قال وزير الخارجية محمد كامل عمرو، إن ثورتنا المجيدة فى 25 يناير جاءت لتشحذ من عزمنا على المضى قدما فى دعم وتفعيل المبادئ التأسيسية لحركة عدم الانحياز بمساندتنا لمبادئ السيادة الوطنية والمساواة، ودعم حقوق الشعوب فى تقرير مصيرها وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها فى تسوية النزاعات فى كفاحها ضد الاحتلال الأجنبى وتحقيق التعاون الدولى القائم على التضامن بين الشعوب. وأضاف عمرو، فى كلمته اليوم بالجلسة الختامية للاجتماع الوزارى لمكتب تنسيق حركة عدم الانحياز الذى انعقد على مدار يومى 9 و10 مايو الجارى بشرم الشيخ بمشاركة وفود 120 دولة، "أن مصر حملت رسالة الحركة بكل أمانة، ولم تدخر أى جهد من أجل الدفاع عن مصالح دول الحركة، مشيرا إلى تسليم مسئولية رئاسة الحركة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد ثلاثة أشهر، ومؤكدا على الثقة فى قدرتها على قيادة الحركة على نحو يحافظ على تماسكها، ويدعم من دورها على الساحة الدولية بما يتفق مع تطلعات أعضائها". وقال عمرو، إن مثل هذا الاجتماع كان فرصة استطاعت من خلالها كافة الدول الأعضاء التعبير بوضوح عن آرائها ومواقفها خلال حلقات النقاش العام بالنسبة للعديد من القضايا الرئيسية التى تمثل مصدر اهتمام كبير للحركة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى ومقدساته، حيث جددنا خلال الاجتماع التزامنا باستمرار دعم وتضامن دولنا مع فلسطين وتحقيق تطلعات شعبها الشقيق إلى إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، استكمالا وبناء على ما تقرر أثناء مؤتمر القمة الخامس عشر لرؤساء الدول والحكومات الذى عقد بشرم الشيخ فى يوليو 2009، وكذلك المؤتمرات والاجتماعات الوزارية الأخيرة للحركة بما فيها المؤتمر الوزارى السادس عشر الذى عقد فى بالى فى مايو 2011. وشدد على تأكيد الوزراء أسفهم لاستمرار معاناة الشعب الفلسطينى على أيدى الاحتلال العسكرى الإسرائيلى الوحشى للأراضى الفلسطينية على مدار الخمسة والأربعين عاماً الماضية منذ عام 1967، وحرمانه من حقوقه الإنسانية الأساسية، بما فى ذلك حقه فى تقرير المصير. وأشار وزير الخارجية إلى إعلان فلسطين الصادر عن اجتماع المؤتمر، الذى يشدد على ضرورة بذل المزيد من الجهود للمساعدة فى دفع عملية السلام وتفعيل قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة، بما فيها قرارات مجلس الأمن ومرجعية مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق للجنة الرباعية الدولية مع الأخذ فى الاعتبار هدف تحقيق التسوية السلمية بحلول نهاية عام 2012، كما طرح عدد من الدول إجراءات عملية لتفعيل الإعلان وتم توجيه السادة المندوبين الدائمين بالأممالمتحدة بدراستها. وأوضح عمرو أن الاجتماع تناول أيضاً ملف اللاجئين الفلسطينيين، وذلك استناداً إلى قرار الجمعية العامة رقم 194، كما عقد الاجتماع جلسة خاصة حول موضوع الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، استعرض فيها ما يلاقيه السجناء السياسيين الفلسطينيين من تعذيب وحرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية التى تكفلها لهم المواثيق والمعاهدات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً، وهو ما يدفعنا جميعاً لبذل قصارى جهودنا من أجل العمل على زيادة الوعى الدولى بهذه المسألة وحشد التأييد فى سبيل إنهاء معاناة آلاف السجناء الفلسطينيين وعائلاتهم، وفقاً للإعلان الصادر بهذا الشأن عن اجتماعنا هذا. وقال وزير الخارجية المصرى، إن الشعور بوجود ازدواجية فى المعايير من خلال فرض عقوبات أحادية الجانب، فضلاً عن الاستهداف الانتقائى لبعض الدول لاعتبارات غير موضوعية، أصبح شعوراً عاماً انعكس فى مناقشات الأمس واليوم، حيث أبرزت مداولاتنا عزم دول الحركة على المضى قدماً من أجل إصلاح الأممالمتحدة، بما فى ذلك توسيع عضوية مجلس الأمن وتطوير قواعد عمله، باعتباره أحد أهم أجهزة منظومة الأممالمتحدة المعنية بحفظ الأمن والسلم الدوليين، ليصبح أكثر توازناً وتمثيلاً لواقع المجتمع الدولى بما يتطلبه ذلك من تحقيق تواجد أكبر وأقوى للدول الأفريقية على وجه الخصوص. وأكد الاهتمام الذى توليه دول الحركة لملف تحقيق التنمية المستدامة ولمؤتمر الأممالمتحدة ريو 20 المقرر عقده فى الفترة من 20 إلى 22 يونيو المقبل، ولا سيما فى ضوء ما يشهده عالم اليوم من أزمات عالمية متعاقبة تمثل أهمها فى الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وما خلفته من آثار سلبية على اقتصاديات الدول النامية بوجه خاص وما سببته من أزمات فى أسعار الطاقة والغذاء، وتضاؤل حجم التجارة وتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلاً عن تحديات الأمن الغذائى وهو ما دفعنا مجدداً إلى تأكيد ضرورة الإصلاح الكامل والشامل للنظام الاقتصادى والمالى الدولى ليكون أكثر قدرة على خدمة احتياجات الدول الأعضاء، ولا سيما البلدان النامية، بطريقة منصفة وعادلة. وأشار إلى ما عكسته مناقشات الاجتماع من وجود توافق عام حول العديد من الموضوعات الملحة مثل الأمن الدولى ونزع السلاح، وتعزيز تعاون الجنوب – جنوب، وهو ما بدى جلياً فى التوصيات التى تمخضت عنها الوثيقة الختامية للاجتماع، كما شددت المناقشات على ضرورة تسوية النزاعات بالطرق السلمية على نحو يكفل عدم المساس بالسلم والأمن الدوليين، ونبذ العنف والإرهاب أو التهديد بهما، ودعم قيم ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما تلاقت وجهات نظر دول الحركة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع العديد من القضايا الإقليمية الراهنة، والتى تتعلق بمصالح بعض الدول الأعضاء على وجه الخصوص. واختتم عمرو كلمته قائلا: إن نجاح اجتماعنا اليوم يمثل خطوة فى الطريق إلى القمة السادسة عشرة التى ستعقد فى طهران فى الفترة من 26 إلى 31 أغسطس القادم هذا، وسنظل نعمل بعد تسليم الرئاسة، وكما كان دأبنا دائماً، من منظور إيماننا بمبادئ الحركة واهتمامنا بدورها ومشاركتنا الفاعلة فى أنشطتها، بالإضافة إلى ما تمليه علينا مسئوليتنا النابعة من عضويتنا فى الترويكا، على تعزيز الوحدة والتضامن بين دول الحركة والسعى لتعضيد الجهود المبذولة من أجل تحقيق مصالح بلادنا وشعوبنا.