أكد خبراء اقتصاديون اليوم، الأربعاء، على ضرورة مساهمة المصارف العربية بفاعلية فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها الملاذ الآمن للحد من مسعدلات البطالة وخلق فرص عمل للشباب، وتوفير خدمات للقطاعات المختلفة لا تستطيع المشروعات الكبيرة تلبيتها. وقال وسام فتوح، أمين عام اتحاد المصارف العربية، خلال منتدى المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى بدأ أعماله اليوم وينظمه اتحاد المصارف العربية، تحت عنوان "الخيار الاقتصادى الاستراتيجى العربى، ويستمر لمدة يومين، إن التطورات السياسية والاجتماعية التى شهدتها مصر العام الماضى أثرت بشكل كبير على النشاط الاقتصادى والأوراق المالية فى مصر، ما أدى إلى زيادة الضغط على السيولة المحلية وارتفاع معدلات التضخم إلى 11.8% وفقا لبيانات صندوق النقد الدولى وانخفاض نمو الناتج المحلى إلى 1.22%. وأضاف فتوح أن تأثير الاضطرابات السياسية على النشاط الاقتصادى بات واضحا فى الاستهلاك والاستثمار مما فاقم الانعكاسات السلبية على الاقتصاد الحقيقى، وأدى إلى زيادة العجز فى موازنة الحكومة كنسبة من الناتج المحلى من 28ر8 % خلال 2010 إلى 27ر10 خلال 2011. وأشار إلى أن التطورات الاقتصادية والسياسية فى مصر شكلت تحديات غير مسبوقة للسلطات النقدية، منوها إلى أن البنك المركزى المصرى سعى إلى كبح جماح معدلات التضخم رغم تراجع حجم الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى 4ر16 مليار دولا بنهاية العام الماضى. وقال وسام فتوح أمين عام اتحاد المصارف العربية، إن السلطات المالية والنقدية فى مصر قامت بجهد كبير خلال العام الماضى وبداية العام الجارى لمواجهة التحديات الاقتصادية. وشدد فتوح على أهمية تعزيز وزيادة الإدراك بأهمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لاقتصاديات الدول العربية ومدى أهمية هذا القطاع خاصة بالنسبة للتمويل، مشيرا إلى أنه لا توجد حتى الآن استراتجيات عربية على المستوى الوطنى لتفعيل دور هذا القطاع سواء بالنسبة للدعم والتشجيع أو بالنسبة للتمويل رغم أهميته. ونوه إلى أن اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك الدولى قام بعمل دراسة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الوطن العربى- شملت 16 دولة و139 مصرفا عربيا- أظهرت أن حصة القروض المقدمة من المصارف بلغت 8% فقط. وانقسمت نسبة القروض المصرفية المقدمة للمشروعات المتوسطة والصغيرة بالدول العربية إلى ثلاث مجموعات الأولى تضم مصر وسوريا وتبلغ نسبتها أقل من 10% والثانية ما بين 10 -15% وتضم فلسطين والأردن والثالثة الأخيرة، والتى تزيد عن 15% تضم تونس ولبنان واليمن والمغرب. وأوضح أن نسبة القروض المخصصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تتفاوت بشكل كبير بين القطاعات المصرفية العربية لتحتل المغرب أعلى نسبة بقيمة 24% تليها لبنان بقيمة 16% ثم مصر 5 % والإمارات 4 % والبحرين 1% وأخيرا قطر 5ر0 %. وأضاف أن الدراسة أظهرت أن 21% فقط من إجمالى ما بين 9ر1 إلى 4ر2 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة مسجلة رسميا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حصل على قروض من المصارف رغم أن حوالى 74% منها لديها حسابات إيداع لدى المصارف، كما أنه توجد فجوة تمويل لهذه المشروعات تتراوح ما بين 110 إلى 140 مليار دولار، مشددا على ضرورة توفير التمويل للمشروعات الصغيرة والدول العربية الأخرى وأهمية حصوله على التمويل الضرورى. ومن جانبه، قال فاروق العقدة محافظ البنك المركزى المصرى، إن دول الربيع العربى تمر حاليا بمنعطف بالغ الأهمية بعد مرور أكثر من عام على التحديات التى بدأت منذ أواخر عام 2010، وخاصة التحديات الاقتصادية على مر العقود الماضية. وأوضح العقدة فى كلمته، التى ألقتها نيابة عنه لبنى هلال نائب محافظ البنك، أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة لديها القدرة على خلق فرص العمل لتحفيز التشغيل الذاتى والعمل الخاص، وتحسين الدخل على المستوى القومى، فضلا عن انخفاض تكلفة رأس المال نسبيا مقارنة بالمشروعات الكبيرة. وأضاف أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تواجه العديد من التحديات منها توفير الكوادر البشرية المناسبة، فضلا عن أن دول الربيع العربى تواجه عجزا اجتماعيا واقتصاديا. وأشار إلى أن من بين التحديات أيضا خوف البنوك من تمويل هذه المشروعات، نظرا لأنها تقع ضمن القطاعات غير الرسمية، ولا يمكن تحديد المخاطر التى تواجهها علاوة على عدم وجود بنية تشريعية قوية لها. وأوضح العقدة، أن البنك المركزى أطلق مبادرة عام 2008 لمنح البنوك التمويل اللازم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة متمثلة فى إعفاء البنوك من الاحتياطى الإلزامى بقيمة ما توفره البنوك من القروض لتلك المشروعات، هذا إلى جانب مساعدة البنوك فى توفير الكوادر البشرية وإنشاء إدارات متخصصة لتلك المشروعات وتوفير تكنولوجيا المعلومات، وتقديم الدراسات المعنية لدراسة التشريعات للحد من المخاطر الائتمانية، وبالتالى تحسين فرص الحصول على التمويل للقطاعات المختلفة. ولفت محافظ البنك المركزى إلى أن قوة القطاع المصرفى المصرى وتعامله مع الظروف الراهنة ساعد على تعزيز قدرة القطاع خلال الأزمات التى مرت بها سواء الأزمة العالمية فى عام 2008 أو الأحداث الراهنة التى تمر بها مصر. وأوضح أن التصدى لتلك التحديات التى تواجهها المشروعات تحتاج إلى تضافر جهود الجهات المعنية، لتوفير المحفز الملائم للقطاع المصرفى لتمويل تلك المشروعات إلى جانب توفير الدعم الفنى ونقل الخبرة المصرفية، منوها بأن دعم تلك المشروعات سيكون نقطة انطلاقة لدول الربيع العربى. من جهته، أكد أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هى عماد الاقتصاد المصرى والمنقذ له من الاستمرار فى أزمته الحالية، كما تمثل الحل الأمثل لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الشباب الذين ينضمون سنويا إلى سوق العمل، والذين من المقدر أن يصل عددهم إلى 30 مليون شاب بحلول عام 2020. وشدد على أهمية تعاون الجهات المختلفة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأهمية توفير التمويل اللازم لها، خاصة أن الحصول على التمويل يعد أحد أهم المشكلات التى تقف عقبة أمام توسع هذه الشركات واستمرار نشاطها، وعدم قدرتها على توفير الضمانات الكافية التى تشترطها البنوك والمؤسسات المالية للحصول على التمويل منها، وهو ما يتطلب توفير آليات ونماذج من التمويل الميسر لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكذلك تقديم المزيد من الحوافز والتيسيرات لهذا القطاع الاقتصادى الحيوى والمهم. وقال صالح، إن هذا المنتدى يحمل أهمية كبرى، ولا سيما أنه يعقد فى هذه المرحلة الفارقة من عمر الاقتصاد الوطنى، مؤكدا حرص مصر بمختلف كياناتها على الاهتمام بهذا القطاع الاستراتيجى ووضعه فى مقدمة أولوياتها من أجل دفع عجلة النمو بوصفه وسيلة فعالة فى توجيه المدخرات الصغيرة إلى الاستثمار، فضلا عن ارتباطه بكافة فروع الصناعات الأخرى المغذية للاقتصاد الوطنى. \ ودعا الحضور من ممثلى كبرى البنوك والمصارف المصرية والعربية لبذل مزيد من الجهد وإبداء المزيد من التفهم والدعم لشباب رواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر وشتى الدول العربية، وذلك من خلال توفير التمويل اللازم لمشروعاتهم، من منطلق الدور المحورى والمهم الذى تقوم به المصارف العربية كشركاء فى عملية دعم الاقتصاد العربى، ومساندة الاقتصاد المصرى. وأشار صالح إلى أن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة تولى ريادة الأعمال وتطوير قدرات الشباب اهتماما كبيرا، إيمانا منها بأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هى السبيل الأمثل لدفع قاطرة الاستثمار والنمو فى الوقت الراهن بمصر، وذلك على غرار العديد من دول العالم التى نجحت من قبل فى التصدى لتداعيات الأزمة المالية العالمية والكثير من أزماتها الداخلية بتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية ودول جنوب شرق آسيا. وأوضح أن مركز "بداية" لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتابع لهيئة الاستثمار، وكذلك برنامج "عيادات الأعمال" الذى تسهم الهيئة فى تنظيمه، يعملان على تقديم الدعم والمساندة الفنية للشباب والمواطنين البسطاء من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك من أجل مساعدتهم على تخطى صعوبات المرحلة الاقتصادية الراهنة، والانتقال من القطاع غير الرسمى الذى يعمل به الغالبية العظمى منهم إلى القطاع الرسمى. ووجه أسامة صالح الدعوة إلى الجمعيات الأهلية من أجل دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لما تسهم به هذه المشروعات فى القضاء على البطالة، والاستفادة من القوة الشبابية التى لا يستهلان بها، والتى تحظى بها مصر، لدفع عجلة الاقتصاد القومى وتحقيق النفع لأبناء الوطن.