أوراقه بعد تخرجه في المدرسة الثانوية لكلية الطب، وتم قبوله بها ودفع مصروفاتها إرضاءً لوالدته وأمضى بها عامين.
وكان والد الفريق أول عبد المنعم رياض، هو القائم مقام -"عقيد"-، محمد رياض عبد الله، قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية، وقد توفى والد الفريق عبد المنعم رياض عام 1931 وكان عمر الشهيد حينها لا يتجاوز الثانية عشرة.
طموح الفريق أول عبد المنعم رياض في أن يكون مثل والده وحبه الشديد للجندية، دفعه للالتحاق بالكلية الحربية في يوم 6 أكتوبر 1936، وتخرج فيها يوم 21 فبراير 1938 برتبة ملازم ثان، وكان ترتيبه الثاني على دفعته، ثم التحق بكلية أركان الحرب، وحصل على ماجستير العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول على الخريجين.
وقد أجاد الفريق أول عبد المنعم رياض عدة لغات منها: "الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية".
شارك الفريق أول عبد المنعم رياض في الحرب العالمية الثانية عام 1939 بالصحراء الغربية ومرسى مطروح، ثم شارك في حرب فلسطين عام 1948، كما تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في مايو 1952، ثم عين في يوليو 1954 قائدا للمدفعية المضادة للطائرات.
كما شارك في حرب السويس "العدوان الثلاثي" عام 1956، وفي 10 مارس 1964 صدر قرار بتعيينه رئيسًا لأركان القيادة العربية الموحدة، ورقي إلى رتبة "فريق" في 21 أبريل 1966، ثم عُين قائدا لمركز القيادة المتقدم في الأردن ثم عُين قائدا للجبهة الأردنية.
وسافر الفريق عبد المنعم رياض إلى إنجلترا، حيث حصل على تدريب خاص في سلاح المدفعية المضادة للطائرات بكلية "مانويير" بإنجلترا بتقدير امتياز، ثم استكمل دراسته بأكاديمية "وولتش" العسكرية، كما تلقى دراسات بالولايات المتحدة الأمريكية وقضى عدة سنوات في أرقى الكليات العسكرية بالاتحاد السوفييتي، حيث أطلق عليه الروس لقب "الجنرال الذهبي".
والتحق "رياض" بكلية التجارة بجامعة عين شمس عام 1967 رغبة منه في استكمال رسالة الدكتوراه التي كان يعدها في الاستراتيجية العسكرية، ولما أدرك أن بحثه لن يكتب له النجاح ما لم يستوعب العلوم الاقتصادية قرر الانتساب للكلية، وأدى بعض امتحانات الفرقة الأولى لكنه لم يستكملها نظرا لاستدعائه للجبهة الأردنية.
وسيظل الفريق عبدالمنعم رياض بعلمه العسكري الواسع ومسيرته العسكرية نموذجا مشرفا للقادة العسكريين المصريين ، وتجسيدا حيا للعسكرية المصرية فى أروع صورها.
هل عرفت الأجيال الجديدة الآن لماذا تحتفل مصر وقواتها المسلحة بيوم الشهيد..؟
مصر لا تتذكر فقط بكل التقدير الفريق عبدالمنعم رياض، وإنما تحيى بكل إجلال كل شهداء الوطن من عسكريين ومن رجال الشرطة ومن أبناء الشعب المصرى الذين حملوا السلاح من أجل الدفاع عن الوطن فى جميع الحروب التى خاضتها مصر على مر العقود الماضية ومنذ عام 1948 بما فى ذلك الحرب على الإرهاب وطيور الظلام وتحرير الوطن منهم في سيناء وفي كل بقعة طاهرة في مصر.
يوم الشهيد يجسد الشرف والتفاني والإخلاص والانتماء الذي يعكس عقيدة الجيش المصري العظيم، حيث ستظل العسكرية المصرية، رمزا للفداء والتضحية في سبيل الحفاظ على هذا الوطن العظيم. وفي ذكرى يوم الشهيد، يتجدد العهد والوعد والقسم بالدفاع عن مصر ونتذكر هؤلاء الأبطال الذين وهبوا حياتهم للوطن، فلم يهابوا الموت، بل أقدموا عليه، ونالوا شرف الشهادة في سبيله.
ألا تستحق سيرة الفريق عبد المنعم رياض عمل درامي ملحمي كبير يقدم من خلاله واحدة من أعظم ملاحم البطولة والتضحية والشهادة ولتعرف الأجيال الحالية ماذا قدم الآباء من أجل أن نحيا في عزة وكرامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.