في سطور.. رحلة قانون الإجراءات الجنائية في مجلس النواب    وزير الخارجية يلتقى مفتي الجمهورية    تراجع سعر الريال السعودي في ختام التعاملات اليوم 30 سبتمبر 2025    محافظة الجيزة: رفع السيارات المتهالكة وحملة نظافة مكبرة بفيصل    جهاد حرب: مخاوف فلسطينية من دور توني بلير في مبادرة غزة.. وغياب الثقة يهدد نجاحها    أردا جولر نجم ريال مدريد يتوج بجائزة أفضل صاعد فى الليجا لشهر سبتمبر    تشكيل ريال مدريد أمام كايرات في دوري أبطال أوروبا    تأجيل استئناف 5 متهمين بتصنيع وترويج الترامادول في القطامية    المتحف المصرى الكبير يستضيف النسخة الثالثة من فعالية "يوم الهوية".. صور    زينة أشرف عبد الباقى: أشعر بتوتر كبير فى العمل مع والدى    محافظ الجيزة يفتتح توسعات قسم الرعاية المركزة بمستشفى إمبابة العام    محافظ الغربية يتفقد الوحدة الصحية ومركز الغسيل الكلوى والحضانات بقرية أبشواى الملق    ترامب: لا أريد استخدام القوة النووية ولكنني أشعر بتهديد من قبل روسيا    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    وزير التربية والتعليم يصدر قرارًا وزاريًا بشأن حافز التفوق الرياضي    تقارير: مفاوضات اتحاد جدة مع يورجن كلوب تسير في اتجاه إيجابي    "زراعة الفيوم" تنظم ندوة إرشادية حول محصول الكانولا كأحد المحاصيل الزيتية الواعدة    تأجيل محاكمة 71 متهمًا بخلية التجمع لجلسة 24 نوفمبر    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وظائف خالية اليوم.. 195 فرصة عمل جديدة في الإمارات برواتب تصل إلى 1800 درهم شهريًا    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    بدر محمد يروي تجربته مع فيلم "ضي"    بعد أزمته الصحية الأخيرة محمد منير في ضيافة لميس الحديدي اليوم    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    "الأوروبي للدراسات": أوروبا وروسيا على حافة مواجهة مباشرة مع تصاعد الخروقات    لأول مرة.. تشغيل جهاز قياس وظائف التنفس بعيادة السلام بمدينة بني سويف    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    اليوم.. النطق بالحكم في دعوى تعويض مليون جنيه ضد الفنان أحمد صلاح حسني    اتحاد الكرة يؤكد ثقته في الحكام المصريين    «واحدة من الدول الثلاث».. وزير: كوريا الشمالية قادرة على ضرب البر الرئيسي الأمريكي    موعد مباراة الشارقة الإماراتي والسد القطري في دوري أبطال آسيا للنخبة والقنوات الناقلة    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    محافظ قنا يكرم أبطال الجمهورية في كرة القدم واللياقة البدنية والفائزين ببرامج الموهوبين    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الجمسي.. فيلم يوثق سيرة مهندس النصر في حرب أكتوبر    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    1.2 مليون جنيهًا تكلفة إحلال وتجديد شبكة المياه في 5 قرى ببني سويف    سعر طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر فى المنيا    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    تعرف على العد التنازلى لشهر رمضان المبارك وأول أيامه فلكيا    مبعوث رئيس كوريا: مصر تلعب دورا محوريا فى تعزيز سلام واستقرار المنطقة    أرقام عماد النحاس فى دور المدير الفنى المؤقت للنادى الأهلى للمرة الثانية هذا العام    الرئيس السيسى يستقبل الأمير "رحيم" رئيس شبكة الآغا خان للتنمية ويهنئه بمنصبه ويشيد بإسهامات والده فى دعم التنمية وحفظ التراث الإسلامى.. الرئيس: حياة كريمة و100 مليون صحة تجسد رؤية مصر 2030 للاستثمار فى الإنسان    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    «لاعب مختلف.. ومبيلعبش عندهم!».. شيكابالا يتغنى بنجم الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيوب.. إنا وجدناه صابرا
ناعسة تتقاسم معه بطولة الحكاية الشعبية
نشر في اليوم السابع يوم 01 - 01 - 2009

◄الغنى الوسيم العفى الذى انقلب حاله فجأة، ولم يقف بجواره إلا امرأته فصبر حتى عادت إليه صحته وماله وتم تخليده فى المواويل والأمثال
«يا صبر أيوب»، كم مرة ضبطت نفسك متلبسا بنطق هذه العبارة؟ كم مرة تمردت واعترضت وقنطت فربت أحدهم على كتفك، وقال لك: الصبر مفتاح الفرج، يا عم إنت هتروح فين؟ هو إنت ولا أيوب؟
جولة واحدة فى مستشفيات وزارة الصحة والسكان، أو فى الوحدات الصحية المتناثرة بطول مصر وعرضها، كفيلة بأن تجعلك تدرك أن أيوب حى يرزق، وأن مصر بيئة مناسبة تماما لخلق مئات الآلاف ممن يمكنك أن تضرب بهم المثل فى الصبر، غالبا لأنه ليس أمامهم حل غيره، معجزة أيوب الخالدة تتكرر لدينا يوميا لكن دون أن تجد من يسجلها كمعجزات، المصريون وعوا قصة أيوب جيدا، ويطبقونها بحذافيرها، الفقر والمرض وموت الأحباء ليست ابتلاءات عارضة فى حياة المصريين، بل هى طقوس يومية، لكن الفرق بين قصة أيوب وقصص المصريين أن الأخيرة لا تنتهى النهاية السعيدة التى تحققت للأولى، فالصبر مفتاج الفرج نعم، لكن النهايات السعيدة أمر آخر.
أيوب عليه السلام، نبى دون رسالة مباشرة أو كتاب مقدس، تتلخص كل مهمته فى أن يعلم الناس الصبر بطريق غير مباشر، على عكس معظم الرسل والأنبياء، وحتى يعلمنا أيوب الصبر بطريق عملى، ابتلاه الله بما ابتلاه به، وحين صبر وشكر ولم يتذمر، أعطانا درسا آخر فى مكافأة الصبر.
ولأنه مثلنا، خلده المصريون فى حكايات وأغنيات وأمثال شعبية، المصريون يحبون أيوب، ويعشقون ناعسة، ناعسة موجودة لدينا لكنها لا تظهر إلا وقت الشدة، موجودة لكنها عملة نادرة، على أيوب أن يبحث عنها طويلا، ولا يرضى إلا بها.
أيوب واحد، لكن له قصتين: القصة الدينية المذكورة فى القرآن، والقصة الشعبية التى أضاف لها وأبدعها التراث الشعبى المصر، الأولى تدور حول أيوب وحده غالبا، حيث كان عليه السلام كما تذكر الكتب الدينية - عبدًا تقيًا شاكرًا، كثير المال متمتعا بالصحة والأولاد، ثم ابتلاه الله بعد ذلك بالضر الشديد فى جسده وماله وولده، فذهب ماله ومات أولاده، فصبر على ذلك صبرا جميلا، ثم ابتلاه الله بأنواع من الأمراض الجسيمة فى بدنه حتى قيل: إنه لم يبق من جسده سليمًا إلا قلبه ولسانه، وطال مرضه ولزمه ثمانى عشرة سنة، دعا الله بعدها: رب إنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين، ثم خرج لقضاء حاجته، فلما فرغ أوحى الله تعالى إليه: اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب، فضرب برجله الأرض، فأنبع الله له عينين، شرب من إحداهما، واغتسل من الأخرى فذهب عنه ما كان يجده من المرض.
وكان لأيوب - كما تحكى القصة الدينية - بيدران: بيدر للقمح وبيدر للشعير، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على بيدر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت السحابة الأخرى على بيدر الشعير الفضة حتى فاض وعم، وقيل إن الله أحيا له أولاده بأعيانهم، وزاده مثلهم معهم، وحتى يبر أيوب بيمينه ولا يحنث حين أقسم على زوجته أن يضربنها مائة جلدة، أمره الله أن يأخذ حزمة من الحشيش أو الريحان أو ما أشبه ذلك فيه مائة قضيب فيضرب بها زوجته ضربة واحدة وبذلك لا يحنث فى يمينه، رحمة بها لحسن خدمتها إياه وشفقتها عليه أثناء مرضه.
أيوب المصرى، ليس شخصية أخرى، لكنه زاوية أخرى للنظر إلى القصة، فإذا كان البطل فى القصة القرآنية هو الرجل؛ النبى أيوب، فإن البطل فى القصة الفلكولورية المصرية هى ناعسة زوجته، وقد ذكرت الحكاية الفلكولورية تفاصيل الحياة الجميلة التى كان يحياها أيوب المصرى قبل مرضه، بما امتلكه من ضياع وبساتين ومال ودور وماشية وأغنام ودجاج وعبيد وأعوان، ولكن الحكاية الشعبية ركزت على أن ناعسة كانت من أسباب الحياة الجميلة لأيوب، وأعطت الرواية لناعسة هذا الاسم لأنها صاحبة عيون جميلة ناعسة، وأعطت لها شعرا طويلا رائعا كان مثار حسد كل نساء البلدة، يتمنين لو أنه لهن، وحين تصل الرواية إلى ذروة الدراما القرآنية فى قصة أيوب بمرضه وضياع دوره وجاهه وأعوانه، مع ثباته على إيمانه وصبره، ينتقل الراوى الشعبى إلى ذروة درامية أخرى، حين تحمله زوجته الوفية فى قفة على ظهرها وتتنقل به طلبا للعلاج والتداوى، ولا تتركه مثل بقية من كانوا عنده وتركوه.
وبعد أن أعيت السبل ناعسة لقضاء نفقات علاج جسد زوجها المقروح، بدأت تسأل الناس المساعدة، وهنا نصل إلى ذروة أعلى فى الدراما الشعبية، حين تطلب نساء القرية من ناعسة أن تبيع شعرها لهن مقابل ما تحتاجه من نقود لعلاج زوجها، وبالفعل تبيع ناعسة شعرها لتأتى بالعلاج الذى سوف يشفى زوجها من المرض، تخلت عن أجمل ما لديها لتأتى بنفقات علاج رجلها، فماذا تستفيد ناعسة من أجمل شعور الأرض وزوجها كومة من اللحم والعظام فى قفة، مريضا مقروحا ثابتا على إيمانه؟
تنتهى القصة ولا تنتهى المأساة، ناعسة باعت شعرها لتأكل، ومازالت لدينا الآلاف من ناعسة تبيع شعرها، وشرفها، وكليتها، وكبدها، وجسدها لتأكل أو لتطعم زوجها المريض، أو أطفالها الرضع، رجاء لا تشتر شعر ناعسة إذا جاءت تعرضه عليك، ما دمت تملك ما تعطيه لها امنحه دون مقابل من جسدها الحى، لا تشتر كبد ناعسة، أو كلية ناعسة، أو شرف ناعسة، يكفيها هى وزوجها ما هم فيه.
موضوعات متعلقة..
◄عشماوى.. الرحمة حين تنبت لها شوارب مرعبة
◄جحا.. بطل يمكن تكراره وأول من جمع «الهبل مع الشيطنة»
◄على بابا.. الحطاب الطيب الذى فتح له «سمسم» باب الثراء
◄هؤلاء مرشحون للدخول إلى ذاكرة الوجدان الشعبى بجدارة
◄على الزيبق.. روبن هود على الطريقة المصرية
◄شهريار .. السفاح الذى نجا من محكمة مجرمى الحرب ليقع فى قبضة زوجته شهرزاد هانم
◄الظاهر بيبرس.. فهم الدور التاريخى للحاكم فأحبه الناس
◄عنترة بن شداد.. أبوالفوارس الذى صنع نفسه بدمه وعرقه
◄مارجرجس.. سريع الندهة.. مغيث المصريين
◄«أدهم الشرقاوى».. مثل السادات الأعلى.. والسياسة وظفته لتعميق البطولة بين الناس
◄سيدنا الحسين.. مدد يابن بنت رسول الله «صلى الله عليه وسلم»
◄الزناتى خليفة.. القوة والشجاعة حينما تقتلها الخيانة
◄أبوزيد الهلالى سلامة.. البطل العادل الذى يحتاجه العرب
◄أبطال الخيال الشعبى فى مصر
◄حكم قراقوش.. ديكتاتورية الأغبياء فى كل زمان
◄أيوب.. إنا وجدناه صابرا
◄شفيقه ومتولى.. الملحمة التى جعلت من القاتل بطلاً
◄حسن ونعيمة.. الحب حينما يتحول إلى دم ودموع
◄كان ياما كان الشاطر حسن تزوج ست الحسن والجمال فى زمان مثل زماننا بالضبط
◄أمنا الغولة والنداهة وأبو رجل مسلوخة.. الثلاثى المرح الذى يميتنا من الرعب
◄مريم العذراء.. التى تجمع المسلمين والمسيحيين تحت جناحيها
◄أم العواجز.. رئيسة جمهورية مصر الشعبية
◄فرعون.. أليس له ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحته
◄قارون.. إمبراطور المال فى تاريخ البشرية يزورنا فى المنام!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.