إجراء مرتقب من رابطة التعليم المفتوح بعد حكم عودته بالشهادة الأكاديمية    الرئيس السيسي: مصر تسعى لتحقيق الاستقرار في كل دول المنطقة    ارتفاع البتلو والكندوز، أسعار اللحوم اليوم الخميس في الأسواق    «الفيدرالي الأمريكي»: لا مؤشر لمهاجمين آخرين غير المقبوض عليه    مدير الFBI: حادث استهداف الحرس الوطني تهديد للأمن القومي وترامب على اطلاع كامل بالتفاصيل    الندية والمقاومة .. ما سر سعادة السوشيال ب"الهاكرز" المصري ؟    مقتل عنصرين من الحرس الوطني بإطلاق نار قرب البيت الأبيض.. وترامب يتوعد    فيتينيا يقود باريس سان جيرمان لمهرجان أهداف أمام توتنهام    سلوت: من الصعب قبول الهزيمة ضد إيندهوفن.. وعلينا عبور تلك المرحلة    أبو ريدة يوجه رسالة دعم لمنتخب مصر قبل انطلاق كأس العرب (فيديو)    بسبب نيران صديقة، بيراميدز يتجاوز لائحة أبطال إفريقيا بشأن مرانه اليوم في زامبيا    الشتاء يدق باب الصعيد، الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس اليوم الخميس    احترس: هيئة الأرصاد الجوية تحذر المسافرين على الطرق من كثافة الشبورة    هل هناك جزء ثاني من مسلسل "كارثة طبيعية"؟.. مخرج العمل يجيب    عادل حقي: "بابا" أغنية عالمية تحولت إلى فولكلور.. والهضبة طلب مني المزمار والربابة    وفاة الإعلامية هبة الزياد بشكل مفاجئ    رواية «أجنحة مبتورة» لهند الصنعاني.. صرخة أدبية ضد ختان الفتيات    أنا ميتفرضش عليا شروط.. محمد صبحي يعلق على إمكانية تعاونه مع الدولة في مسرحيات الفترة المقبلة    وفاة هبة الزياد مذيعة قناة الشمس ورئيس القناة تنعيها    هاني رمزي يقدم «ماستر كلاس» في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي.. اليوم    ماذا قدمت منظومة التأمين الصحي الشامل خلال 6 سنوات؟    الصحة تكشف أعراض فيروس ماربورج وطرق انتقال العدوى    ضبط صاحب معرض سيارات لاتهامه بالاعتداء على فتاة من ذوي الهمم بطوخ    جيش الاحتلال يتجه لفرض قيود صارمة على استخدام الهواتف المحمولة لكبار الضباط    جمعيات الرفق بالحيوان: يوجد حملة ممنهجة ضد ملف حيوانات الشارع وضد العلاج الآمن    السيطرة على حريق مخلفات في أرض فضاء بالوايلى دون إصابات    مكتب التحقيقات الفيدرالي: الهجوم قرب البيت الأبيض مسألة أمن قومي    نشر 500 جندي إضافي في واشنطن بعد استهداف عنصرين من الحرس الوطني قرب البيت الأبيض    الكرملين: الدعوات لإقالة ويتكوف تهدف إلى عرقلة المسار السلمي في أوكرانيا    ريال مدريد يكتسح أولمبياكوس برباعية في دوري أبطال أوروبا    آرسنال يحسم قمة دوري الأبطال بثلاثية أمام بايرن ميونخ    عبد الله جمال: أحمد عادل عبد المنعم بيشجعنى وبينصحنى.. والشناوى الأفضل    أتالانتا يفوز على فرانكفورت بثلاثية في دوري الأبطال    محمد الجوهري: التعاون المصري الجزائري ضمن التكامل الاقتصادي العربي والأفريقي    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعريية حتى منتصف الليل.. 36 قتيلا وفقدان 279 آخرين جراء حريق هونج كونج.. إغلاق البيت الأبيض بعد حادث إطلاق نار على الحرس الوطنى.. السعودية تعتمد لائحة جديدة لملابس الموظفين    وكيل زراعة الغربية يتابع منظومة صرف الأسمدة ويؤكد: دعم المزارعين أولوية    رسالة طمأنة من مستشار الرئيس للصحة بشأن حقيقة انتشار فيروسات خطيرة في مصر    مصر للطيران تطلق أولى رحلاتها المباشرة بين الإسكندرية وبني غازي    إنفوجراف| تعرف على أنشطة مديريات الزراعة والطب البيطري خلال أسبوع    مياه الفيوم تطلق برنامجًا تدريبيًا مكثفًا لإعداد كوادر فنية شابة.. صور    رسائل الرئيس الأبرز، تفاصيل حضور السيسي اختبارات كشف الهيئة للمُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    انقطاع المياه عن بعض قرى مركز ومدينة المنزلة بالدقهلية.. السبت المقبل    المؤتمر الدولي لكلية التمريض بجامعة المنصورة الأهلية يواصل فعالياته    الإدارية العليا تقضي بعدم قبول 14 طعنًا على نتيجة انتخابات النواب بالمرحلة الأولى    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    وفد الصحة العالمية يشيد بريادة سوهاج في تنفيذ مبادرة المدارس المعززة للصحة    وزير الصحة يلتقي كبير الأطباء بمستشفى أنقرة بيلكنت سيتي    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    السكة الحديد: إنشاء خطوط جديدة كممرات لوجيستية تربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك    جامعة المنيا تخصص 10 ملايين جنيه لدعم الطلاب عبر صندوق التكافل المركزي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    وكيل تعليم القاهرة تتابع سير الاستعدادات لامتحانات شهر نوفمبر    الجدة وحفيدتها.. انتشال جثتين من أسفل أنقاض انهيار منزل بنجع حمادي    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا ومعضلة اللاجئين.. والتحول من العولمة إلى "الدولنة"
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 05 - 2023

تحول كبير تشهده الولايات المتحدة في التعامل مع اللاجئين القادمين إليها، خلال السنوات الماضية، خاصة من دول الجوار، وهو ما بدا واضحا مع سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي اتجه نحو بناء جدار ضخم على الحدود مع المكسيك لمنع تدفق المهاجرين إلى بلاده، بينما تسير الإدارة الحالية على النهج نفسه، في خطوة تعكس تغييرا كبيرا في السياسات التي تتبناها واشنطن في اللحظة الراهنة، وهو ما يرجع في الأساس لظروف اقتصادية، شهدت تراجعا كبيرا أدت إلى حالة من الارتباك المجتمعي، ناهيك عن أوضاع سياسية، في ظل مؤشرات تنبئ عن عودة ترامب مجددا إلى الحياة السياسية عبر الترشح مجددا إلى البيت الأبيض محملًا بأجندة مناوئة للاجئين، تحظى بقبول كبير بين الأمريكيين، في ظل الضغوط والأعباء التي يتكبدونها إثر قبول ملايين البشر من كل حد وصوب على أراضيهم، في ضوء ما تمثله مثل هذه السياسات من تهديد للمواطن الأمريكي، جراء اتساع نطاق المنافسة في أسواق العمل، أو على المستوى الأمني إثر احتمالات تسلل متطرفين أو شخصيات ذو أجندات إجرامية، قد يهددون الأمن العام.

والمتابع لقضية اللاجئين في الولايات المتحدة، ربما يجد أنها جزء لا يتجزأ من الرؤى التي تبنتها واشنطن، منذ الحرب العالمية الثانية، والتي تعتمد سياسة الانفتاح، بمختلف أشكاله، في إطار "العولمة"، عبر قيادة "المعسكر الغربي"، خلال الحرب الباردة، نحو فتح الحدود أمام السلع والخدمات والمهاجرين واللاجئين القادمين من الخارج دون قيود، لتستلهم دورها القيادي العالمي، من تقديم الحماية لمجموعة "الحلفاء"، في إطار دولي، خلال الحرب، إلى ملايين البشر حول العالم، مما يعانون الظلم أو التنكيل أو ظروف صعبة في بلدانهم، لتتحول واشنطن إلى "البوتقة"، التي تذوب فيها مختلف الثقافات والأفكار، فتحولت الأراضي الأمريكية، إلى نموذج مصغر من العالم الذي تختلط فيه الافكار والحضارات والثقافات، وهو ما يقوض حالة الخصوصية التي ترتبط بالهوية، وهي الحالة التي سعت إلى تعميمها في الغرب الأوروبي، لتلقى قبولا جزئيا، خاصة في "أوروبا الموحدة"، التي شهدت اندماجها اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا على المستوى القاري، بينما أظهرت بعض الدول الأوروبية ذات الهوية قدرا من التعنت تجاه هذه السياسة، على غرار بريطانيا، بدءً من رفضها التخلي عن عملتها (الجنيه الاسترليني) للعمل باليورو، حتى الانفصال الكامل عن الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من أن السياسات الأمريكية القائمة على الانفتاح، كانت سببا في الكثير من المزايا التي حصلت عليها الدول الحليفة لواشنطن، في إطار دعمها لهم، سواء اقتصاديا بعد الدمار الذي حل بهم في أعقاب الحرب العالمية الثانية، أو سياسيا بعد الحرب الباردة،إلا أنها كانت تحمل في طياتها أهدافا أخرى بعيدة المدى، تتجلى في تجريد تلك الدول من "الهوية" سواء السياسية عبر الدوران المطلق في الفلك الامريكي، أو من الجانب الثقافي والمجتمعي من خلال تحقيق حالة من الاختلاط بين المواطنين والمهاجرين، وهو الأمر الذي من شأنه انتزاع "ميزة" اتسمت بها دول أوروبا، والتي هيمنا عبر امبراطورياتها القديمة على العالم، فتتساوى مع أمريكا "حديثة العهد" نسبيًا مقارنة بهم، وبالتالي تحتفظ بهيمنتها عليهم، في ظل حالة دائمة من الاحتياج إليها، سواء اقتصاديًا أو أمنيًا.

العداء الأمريكي لفكرة "الهوية"، لم يقتصر على أوروبا، وإنما امتد إلى مناطق أخرى في العالم، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط، عبر العديد من الصور، بدءً من العولمة، مرورا بما يسمى ب"صراع الحضارات"، وحتى مخطط "الشرق الأوسط الجديد"، والقائم على إعادة تقسيم دول المنطقة، تحت شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.

إلا أن التغييرات الأخيرة في السياسات الأمريكية، سواء المرتبطة بحرية التجارة أو فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين، تعكس العديد من الحقائق، ربما أبرزها عدم قدرة واشنطن رغم ضخامة اقتصادها على الاستمرار في تقديم المزايا، سواء للدول الحليفة، أو للبشر اللاجئين إليها، خاصة مع الاستفادة الكبيرة التي حققها منافسوها الدوليين في السنوات الأخيرة، وعلى رأسهم الصين، والتي باتت "كابوسًا" مرعبا لاستمرار الهيمنة الامريكية، ناهيك عن المخاوف الكبيرة جراء تصاعد دور الحلفاء، خاصة في الاتحاد الأوروبي بما يؤهلهم لتحقيق مزيد من الاستقلالية في صناعة القرار السياسي والاقتصادي، وهو ما دفع واشنطن من التحول تدريجيا من سياسة "العولمة" إلى حالة يمكننا تسميتها ب"الدولنة"، عبر التخلى عن حالة الانفتاح غير المحدود التي انغمست فيها الإدارات المتعاقبة، نحو قدر من "الانغلاق"، والعمل على تصدير الأزمات للحلفاء في سبيل إضعافهم، وهو ما يميل مسارا أخر في هذا الإطار، جنبا إلى جنب مع مسارات اخرى، تجلت في فرض التعريفات الجمركية على التجارة، وكذلك على الجانب الامني عبر التلويح مرارا وتكرارا بالانسحاب من الناتو، وأخيرا من خلال نقل الصراع الدولي إلى عمق أوروبا الاستراتيجي في أوكرانيا، وهو ما يمثل تهديدا غير مسبوق للقارة العجوز.

مفهوم "الدولنة"، يبقى مناهضا للفكر الذي أرسته واشنطن والقائم على العولمة، بينما يعتمد بصورة كبيرة، من وجهة النظر الأمريكية، ليس فقط على تحقيق قدر من الانغلاق، وإنما تصدير قدر من الأزمات للحلفاء، بعدما كانت تعمل عن إبعاد دوائر صراعاتها جغرافيا عنهم، على غرار الحرب الباردة، حيث أدار الغرب صراعاته مع الاتحاد السوفيتي آنذاك في مناطق النفوذ، بينما كان ينعم المعسكر الغربي بالاستقرار نسبيا بفضل المزايا الأمريكية.

وهنا يمكننا القول بان التغيير في سياسات واشنطن المرتبطة باللجوء لا يمكن النظر إليها بعيدا عن مواقفها المتغيرة تجاه قضايا أخرى على غرار التجارة أو الأمن، فهي تمثل تخليا جديدا عن التزاماتها تجاه الحالة "العالمية" التي خصت نفسها بها لعقود طويلة عبر تقديم نفسها كصورة ل"العالم الحلم"، الذي تذوب بداخله الخصوصيات والهويات، لتتحول نحو إرساء وضع جديد يبدو متواكبا مع الطبيعة الجديدة للصراع الدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.