ما حدث هذا الأسبوع من الإفراج عن المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى فضح بلاشك القائمين على الأمر فى مصر ووضع كثير من علامات الاستفهام حول مدى استقلال القضاء فى مصر من عدمه وعدم خضوعه لأية ضغوط من أية جهة أيا كانت، فبعد تنحى القاضى محمود شكرى عن النظر فى قضية التمويل الأجنبى تم السماح بسفر الأجانب المتهمين فى تلك القضية التمويل، مما أثار استياء رجل الشارع وفى مشهد يعد إهانة بالغة وعدواناً سافراً على القضاء المصرى. فى البداية نجد أن المجلس العسكرى هو من أثار قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، وهو يعلم جيداً أنه لن يستطيع الاستمرار فيها نظراً لكون الطرف الثانى فيها هو الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكلنا يعرف طبيعة العلاقات بين البلدين على مدى الثلاثين عاماً الماضية وما وصلت إليه من عجز الطرف المصرى من وضع تصور يضع الطرفين فى علاقة ندية واضحة بينهم وليس كما هو الحال من علاقة التبعية والانبطاح وبكل أسف. المؤسف حقًا هو مدى الاستهانة بكرامة هذا الوطن والعبث به بهذه الطريقة الفاضحة والنيل من القضاء فى مصر وتلطيخ سمعته بهذه الصورة، بداية بهبوط طائرة عسكرية فى مطار القاهرة بدون تصريح، ومرورا بالضغط على قاضى التحقيقات بهذه الطريقة الفجة والتدخل السافر من قبل السلطة التنفيذية فى عمل السلطة القضائية فى مصر والتعدى على اختصاصاتها دون أدنى احترام لدولة سيادة القانون لهو إسقاط حقيقى لهيبة الدولة. لقد كثر الحديث طوال الوقت عن هيبة الدولة وأن المظاهرات التى تجرى هنا وهناك سوف تسقط هيبة الدولة، وهذا كذب فاضح وتضليل، أقول للقائمين على الأمر فى مصر الآن إنكم من تسقطون هيبة الدولة الآن بالتعدى على القضاء، وإذا اهتزت ثقة المواطن فى القضاء فحدث ولا حرج، والسؤال أى هيبة تتكلمون عنها وأنتم تنزعون فكرة الدولة من جذورها فالعدل أساس الملك، هل توجد أى دولة فى العالم تحترم نفسها وتحترم شعبها. هيبة الدولة أنتم من تسقطونها يومًا بعد يوم، الولاياتالمتحدة نفسها دولة تحترم سيادة القانون ولا تحترم إلا الدول التى تحترم نفسها وتحترم سيادة القانون وما فعله القائمون على الأمر فى مصر هو انتهاك فاضح لسيادة القانون، بالله عليكم كيف يثق المواطن العادى فى نزاهة القضاء وعدالته، وهم يطبقون مقولة "إذا سرق فيكم الضعيف فقتلوه وإذا سرق فيكم القوى فتركوه". لا تتكلموا بعد اليوم عن هيبة الدولة مصداقاً لقول الحق "فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُوَاْ أَنفُسَكُمْ" أنتم من تخرقون هيبة الدولة يوماً بعد يوم بتلك الأفعال التى تعيدنا ثلاثين عاماً للوراء، إن كنتم حقا تبحثون عن هيبة الدولة، كما تزعمون، فابحثوا عن جميع المسئولين الذين شاركوا فى قرار إلغاء الحظر عن المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الخارجى، نريد فوراً معرفة اسم كل مسئول فى سلسلة القيادة التى أطاحت باستقلال القضاء بدءاً من القمة.. وحاسبوا أنفسكم الأول قبل أن تحاسبونا... ثم بعد ذلك ابقوا اتكلموا عن هيبة الدولة اللى مرمطوها فى الأرض.