سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
باحث سويسرى: الإسلاميون واعون جداً لكنهم غير قادرين على تدبير السلطة.. وسيحترمون المعاهدات الدولية التى اتخذتها الحكومات السابقة.. ويستحيل حظر بيع الكحول والمايوهات على الشواطئ فى مصر
قال الباحث السويسرى باتريك هانى، المتخصص فى الشئون الدينية بالمرصد الدينى، والذى تخصّص منذ عدة أعوام فى دراسة التيارات الإسلامية، "لا بد من أخذ "الخوف الغربى" من الإسلاموية أو "الأصولية" بشىء من الحيطة، وإن هناك انقساما داخل المعسكر الغربى ذاته تجاه التيارات الإسلامية، فالخوف ليس الموقف الوحيد، إذ يُوجد أيضا داخل الأوساط السياسية استعداد لاختبار الإسلاميين ووضعهم على محك تجربة إدارة شئون السلطة. يُضاف إلى ذلك أن الخوف ليس غربياً فحسب، ففى البلدان العربية يُثير الإسلاميون أيضاً مخاوف جزء من السكان والنخب، ومنذ عام، طرأت تغييرات على الأفكار السياسية التى كانت سائدة فى البلدان التى تحررت من طغاتها. وأضاف باتريك، فى تحليل له بصحيفة "سويس انفو" السويسرية، أنه فى تونس ومصر، هناك خلاف بين ثوريين ينادون بتغيير جذرى للمؤسسات ومعسكر آخر، أكثر محافظة، يُناضل من أجل الاستمرارية للمؤسسات، ويشمل هذا المعسكر الإخوان المسلمين وبقايا النظام السابق والعسكريين عموماً، أما فى ليبيا، فتلقى هذا القطب المحافظ أيضاً الدعم العسكرى من طرف الغربيين. وفى المرحلة الثانية، شهدت الساحة السياسية استقطاباً حول المسائل ذات العلاقة بالهوية، خاصة فيما يتعلق بوضع الدين فى الدساتير المستقبلية للبلدان التى تحررت من ديكتاتورها، وفى هذه المرحلة الثانية، وجد الإسلاميون أنفسهم بمواجهة جميع القوى السياسية الأخرى تقريباً، ووجد الجيش نفسه فى تعارض مع الإسلاميين، ومع ذلك، فمن الصعوبة الحكم على حركات تمر بمرحلة تطور سريع جدا فى وقت تُواجه فيه ممارسة اللعبة السياسية والسلطة. وبالفعل، فمن غير الممكن فى مصر وتونس دعم الاقتصاد والسياحة بواسطة شرطة أخلاقية على الشواطئ وحظر بيع الكحول مثلما تقترحه بعض الأوساط السلفية. يتابع هانى فى مقاله، "اليوم سيتوجب على الإسلام السياسى فى بلدان الربيع العربى التوصل إلى حلول وسط، ما بين احترام منظومة فقهية معينة وبين متطلبات الحوكمة الاقتصادية الجيدة، وقال، "لقد اختار الإخوان المسلمون التميز على ميدان الحوكمة الجيدة، وهم يعلمون أن هذا يقتضى بعض التنازلات، لكن السلفيين أيضا، الذين كان يُنظر إليهم من زاوية التصلب العقائدى فحسب، أقدموا على إجراء بعض الملاءمة مع المبادئ". وأضاف باتريك، أن جميع الأحزاب ذات المرجعية القريبة من الإخوان المسلمين، مثل النهضة فى تونس والعدالة والتنمية فى المغرب، يحتذون بالنموذج التركى، رغم أنها تفهموه بطريقة مختلفة، وبتعبير آخر، وترى هذه القوى السياسية أن السلطة والشرعية تكتسب عبر النجاح فى إدارة الدولة، وإن التحدى الكبير فى مصر خاصة سيتمثل فى إدارة شئون جهاز إدارى ضخم غير النظام الحالى الذى لا يزال يسير على النهج القديم فى عهد مبارك. وأشار باتريك إلى أنه يوجد اختلاف أساسى بين تركيا والبلدان العربية التى أطاحت بقادتها، فحزب العدالة والتنمية (فى تركيا) كان التعبير السياسى لطبقة بورجوازية صغيرة من المناطق الداخلية ولطبقة من رجال الأعمال الإسلاميين كانت تخوض منافسة اقتصادية مع الرأسمال الكبير الذى ينشط فى العاصمة. فى مصر وتونس، لا وجود لطبقة رأسمالية إسلامية التوجه، وحتى فى المغرب، فإن حزب العدالة والتنمية يمثل بورجوازية صغيرة متواضعة، لكن الجزء الأساسى من الاقتصاد يظل من مشمولات السلطة الملكية. كما أكد الباحث السويسرى أن الإسلاميين واعون جدا بأنه ليس بإمكانهم تدبير السلطة فى سياق منطق مواجهة مع الغرب، وتظهر جميع مواقفهم فى السر أو فى العلن أنهم يحترمون التعهدات الدولية التى اتخذتها الحكومات السابقة. أما بالنسبة للنساء اللواتى انخرطن بقوة فى الثورات قال باتريك، "الآن يرتدين الحجاب أكثر فأكثر، لكنهن أصبحن أكثر حرية لدى اختيار أزواجهن أو تقلد مناصب ذات مسئولية". وأشار باتريك إلى أن مسألة الحريات الشخصية ستكون من بين أكبر مواضيع الجدل (أو السجال) فى العالم العربى مستقبلا، إذ تطرح فعلا مسائل من قبيل تغيير الديانة أو مصير الأقليات الدينية، ففى هذا المجال أيضا، تتغير الخارطة من خلال الاختفاء شبه الكامل للمسيحيين فى بعض البلدان وعمليات الانتقال المتعددة إلى البروتستانتية فى بلدان أخرى، مثل الجزائر، والصعود القوى للتشيع فى بلدان يُهيمن عليها السنة، ومطالب المساواة فى المعاملة من طرف الأقباط فى مصر والمطالب بإقرار الزواج المدنى وظهور بعض التوترات بخصوص طوائف دينية مثل البهائيين فى مصر. وأنهى باتريك هانى مقاله، أن الإسلاميين مؤيدون للديمقراطية لكنهم يُعارضون التحررية (أو الليبرالية)، بوصفها مشروعا لتوسيع الحريات العامة والدينية، وهذه هى الجبهة التى ستحدث عليها توترات مع الغرب فى السنوات المقبلة.