سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فى عيد الشرطة 73.. من البنادق العتيقة إلى الدبابات الضخمة.. "اليوم السابع" يرصد الأسلحة الحقيقية المستخدمة فى معركة 1952.. من ركام الإسماعيلية إلى تأبين الشهداء.. ذكرى المعركة توثق تضحيات الأبطال
رغم مرور 73 سنة على معركة الإسماعيلية، فإن غبار الزمن لم يطمس معالم تلك اللحظات القاسية، التي كتب فيها رجال الشرطة أروع ملاحم الشجاعة والإباء، تلك المعركة التي اندلعت في صباح 25 يناير 1952، عندما تصدَّى أبناء الإسماعيلية لعدوان بريطاني شرس في محاولة لاحتلال الأرض وفرض الاستسلام. ومع مرور السنين، ما زالت تبوح المعركة بأسرارها، ويظل سلاحها شاهداً على صمودٍ لا يلين، وتضحية لا تقدر بثمن. بين الأسلحة الثقيلة والنبض الوطني في تلك المعركة، كانت الأسلحة البريطانية الثقيلة تأتي كالمطر، كانت المدافع من عيار 25 رطلاً، التي كانت تُستخدم في الحروب الكبرى، تبث رعدًا مرعبًا في سماء المدينة، ومع انطلاق المدافع، كانت القذائف تنهمر على مبنى المحافظة وثكنات "بلوكات النظام" التي كانت تمثل آخر حصن للدفاع عن المدينة. لم ترحم تلك المدافع مباني الإسماعيلية، بل دكتها حتى حولتها إلى ركام، وسالت الدماء على أرضها الطاهرة، لكن الرصاص البريطاني لم يكن أبدًا هو السلاح الوحيد في المعركة، كانت دبابات "السنتوريون" العملاقة، وهي من أعتى الأسلحة التي امتلكتها بريطانيا في ذلك الوقت، تدك بكل شدة، حاملة مدافع عيار 100 ملليمتر، قادرة على تدمير أي شيء يعترض طريقها. لكن، ماذا عن السلاح المصري؟ في مقابل هذا السيل الجارف من القذائف الثقيلة، كان رجال الشرطة المصريون يحملون بنادق "لي إنفيلد" القديمة، تلك البنادق التي كانت في الماضي القريب سلاحًا تقليديًا، ولكنها في ذلك اليوم، أصبحت رمزًا للصمود. تلك الأسلحة التي بدت ضعيفة في وجه الأسلحة البريطانية الحديثة، ولكنها كانت محملة بإيمان كبير وعزيمة لا تلين، كانت القلوب المصرَّة في صدور رجال الشرطة أقوى من كل المدافع، وأبقى من كل الأسلحة. معركة الأبطال.. كيف قاوم رجال الشرطة؟ في الساعة السابعة صباحًا، بدأ الهجوم البريطاني العنيف على مدينة الإسماعيلية، اندلعت أولى شرارات المجزرة عندما بدأت المدافع البريطانية تفتح النار على المباني، ثم تبعتها دبابات السنتوريون التي كانت تُقصف بكل قوتها دون تردد. في مواجهة هذا العصف المدمِّر، تصدى رجال الشرطة المصريون ببنادقهم العتيقة، يقاومون ببسالة حتى نفدت ذخيرتهم. وقد كانت شجاعتهم في مواجهة هذه الآلة الحربية الضخمة مصدر إلهام للمصريين في كل مكان. الرد المصري: لن تتسلمونا إلا جثثًا هامدة وفي لحظة تاريخية، وقف النقيب مصطفى رفعت، ضابط صغير الرتبة لكنه متأجج الوطنية، أمام جنرال بريطاني مغرور، ليصرخ في وجهه بشجاعة لا مثيل لها: "لن تتسلمونا إلا جثثًا هامدة". هذا الرد لم يكن مجرد كلمات، بل كان تعبيرًا عن إرادة الشعب المصري في مقاومة الاحتلال، مهما كانت التضحيات. إعجاب الأعداء بشجاعة المصريين ورغم أن النيران لم تتوقف، وظلت المدافع تقصف بلا هوادة، ورغم أن رجال الشرطة ظلوا صامدين حتى النهاية، إلا أن الشجاعة المصرية لفتت انتباه العدو. كان الجنرال البريطاني إكسهام معجبًا بمقاومة رجال الشرطة، فقال: "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف"، ولم يكن من الممكن أن يمر هذا الموقف دون تكريم، فقد أمر الجنرال البريطاني جنوده بأداء التحية العسكرية لرجال الشرطة المصريين تكريمًا لشجاعتهم وإخلاصهم في الدفاع عن وطنهم. أرواح الشهداء: سقط في المعركة 56 شهيدًا من رجال الشرطة، بينما جُرح 80 آخرون، في معركة كانت تمثل أسمى درجات التضحية، وعلى الرغم من أن القوات البريطانية حققت النصر العسكري، إلا أن روح المقاومة المصرية ظلت حية في نفوس الأبطال. فى المقابل، فقد سقط 13 ضابطًا بريطانيًا قتيلاً و12 آخرين جرحى. ذكرى لا تمحى ورصدت كاميرا اليوم السابع صورًا للأسلحة الحقيقية التي استخدمت في معركة الاسماعيلية ، ورغم مرور أكثر من سبعة عقود على تلك المعركة، إلا أن ذكراها تبقى حية في قلوب المصريين، كانت معركة الإسماعيلية، بكل أسلحتها وأبطالها، محطة فارقة في تاريخ المقاومة الوطنية. ولعل العبرة التي تظل تتردد هي أن الأسلحة مهما كانت قوتها، تبقى عاجزة أمام الإرادة الوطنية الراسخة، التي لا تنكسر.