فى الوقت الذى حاول فيه النائب أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، الدفاع عن الحكومة بسبب زيادة عجز الموازنة، وجه الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات اتهامات خطيرة إلى الحكومة، وأكد أنه "شتان الفارق بين الاقتصاد الأمريكى والأوروبى ودول شرق آسيا وبين الاقتصاد المصرى حيال نسبة الدين أو العجز فى الموازنة". وقال المستشار جودت الملط "هذه الدول تقترض من أجل إقامة العديد من الاستثمارات والمشروعات، لكننا فى مصر نقترض لتغطية عجز الموازنة، ومن أجل توفير الالتزامات المالية الأساسية. وكشف رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات عن أن أرصدة المتأخرات والمستحقات الحكومية مع بداية تكليف الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بلغت 64.8 مليار جنيه خلال عام 2004، مشيراً إلى أنها وصلت الآن إلى 101 مليار جنيه. وأوضح الملط أن هذه المتأخرات تشمل ضرائب على الدخل بإجمالى 52 مليار جنيه و30.7 مليار جنيه على كبار الممولين و5.2 مليار جنيه متأخرات جمارك و2.3 مليار جنيه ضرائب مبيعات و2.4 مليار جنيه على وحدات الإدارة المحلية و 1.8 مليار جنيه على الهيئات الخدمية، بينما تقدر المتأخرات من الرسوم القضائية والغرامات بنحو 6.4 مليار جنيه، وتقدر المتأخرات على الجهاز الإدارى لوزارة المالية بنحو 1.2 مليار جنيه، و27.4 مليار جنيه لدى بعض الهيئات الاقتصادية والمؤسسات الصحفية، ويبلغ رصيد متأخرات رسوم الشهر العقارى نحو 600 مليون جنيه. جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب اليوم الثلاثاء، أثناء عرض الحساب الختامى، عن زيادة الدين العام الداخلى. وأكد المستشار جودت الملط أن نصيب الفرد من هذا الدين بلغ 8527 جنيهاً خلال عام 2008، مبيناً إلى أن عبء خدمة الدين الحكومى الداخلى والخارجى عن سنة 2008 بلغ 58.6 مليار جنيه، فى الوقت الذى بلغ فيه الدين خلال عام 2007، 53.5 مليار جنيه بزيادة 5.1 مليار جنيه. وأكد أن نسبة أعباء خدمة الدين العام الحكومى الداخلى والخارجى بلغت 20% من الاستخدامات. هاجم المستشار جودت الملط، الحكومة، واتهمها بعدم إعداد دراسات جدوى دقيقة حول المشروعات التى تقوم بها الوزارات المختصة، كل فى مجاله، وأكد الملط أن هذه المشروعات يشوبها عدم الدقة والإهمال والتسيب، واصفاً ما يحدث بالاستخفاف الذى يؤدى إلى إهدار المال العام. وقال المستشار جودت الملط "كل ما نقوله الآن داخل اللجنة البرلمانية، ذكرناه منذ 9 سنوات، وليس بجديد"، مشيراً إلى قيام بعض المشروعات الحكومية دون دراسات جدوى. وأكد أن الشعب المصرى يدفع الثمن الآن، لافتاً إلى أن الحكومة أغلقت باب معاقبة أو محاسبة المسئولين عن هذا الفساد، ووجه الملط كلامه للنواب الذين حضروا الاجتماع قائلاً "هناك أكثر من 30 وزارة بداخلها العديد من التجاوزات، وأن هذه العدوى انتقلت من شركات قطاع الأعمال العام والقطاع العام والشركات المشتركة". كما كشف المستشار جودت الملط عن ما دار بينه وبين رئيس مجلس الوزراء حول وقائع التجاوزات التى تشهدها العديد من الوزارات، وقال "إن رئيس الوزراء اعترف بهذه التجاوزات". وأكد الملط أن المشروع التى تشير دراسته الأولية إلى تكلفة تصل إلى 100 مليون جنيه تقفز فيما بعد إلى مليار جنيه، نتيجة التعديل والإضافة والدراسات الخاطئة. ووصف الملط هذه الجرائم بالجرائم السياسية، وقال "إن الوزراء فى مصر لا يحاسبون مرؤوسيهم، ويجب على مجلس الشعب محاسبة الحكومة على أخطائها. وأضاف إن الجهاز المركزى للمحاسبات يعمل من أجل كشف الحقائق أمام مجلس الشعب وليس من حق الجهاز محاسبة المقصرين داخل الحكومة. وقال "الجهاز لا يستطيع إحالة هذه الأمور إلى النيابة العامة أو النائب العام". وحذر الملط من تفاقم المديونية التى يواجهها الميزان التجارى المصرى، لافتاً إلى أن متأخرات كبار الممولين فى القطاع الخاص من الضرائب وصلت لنحو 30.6 مليار جنيه. كان النائب المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة قد حاول تخفيف الاتهامات الموجهة للحكومة، وتقصيرها فى تحصيل مستحقاتها، وقال "إن هناك استحالة فى تحصيل العديد من الرسوم والضرائب من بعض المؤسسات والهيئات، مدللاً على ذلك بهيئة السكك الحديدية ومؤسسة روز اليوسف ودار التعاون والأخبار". واستطرد عز قائلاً "نحن لا نخشى المديونيات الحكومية لأن زيتنا فى دقيقنا، ولكن الخوف على المتأخرات الموجودة عند القطاع الخاص".
