وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    ميار الببلاوي تعلن نقل نجلها إلى المستشفى بعد تعرضه لأزمة صحيه    50 عاما من العطاء.. جامعة بورسعيد تحتفي بمسيرة الأنبا تادرس    اسعار الفاكهه اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى المنيا    مصر والسودان تتفقان على تعزيز الاستثمارات والتبادل التجاري وإنشاء مناطق لوجستية    وزير الإسكان يُصدر 5 قرارات إزالة لمخالفات بناء بمدينة غرب بورسعيد    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    قرار وزاري لتنظيم ترخيص عمل الأجانب في مصر    قناة الإخبارية السورية: صوت انفجار المزة بدمشق ناجم عن تدريبات عسكرية    إكسترا نيوز: التنسيق جرى مع الهلال الأحمر الفلسطيني لتحديد أولويات دخول المساعدات إلى غزة    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    عراقيل إسرائيل أمام الانتقال للمرحلة الثانية    زعيم الحوثيين: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال هدف عسكري لقواتنا    موسكو: إحباط هجمات أوكرانية في خاركوف وسومي    شوبير يفجر مفاجأة بشأن مستقبل جراديشار مع الأهلي    الاتحاد المصري يرفض تصريحات رئيس الاتحاد الفلسطيني بشأن حكم مصري    اختناق بالغاز ينهي حياة أب وثلاثة من أبنائه في المنيا    انتشال جثتين من ضحايا حادث غرق 3 أشخاص بترعة المريوطية فى البدرشين    عاجل.. إلغاء الامتحانات في أعياد المسيحيين بكافة المديريات التعليمية    وفاة عازف العود هشام عصام    الباحث علي حامد يحصل على الماجستير حول توظيف الذكاء الاصطناعي في المواقع الإخبارية المصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    مبادرة الرعاية الصحية لكبار السن قدمت خدماتها ل2 مليون مواطن من سن 65 عاما    6 خطوات أساسية لتأمين الحسابات وحماية الهواتف الهاكر    أمم أفريقيا 2025.. موعد مباراة مالي وجزر القمر والقنوات الناقلة    التعليم العالي تستجيب ل 9600 شكوى وطلب خلال عام 2025    تجديد حبس عاطل بتهمة التحرش بسيدتين وترويعهما بكلب في السلام    انتخابات النواب 2025| ننشر نتائج الحصر العددي في جولة الإعادة بجميع دوائر قنا    رفع 50 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال حملات مكثفة بالمحافظات    سوريا.. دوي انفجار غامض في محيط حي المزة بدمشق وسط صمت رسمي    من المسرح القومي.. خالد محروس يعيد حكاية صلاح جاهين للأجيال الجديدة    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    الزمالك لليوم السابع: تطبيق لائحة الغياب على محمود بنتايج بعد إنذار فسخ العقد    موعد مباراة المغرب وزامبيا في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد فى شارع فيصل.. صور    "الصحة" تعلن خطة 903 قوافل طبية مجانية للنصف الأول من 2026    إصابة 5 أشخاص فى انقلاب سيارة فى المنوفية    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة وعدد من المحافظات    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    طارق الشناوي: المباشرة أفقدت فيلم «الملحد» متعته ولم يُعوِّض الإبداع ضعف السيناريو    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    وائل جسار وهاني شاكر يشعلان أبوظبي بليلة طربية نادرة في يناير    وداع موجع في كواليس التصوير... حمزة العيلي يفقد جده والحزن يرافقه في «حكاية نرجس»    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر ومسارات "العدالة".. الجغرافيا والمجتمع في "بوتقة التنمية"
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 01 - 2023

ربما كانت العدالة الاجتماعية نداء ملايين، ليس فقط في مصر وإنما في كافة الدول النامية، في ظل ظروف صعبة عاشتها الغالبية العظمى من الشعوب، مما خلق قدرا كبيرا من التراكمات، جراء حالة من التفاوت المجتمعي، دفعت في نهاية المطاف إلى الانفجار، وهو ما يبدو في نماذج عدة من الثورات التي شهدتها العديد من المجتمعات، أقربها في منطقة الشرق الأوسط، إبان ما يسمى ب"الربيع العربي"، والذي لم يحقق، في واقع الأمر، تلك الأحلام الوردية، التي خرج من أجلها ألاف البشر ليحتشدوا في الميادين للمطالبة بتحقيق هدف يبدو هلاميا، لا يمكن تحقيقه سوى في مدينة "أفلاطون" الفاضلة، في ظل معطيات أبرزها ضعف الإمكانات من جانب، ناهيك عن التراجع الكبير الذي شهدته الدول جراء الفوضى الناجمة عن الحراك، الذي اختلطت فيه المفاهيم بين الصالح المجتمعي العام، والأهداف الشخصية، سواء في صورة المطالب الفئوية، أو المطامع السياسية للطامحين الذين قفزوا، بانتهازيتهم المعهودة، على الهدف الحقيقي من وراءه من جانب أخر.

ونظرا لاستحالة تحقيق مفهوم "العدالة"، بالمنظور سالف الذكر، كانت هناك حاجة ملحة ل"إعادة هيكلة" الرؤية، عبر خلق مزيج يجمع الجانب الاجتماعي المنشود، مع جوانب أخرى، أبرزها البعد التنموي، والذي يعد بمثابة "البوتقة"، التي تذوب فيها كافة الأهداف المجتمعية الأخرى، كالمساواة، والنمو الاقتصادي، وتحسين حياة المواطنين، في إطار ما يمكننا تسميته ب"العدالة التنموية"، والتي ترتبط في جوهرها بالمسؤولية المشتركة بين الدولة والمواطن، من خلال تقديم الدعم للأخير ليجد فرصة أكبر في حياة كريمة، مقابل أن يكون شريكا في التنمية عبر العمل والإنتاج.

وهنا تبدو فلسفة "الجمهورية الجديدة"، والتي تعتمد مسارات عدة لتحقيق تلك الرؤية، حيث تغير مفهوم الدعم، من مجرد سلع لإشباع حالة لحظية من "الجوع" للفقراء، ليعتمد بصورة أكبر على توفير فرصة نحو مستقبل أفضل لهم ولأولادهم في المستقبل، وهو ما يبدو في تحويل سكان العشوائيات من مساكنهم غير الآدمية، إلى مناطق راقية تتوفر فيها كافة الخدمات، سواء فيما يتعلق بالتعليم والصحة وغيرها، لتكون تلك الخطوة بمثابة طفرة حياتية يتحقق معها مفهوم "العدالة"، فيما يتعلق بحق هذه الفئة في الحصول على سكن مناسب، والخدمات الأخرى المرتبطة به.

ولكن لم تقتصر مسارات الدولة المصرية في تحقيق "العدالة"، على مسار الدعم، وإنما ارتبط بمسار آخر هو "الشراكة"، والقائم على مساهمة المواطن في العملية التنموية الأوسع نطاقا، عبر مشروعات عملاقة، لم ترتكز على منطقة معينة، وإنما امتدت من شمال مصر إلى جنوبها، وهو ما يمثل جانبا أخر للمفهوم، عبر تحقيق "العدالة الجغرافية"، من خلال اقتحام تلك المناطق التي عانت تهميشا بالغا لعقود طويلة، وهو ما يساهم في توفير فرص عمل لسكانها، والذين اندفعوا للهجرة إلى القاهرة بحثا عن "لقمة العيش"، بينما تحولت العاصمة إلى مجرد وعاء سكاني يجمع ملايين البشر، بينما أصبحت المحافظات الأخرى، مجرد مدن "أشباح" خسرت مواردها، بسبب سياسات الإهمال والتجريف التي عانت منه لسنوات طويلة.

فلو نظرنا إلى الطفرة التنموية التي شهدتها محافظات الصعيد، وأخرها الخطوات العملاقة في سوهاج والمنيا وأسوان وغيرهم، نجد أنها تزامنت مع حراك مماثل بالوجه البحري، لتتحول تلك الأقاليم، التي كانت في الأمس القريب، "طاردة" لسكانها، إلى مراكز لاستقطاب الاستثمارات، لتتحول من قنابل موقوتة، جراء الإهمال، إلى بؤر مهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية، عبر استغلال إمكانات كل منطقة، وهو الأمر الذي من شأنه تحقيق أكبر قدر من التكامل بين الأقاليم، مما يعزز عملية التنوع في الإنتاج، وبالتالي تحقيق أكبر قدر من الاكتفاء، فيما يتعلق بالعديد من القطاعات الحيوية، والتي تعاني من أزمات عالمية طاحنة، على خلفية المستجدات وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، والتي ضربت الأمن الغذائي في مقتل منذ اندلاعها، جراء اعتماد جزء كبير من العالم على استيراد الغذاء، وهو ما وضع الأمن الغذائي العالمي على حافة خطر داهم، قد يدفع العالم، خاصة في الدول النامية، نحو المجاعات والجفاف، وهي الأزمات التي تؤججها عوامل أخرى أبرزها التداعيات الكبيرة لظاهرة التغير المناخي.

وهنا يمكننا القول بأن رؤية الدولة المصرية لمفهوم "العدالة"، بات متجاوزا المفهوم الاجتماعي، والذي يتحقق بالتبعية، عبر العملية التنموية، من خلال تحقيق حالة من المساواة بين الأقاليم الجغرافية، ومواطنيها من حيث الفرص المتاحة، بينما يبقى دور المواطن متجسدا في اقتناص الفرص، عبر العمل والمشاركة الفعالة في الإنتاج لتأمين مستقبل أفضل لنفسه وأسرته ووطنه، ناهيك عن استغلال الموارد المهملة في كافة المناطق، لتتحول إلى بؤر انتاجية تصب في صالح الكيان الجمعي للدولة المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.