جنوب سيناء: مشروع سياحي ضخم بتكلفة 3 مليارات جنيه باللاجونا والبلو هول في دهب    ترامب: أوكرانيا يمكنها استعادة جميع الأراضي التي استولت عليها روسيا    ماييلي يوقع على هاتريك مميز أمام أهلي جدة بكأس الإنتركونتيننتال    النيابة تصرح بدفن جثة المتهم بقتل ابنته وإصابة شقيقتها وإنهاء حياته في الإسكندرية    رحمة أحمد تتعرض لوعكة صحية بعد إصابتها بتضخم في الكبد    قاعة ألبرت الملكية في لندن تُكرم أنغام كأول مطربة مصرية وثاني فنان بعد عبد الحليم حافظ تحيي حفلا بها    الداخلية تُساهم بالعديد من المبادرات لمشاركة الإحتفال باليوم العالمى للصم    تشكيل فريق عمل مشترك بين وزارة الأوقاف وجمعية نهضة العلماء الإندونيسية لتعزيز التعاون    جامعة المنيا تراجع الاستعدادات النهائية بمباني الإسكان الفندقي المتميز بالمدن الجامعية    نشأت الديهي: "فلسطين" العنوان الأبرز فى الدورة ال80 لاجتماعات الأمم المتحدة    شفيق التلولي ل"كلمة أخيرة": الدعم الدبلوماسي غير المسبوق للاعتراف بدولة فلسطين لحظة تاريخية    قرارات عاجلة من «صحة المنوفية» بشأن مستشفى السادات المركزي بالمنوفية    الصحة: إنقاذ شاب من إصابة مميتة بالقلب في مستشفى المنصورة الدولي    سوريا.. المواجهات في السويداء تتسبب في نزوح 200 ألف مدني    حزب الإصلاح والنهضة: معايير دقيقة لاختيار المرشحين واهتمام كبير بتمكين الشباب والمرأة    «بتعرف تعمل اللي عاوزاه».. أبراج مكارة ولئيمة    متحدث الأوقاف: انطلاق 945 قافلة دعوية غدا ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك"    نابولي يجدد تعاقده مع بوليتانو ل 3 مواسم رسميا    «حصدت 164 ميدالية».. جامعة الإسكندرية تتصدر بطولة الجامعات المصرية للعام ال12 على التوالى    8 أخطاء شائعة تمنع نزول الوزن وتقف في طريق رشاقتك    متحدث الصحة: نتعاون مع التعليم ومؤسسة الأزهر لضمان عام دراسى آمن صحيا للطلاب    تقرير - من الحداثة إلى الظلام.. هل انتهت ثورة جوارديولا الفنية مع مانشستر سيتي؟    جولة رئيس جهاز حماية المستهلك تتصدى لمخالفات البيع بأزيد من السعر المعلن    ليفربول ضد ساوثهامبتون.. إيزاك يقود هجوم الريدز فى غياب محمد صلاح    حملة موسعة لرفع الإشغالات بشارع الوحدة في إمبابة    أمين الفتوى يوضح كيفية الصلاة على متن الطائرة ووسائل المواصلات.. فيديو    ما حكم الاستثمار فى صناديق الذهب؟ أمين الفتوى يجيب    ما حكم الحصول على مال مقابل "لايكات" على فيديوهات المنصات؟ أمين الفتوى يجيب    داعية إسلامية: الصبر والحمد وقود النجاة من الابتلاءات    مصرع شخص متأثرا بإصابته في حادث انقلاب سيارة ملاكى بطهطا في سوهاج    مشهد بديع التقطته الكاميرات.. سقوط أمطار على المسجد الحرام (صور)    رونالدو وماني خارج تشكيل النصر ضد جدة في كأس خادم الحرمين    أستاذ علاقات دولية ل"الحياة اليوم": خطاب ترامب بالأمم المتحدة هجومى على الجميع    الرئيس التنفيذي ل "صندوق الإسكان الاجتماعي" تعرض التجربة المصرية الرائدة لتوفير السكن الملائم للمواطنين    معهد تيودور بلهارس للأبحاث ينظم ورشة عمل "جراحات المناظير المتقدمة"    الواسطى وناصر ببنى سويف يستعدان لفصل الشتاء بهذة الإجراءات (تفاصيل)    اليوم العالمي للغة الإشارة.. 4 خطوات أساسية لتعلمها وإتقانها    محافظ أسوان يتابع حملة رفع أكثر من 400 حالة إشغال بالسوق السياحي القديم    المستشار محمود فوزي يبحث مع وزير الشباب مبادرات مشتركة تستهدف توعية وتأهيل النشء    حيلة من مدرب الأهلي السعودي قبل مباراة بيراميدز.. ما القصة؟    دول غربية تعرض المساعدة في علاج مرضى من غزة في الضفة الغربية    وزيرة التنمية المحلية توجه بدعم السياحة البيئية بالمنطقة    الرئيس يرد قانون الإجراءات الجنائية ويصدر قراراً بالعفو: رسائل عدالة وإنسانية    إيران: اليورانيوم المخصب بنسبة 60% ما زال تحت الأنقاض    بالمستند.. «التعليم» تصدر تعليمات بشأن دراسة مادة اللغة الأجنبية الثانية    المرأة العربية تطلق ورشة حول الدليل التدريبي لمنهجية إعداد التقارير للقضاء على التمييز    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    أورنچ بيزنس شريك التكنولوجيا الرسمي لمعرض «سيتي سكيب مصر» 2025    أعضاء «الشيوخ» الجدد يتوافدون على المجلس لاستخراج بطاقات العضوية    المفوضية الأوروبية تعلن خطة خاصة لإعادة إعمار غزة وتعزيز الدولة الفلسطينية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 بالدوري المصري والبطولات العالمية    آخر تحديث لسعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    أسعار الفراخ اليوم تفاجئ المستهلك بعد ارتفاعها أمس    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمام يا فندم العساكر خلصوا
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 03 - 2012

إن محاولة وضع صحة المصريين على خريطة أولويات أى أحد الآن قد تبدو ضرباً من الخيال، فالبوتجاز والبترول وعمليات التجميل ومجلس الشعب والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وريكلام أهم بكثير من السكرى والضغط وفيروس سى الرذل وانفلونزا الفراخ البلدى، كذلك الرغى فى المواضيع الثانية أسهل بكتير من الرغى عن الصحة والدواء وتفاصيلهما.
أتمنى أنكم مازلتم تقرأون لأن السطور القادمة بها أرقام سيئة وصادمة عن صحة المصريين (يعنى أنت وأنا بالمناسبة). فى مصر الآن 7 ملايين مريض سكرى و11 مليون مصاب بفيروس سى، وعدد آخر لا أعلمه مصاب بالسرطان.. ولو كنا متفائلين قليلا وافترضنا أن بعض مصابى السكرى عندهم سى أو العكس فنحن نتكلم عن متوسط 12 مليون مصرى مصابين بأمراض مستعصية جداً تقلل من إنتاجية الفرد أو قد تمنعه من العمل تماماً وتخرم ميزانية أى دولة وأى بيت، ناهيك عن التأثير فى المجتمع، أسوأ من ذلك كله التأثير على الأمن القومى.. فأنا لا أعلم من أين ستأتى مصر بعساكر مجندين يحمونها من الداخل والخارج.. الحل الآخر هى تجنيد عساكر مرضى ليعالجهم الجيش أو عساكر من الصين؟، فبحسابات معقدة إذا استمرت معدلات الإصابة كما هى، فلن يكون هناك أصحاء فى مصر فى خلال 15 سنة. يعنى كش ملك من غير ولا عسكرى.
ليس لدى أية أدلة على أن هذا الدمار الصحى خلال ال 25 سنة الماضية مدبر أو منظم أو مخطط، ولكنه بمعظم المقاييس الطبية هو انهيار صحى غير اعتيادى!
لا أريد أن أسترسل اكثر فى تبعيات هذا الانهيار الصحى.. ولكن بدون مبالغة إذا كان هناك خطر بنفس أهمية خطر مياه النيل أو الحرب النووية الأسرائيلية الإيرانية فهو خطر صحة المصريين.
أضف إلى ذلك فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية أن معظم مؤسسات القطاع الخاص الصحية والجمعيات الخيرية تعانى معاناة حقيقية وبعضها مهدد بالإفلاس نظرا للظروف المحيطة وضعف الإنتاج.
إذاً هناك مرضى كتير أوى + قطاع حكومى صحى ببنيه تحتيه منهارة + قطاع الخاص يعانى اقتصادياً لقلة فلوس الزبائن.
إذا ما الحل: فى البداية يجب أن نتنبه أن تحدى الرعاية الصحية للأصحاء ليس سهلا فما بالكم برعاية المرضى.. أيضا أن ليس هناك ما يسمى الحل الواحد الأوحد، بل يجب دمج وتفعيل عدة حلول مع بعضها، فمثلا لا توجد عصا سحرية تعالج السكرى وفيروس سى، ولكن هناك عدة حلول متوازية وممكنة وعاجلة يمكنها السيطرة على تلك المعدلات وإيقاف نموها وعلاج المرضى.
هناك حلول المدى الطويل ذات الرؤية، وهى هامة ولكنها للأسف لا تقدم حلا سريعا للموقف.. وهناك الحلول المؤقتة وهى أيضا مكلفة ولا تحل المشكلة بالشكل الصحيح.
ففرضاً إذا اتخذنا قرارا فوريا الآن بإصلاح الرعاية الصحية وتوفرت الإمكانات والتمويل فإن ذلك سيستغرق 7 سنوات للتنفيذ.. وعندها ستكون المشكلة أكبر حجما وأكثر تعقيداً.
الأفضل هو تبنى حلول متزنة ذات طابع تنفيذى سريع وذات بعد طويل المدى وهى ما تسمى "بسياسات العبور"، وهى سياسات متوازنة ما بين المدى القصير والمدى الطويل.. فمثلا كما ذكرنا توجد مؤسسات رعاية صحية قطاع خاص تعانى اقتصادياً، بينما فى نفس الوقت هناك قوائم انتظار طويلة أمام المستشفيات والمؤسسات الصحية الحكومية المنهارة.
إحدى أهم سياسات العبور تلك هى أن تُفعل أو تحرك الدولة دور القطاع الصحى الخاص للإسراع بتحويل تلك القوائم المنتظرة للعلاج إلى القطاع الخاص، وبالتالى تدفع الدولة الفاتوره بعد خصومات قوية من القطاع الخاص.. سيساعد ذلك القطاع على النهوض من مشاكله الاقتصادية، وكذلك يسرع بإنقاذ المرضى المنتظرين لحين افتتاح أو اكتمال المشروع الحكومى المنتظر، بل إن ذلك سيرفع مستوى جودة القطاع الخاص الصحى ليحصل على العقود الحكومية، ويكون عند مستوى الجودة القياسية.
هناك أيضا سياسة الحوافز الصحية.. فلا يعقل أن تحاسب شركات المياه ضرائبيا نفس محاسبة شركات المياه الغازية، فالثانية تأخذ المياه وتضيف لها ما يجعلها غير صحية وتكسب فيها أكثر.. ولا يعقل ان تحاسب شركات دخان المعسل نفس المحاسبة الضرائبية للأفران.
ولا يجوز أن تدفع سيارة "مفوتة" نفس ضريبة سيارة لا تبخ سمومها فى الشارع.. وأن يكون ثمن الأكل اللى فيه دهن زى تمن اللى مافهوش دهن..
لا يجوز أيضا أن تكون الضرائب على النوادى الرياضية كالضرائب على الكابريهات.. وأن اللى يعيش خارج المدن زى اللى يعيش داخلها..
أعلم أن الكل يتذكر عن الدنمارك الرسوم المسيئة، ولكننا لا نعلم أنهم طبقوا ضريبة إضافية مضاعفة على المأكولات الدهنية.. رغم أنهم من أكبر مصنعى الزبدة فى العالم.
معظم الأفكار ليست جديدة أو مفتكسة من قريحتى العبقرية، بل هى أفكار يعلمها معظم العاملين بالقطاع الصحى والمالى والضرائبى، ومطبقة فى بلاد كثيرة عندهم "برضه" أزمة بوتجاز ومجارى، ولكن واخدين بالهم من صحتهم وأمنهم القومى.
إن ما يدهشنى ويعمق إحساسى بنظرية المؤامرة على صحتنا هى إحجام المسؤلين وغياب الشجاعة لتنفيذ تلك المبادرات، ولا حتى رغبتنا فى إخراجها للواقع.
يا سادة لو استمر الحال كما هو عليه دون تدخل سريع سيأتى اليوم الذى يدخل فيه الضابط على رئيسه قائلا: تمام يا فندم العساكر خلصوا من الأمراض ويسقط الضابط صريعا هو الآخر ووراءه قائده.. ولا أعلم لذلك سببا غير الجهل واللامبالاة مصحوبا باستكمال منظومة إضعاف مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.