علق الكاتب الصينى "يو جين كوى"، فى مقاله الذى نشرته صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية على الانتخابات الرئاسية التى تجرى حاليا فى مصر، مؤكدا أن أبرز ما يميز تلك التجربة غير المسبوقة هو أن فرص كافة المرشحين متساوية تماما، حيث إنه لم يظهر حتى الآن المرشح الأبرز الذى قد يستحوذ على كرسى الرئيس فى مصر خلال المرحلة المقبلة. وأكد الكاتب الصينى، أن هناك أربعة مرشحين يحظون بتأييد واضح من جانب قطاع كبير بالشارع المصرى، وهم عمرو موسى وأحمد شفيق، والذين يتهمهم البعض بالانتماء للنظام المصرى السابق، بينما ينتمى المرشحون الآخرون لتيار الإسلام السياسى وهما محمد مرسى – مرشح جماعة الإخوان المسلمين – وعبد المنعم أبو الفتوح الذى بدأ نجمه فى الصعود بشكل كبير. ويرى الكاتب أن الانتخابات الرئاسية فى مصر تعد بمثابة معركة بين القوى الليبرالية والإسلامية، وهنا يبقى السؤال الرئيسى الذى يطرح نفسه أمام العديد من المتابعين للمشهد السياسى المصرى، وهو هل ستحتفظ مصر بالطبيعة العلمانية لحكومتها، أم أنها سوف تتجه نحو الفكر الإسلامى؟ وأضاف الكاتب الصينى أن كافة استطلاعات الرأى التى أجرتها مختلف الصحف والمراكز البحثية، لم تحسم إلى حد كبير شخصية المرشح الذى قد يتوافق عليه الشارع نظرا لتباين النتائج التى أسفرت عنها معظم تلك الاستطلاعات. ولذلك فقد أكد الكاتب أنه من الصعب للغاية أن يحصل على أحد المرشحين على نسبة أكبر من 50 بالمائة من أصوات الناخبين حتى يتمكن من حسم المعركة لصالحه فى الجولة الأولى، مؤكدا أن الانتخابات الرئاسة فى مصر سوف تشهد جولة إعادة فى يونيو القادم. وأوضح "جين كوى" أنه من الصعب للغاية التكهن بالفائز فى الانتخابات القادمة، موضحا أن التيار الليبرالى قد سيطر على مقاليد الحكم فى مصر لعقود طويلة، وبالتالى فلا ينبغى الاستهانة بهذا التيار وثقله فى الشارع المصرى، على الرغم من النتائج التى أسفرت عنها الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتى حقق فيها الإسلاميون انتصارا كاسحا. وأضاف المفكر الصينى أنه بالرغم من أن شعبية الإخوان قد تراجعت بشكل كبير فى الشارع المصرى، خاصة بعد أن فشلت الجماعة فى الوفاء بالتزامها بعدم تقديم مرشح رئاسى خلال الانتخابات الرئاسية الحالية، إلا أنه عاد ليؤكد أن الجماعة التى حصلت على أغلبية المقاعد البرلمانية مازالت تحظى بشعبية طاغية فى العديد من الأماكن الريفية فى مصر. وأضاف الكاتب أن المرحلة الانتقالية فى مصر شهدت اضطرابا ملحوظا منذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير التى تمكنت من الإطاحة بنظام مبارك، موضحا أن المجتمع المصرى قد عانى انقساما حادا خلال نتيجة المعارك السياسية التى سيطرت على المشهد السياسى فى مصر بين مختلف القوى السياسية والثورية. وقال إن تلك المرحلة قد ألقت بظلالها لتؤثر على الوضع فى مصر بشكل عام، مؤكدا أنه بصرف النظر عن طبيعة الفائز فى الانتخابات الرئاسية وميوله السياسية، فإن تحقيق الاستقرار السياسى والاقتصادى وتحسين معيشة المصريين يعد تحديا كبيرا للرئيس القادم، مؤكدا أن ذلك لن يتحقق فى وقت قريب. وأكد أنه فى حالة وصول أحد المرشحين من ذوى النزعة الليبرالية إلى مقعد الرئيس فى مصر، فإنه لن يجد تعاونا كبيرا من جانب البرلمان، والذى يسيطر عليه الإسلاميون، مؤكدا أن أعضاء البرلمان سوف يوجهون انتقادات لاذعة للسياسات التى سيتبناها الرئيس القادم للبلاد من أجل إعاقته عن القيام بدوره. فى حين أنه فى حالة فوز مرشح إسلامى، فإن الدولة المصرية سوف تصطبغ تماما بالصبغة الإسلامية وهو ما يتعارض تماما مع رؤى الليبراليين والقادة العسكريين للبلاد. من ناحية أخرى أثار الكاتب الصينى سؤالا يتردد كثيرا فى هذه الآونة، حول قيام المؤسسة العسكرية بتسليم السلطة كاملة للسلطة المدنية المنتخبة فى أعقاب الانتخابات الحالية، مرددا الشكوك التى يرددها الكثيرون حاليا، خاصة أن المؤسسة العسكرية فى مصر تعد المؤسسة الأقوى والأكثر تأثيرا فى الشارع المصرى منذ عقود طويلة، موضحا أن هذا الأمر قد يصعب تغييره حتى ولو من خلال الثورة. وأكد الكاتب أنه من الصعب أن يتكرر المشهد الذى سبق أن شهدته الجزائر فى التسعينيات من القرن الماضى عندما تدخل الجيش وقرر إلغاء الانتخابات لمنع التيار الإسلامى من الوصول إلى السلطة، إلا أنه أكد فى الوقت نفسه أن تأثير الجيش فى مصر مازال قويا وواضحا. وأوضح الكاتب أن مصر قد تتمتع الآن بمزيد من الديمقراطية، إلا أنها مازالت تعانى من شبح الفقر الذى يسيطر على أكثر من أربعين بالمائة من المصريين، موضحا أن الديمقراطية التى يتمناها المصريون لن تحسن مستواهم المعيشى. واختتم الكاتب مقاله بأن الأولوية لدى الرئيس القادم لابد أن تكون لتحقيق مستوى معيشى مميز للمصريين، من خلال تحسن الوضع الاقتصادى المترنح حاليا بالبلاد، ثم بعد ذلك يمكنه التفكير فى تحقيق تقدم ديمقراطى حتى يحظى بدعم شعبى من قبل المصريين، معربا عن أمنياته أن تحقق مصر مزيدا من الاستقرار خلال المرحلة المقبلة.