منذ أن بدأت أزمة المحامى المصرى أحمد الجيزاوى والسؤال الذى يتردد على كل الألسنة أين الحقيقة؟.. وبأى منطق أدارت وزارة الخارجية ملف الأزمة إلى أن وصلت لهذه الدرجة؟.. وهل لدى الوزارة بالفعل إدارة للأزمات أم أننا أمام حالة من التيه تنتاب الوزارة كشفتها أزمة الجيزاوى ومن قبلها خروج سفير مصرى للمرة الأولى على الملأ ليكيل الاتهامات لوزير الخارجية بسبب الحركة الدبلوماسية. أزمة الجيزاوى وضعتنا أمام حقيقة مرة وهى أننا لا نملك دبلوماسية مصرية متناسقة، فما قاله وزير الخارجية محمد كامل عمرو قبل يومين فى أحد البرامج التليفزيونية من أنه يتهم سفير مصر فى الرياض، السفير محمود عوف، بأنه تسرع فى تأكيد الاتهامات المنسوبة للجيزاوى المتهم بحيازة أقراص مخدرة على الأراضى السعودية، يؤكد أن الخارجية تحولت إلى مجموعة من الجزر المنعزلة أدت إلى حالة الارتباك التى شهدتها مصر خلال الأسبوع الماضى بسبب قضية الجيزاوى، فالخلاف داخل الوزارة وضعنا أمام أخبار متناقضة مع بعضها البعض، فالوزير يقول كلاما عكس ما قاله السفير مطلقا، فهو يتشكك فيما قاله السفير من أن الجيزاوى القى القبض عليه وبحوزته العقاقير المخدرة، ويقول الوزير أمام مجلس الشعب أن هذه الاتهامات مجرد ادعاءات، والسؤال هنا، إذا كانت هذه ادعاءات فعلا فمن أين استقيت هذه المعلومات، ومن الجهة غير السفارة المصرية فى الرياض التى أطلعتك سيادة الوزير على تفاصيل هذه القضية، أنا هنا لا أدافع عن السعودية ولا أتحامل على الجيزاوى، لكننى وللمرة الأولى أجد وزارة الخارجية فى هذا التناقض الذى أوصلنا إلى درجة التيه بل والعبث الذى وصل بنا إلى درجة أن وزير وسفير يقولان كلاما متناقضا، رغم أن المنطق الدبلوماسى والقنصلى فى هذه القضية يقول إن سفير مصر فى السعودية ومعه القنصل العام هم من يتابعون القضية مع السلطات السعودية، ومن ثم يرسلون تقارير دورية عنها لوزارة الخارجية، لكى تكون على اطلاع دائم بالقضية وملابساتها، هذا هو المنطق، وهذا ما يقوله العقل، لكن يبدو من تصريحات الوزير الأخيرة أن هذا المنطق والعقل أصبح من الأمور المفتقدة فى الخارجية، وإلا كيف وصلنا إلى درجة أننا أمام وجهتى نظر تجاه القضية، الأولى من السفير الموجود فى السعودية والمطلع على القضية، ووجهة نظر أخرى قالها وزير الخارجية. الوزير "الشجاع" الذى يبدو أنه أردا كسب عاطفة البعض لمواجهة الهجوم على سياسيته غير المفهومة فى إدارة الملفات مطالب الآن بالكشف عن حقيقة من أمده بالمعلومات عن قضية الجيزاوى، وكيف تيقن من صحتها، وما مصير السفير محمود عوف، هل سيتم التحقيق معه بسبب ما قاله عن القضية، والأهم من ذلك يحدد لنا من صاحب القرار فى إدارة الملفات والأزمات داخل وزارة الخارجية؟