اختلف عدد من الخبراء الاقتصاديين على فكرة استخدام الذهب بدلا من الدولار فى شراء المنتجات المصرية والغاز الطبيعى، وذلك بدعوى أنها ستؤدى إلى ارتفاع أسعار الذهب عالميا وتخفض من الاحتياطى النقدى من الدولار، وذلك بعد أن أعلنت إيران عن قرار قبولها "الذهب" كوسيلة للدفع مقابل شراء نفطها، نظرا للعقوبات الأمريكية والأوربية، التى تم تطبيقها مؤخرا عليها، بسبب تجاربها النووية، مما أدى إلى صعوبة تحويل الدولارات للبنوك الإيرانية، وقد يرفع ذلك من احتياطى الذهب فى البلاد. والسؤال هنا ماذا إذا تم تطبيق هذا المبدأ على مصر، فى ظل الوضع الاقتصادى الحالى، الذى يعانى من عجز بالغ، منذ ثورة 25 يناير من العام الماضى، مع انخفاض الاحتياطى النقدى بشكل يهدد بالخطر، هل تنقذ تلك الفكرة التى تعيد "طريقة المقايضة" للاقتصاد المصرى، أم سيكون لها مخاطر أخرى معنية بالاحتياطى الأجنبى، وصعوبة الحصول على العملة الصعبة، وفى الوقت نفسه هل سيرفع احتياطى الذهب، مما يؤدى إلى رفع الأسعار عالميا. فمن جانبه قال الخبير الاقتصادى عبد المطلب عبد الحميد مدير مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات، إن من أهم الأسباب الذى ستؤدى إلى كارثة فى حالة تعميم التجربة الايراينة هو التفاوت بين إنتاج الذهب ونمو التجارة الدولية، ففى الوقت الذى ينمو فيه إنتاج الذهب سنويا بمعدل 2% تنمو التجارة الدولية بمعدل 11 %، مضيفا أن ذلك سيؤدى إلى ارتفاع كبير جدا فى أسعار الذهب عالميا، وبالطبع ستؤثر فى السوق المحلية فى مصر. فى حين يرى الخبير الاقتصادى إبراهيم العيسوى مستشار معهد التخطيط القومى، أن الدولار لم يعد عملة موثوقاً بها وينبغى استبدالها بنظام أكثر استقراراً، لافتا إلى أن الأصوات التى تطالب بالعودة إلى نظام الذهب تتزايد عبر دول العالم كافة، اعتقادا منهم بأن العودة إلى نظام الذهب هى الحل لما يعانيه العالم من أزمات مالية واقتصادية، وهى السبيل الوحيد للحد من الضغوط التضخمية الناشئة عن الإفراط فى إصدار النقود القانونية، وللمساعدة على الحد من نمو الديون السيادية، فضلا عن ضمان الاستقرار الاقتصادى الذى يمكن أن يسود العالم إذا ما عاد إلى هذا النظام. وأوضح العيسوى، أن آخر هذه المطالبات أطلقها روبرت زوليك رئيس البنك الدولى الذى اقترح أن يتم ربط الاقتصاد العالمى بالذهب كمثبت، للمساعدة على استقرار العملات، وتخفيض التوقعات التضخمية فى الأسواق المالية العالمية، حيث دعا مجموعة العشرين إلى أن تدرس استخدام الذهب كنقطة مرجعية دولية لتوقعات الأسواق حول التضخم والانكماش وقيمة العملات، مؤكدا أنه على الرغم من أن الذهب يعد من العملات القديمة إلا أنه ما زال يستخدم حتى اليوم كأصل مالى بديل. وكانت إيران قد رفضت لفترة طويلة الدفع بالعملات المحلية ما أدى خصوصا فى 2011 إلى تراكم مليارات الدولارات من متأخرات الدفع على الهند التى تصدر كميات قليلة إلى إيران وكانت عاجزة عن مواصلة تحويل دولاراتها إلى إيران عبر القنوات المصرفية التى كانت تستخدمها سابقا، وصدرت طهران بما يفوق 140 مليار دولار من المنتجات فى 2011، بينها أكثر من 100 مليار دولار من النفط و25 مليارا من المشتقات النفطية، من جانب آخر أعلن مساعد وزير النفط الإيرانى أحمد قلعة بانى أمس، عن زيادة عدد الزبائن الأجانب لشراء النفط الخام الإيرانى، تزامناً مع تشديد العقوبات الأوروبية على إيران.