وسط ارتفاع الأصوات المنددة بوحشية الهجوم الإسرائيلى على قطاع غزة، جاء بيان الاجتماع المطول لوزراء الخارجية العرب مساء الأربعاء الماضى بجامعة الدول العربية بتوصيات أقل ما توصف بها أنها "هزيلة وكسيحة ومصابة بالعشى الليلى"، وذلك بالمعنى الطبى لمثل هذه البيانات التى تصدر منذ نصف قرن تقريبا، ولا تحمل جديدا على الإطلاق. الخبراء أجمعوا على أن تلك البيانات "مخيبة للآمال العربية"، حيث يكتفى الوزراء العرب فى كل مرة بالشجب والإدانة، أو بمطالبة مجلس الأمن بتحمل مسئولياته ودعوته إسرائيل لإصدار قرارات وقف العدوان، على نحو ما حدث فى العدوان على قطاع غزة، وهو ما فشل فيه الأخير أيضا. البيان طالب بنشر مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار فى غزة، وهو للمفارقة مطلب إسرائيلى، وشدد على أهمية تزويد فلسطينيى غزة بالغذاء والدواء، وأيد استمرار المصالحة الفلسطينية ودعوة الأطراف الفلسطينية للحوار. الانقسام الداخلى للعرب وخلافاتهم وعدم توحدهم على رأى واحد من أهم الأسباب التى يراها الدكتور نبيل فؤاد، أستاذ العلوم الاستراتيجية وراء القرارات الهزيلة التى توصل لها وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم، مؤكدا أن هذه النتائج فى نطاق المتاح للعرب، حيث ليس لديهم سوى مجرد ردود أفعال لا تحقق المطلوب. فؤاد اعتبر مطالبتهم مجلس الأمن بإصدار قرار وقف إطلاق النار ليس حلا، حيث سيتم إدخال تعديلات على القرار والتفاوض مع الدول الأعضاء بالمجلس حتى يتم الوصول إلى حل يرضى إسرائيل أولا، وبالتالى لن نصل إلى حل فى صالح القضية الفلسطينية. الجسد الفلسطينى والعربى، أصيب على ما يبدو بالإدمان جراء تعاطيه لفترات طويلة مثل هذه النوعية من البيانات السياسية، التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، بل على العكس من ذلك تصيب الجسد العربى بالفيروسات القاتلة. فؤاد يتفق فى هذه النقطة تماما، ويتساءل:ماذا ننتظر من اجتماع وزراء الخارجية العرب، بعد أن ترك العرب الأمر حتى وصل لذروته، رغم أن لديهم أوراق ضغط سياسية واقتصادية واستراتيجية كان بإمكانهم استخدامها. البيان وصفه الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، بالضعيف، وقال إنه كان متوقعا بعد أن خيمت حدة الانقسام العربى على الموقف ووصلت لغة الحوار بين العرب إلى أدنى مستوياتها، مما أضعف موقف وزراء الخارجية العرب، الذين لم يعد لديهم ما يقدمونه للقضية الفلسطينية، مؤكدا أن قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار ليس الحل. فى الوقت الذى وصف فيه دكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية توصيات البيان بالخطوة الأولى على الطريق الصحيح لحل أزمة غزة، حيث شدد البيان على ضرورة وحدة الفصائل الفلسطينية لإفشال أى مخططات إسرائيلية أو إيرانية فى المنطقة. غير أن عودة، أشار فى الوقت ذاته إلى ضرورة التحرك فى كافة الاتجاهات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وترجمة ما حواه البيان على الأقل.