لكل حدثِ ذكرى سواء كان سعيدا أو غير سعيد سيظل ذكرى، كما أن لكل هزيمة ذكرى ولكل نصرِ أيضا ذكرى، وكذلك للذكرى حياه وموت تحمل معها كل الحكايا وكل ما فات. ذكرى تعيدنا لنعايش بوجداننا ومشاعرنا وأعيننا أيضا الحدث مرة أخرى بكل تفاصيله، نُبكيه إن كان حزنا ونبتسم وتتهلل أساريرنا إن كان فرحا، ننتشى بإعادة إحيائه ولو على سبيل الذكرى فقط، حتى إن ذهبنا نحن ستظل الذكرى أيضا ليعايشها كل من سيأتى بعدنا. وجدتنى رغما عنى - أفكر - إلى أى نوع تنتمى ذكرى ثورة 25 يناير؟ خشيت لو سألنى ولدى يوما أيهما أهم ذكرى الثورة أم عيد الشرطة؟ جهزت له الإجابة مُسبقا - ففى بلادنا - هناك ما يُسمى باستراتيجية مواجهة الأزمات أو تقيك الصدمة وتعرية الذات - لكن للأسف قلة من الشعب من يفقها وكثير من الفلول أيضا أغرقنا بترتيلها زمنا طويلا حتى صارت هى نفسها الأزمة! بُنى: الشرطة هم جبهة الدفاع الداخلية للوطن، هم الدرع الواقى المُكمل لجيشه والذى يمثل لنا جبهة الدفاع الداخلية والأقوى، هم أداة القانون وحماة تطبيقه، الشرطة ضمان وأمان وأداة لوقف الفساد ودرء الفتن وكشف المؤامرات والتى تصول وتجول فى كافة شوارع المحروسة حتى ننعم أنا وأنت يا ولدى وكل مصرى بنوم هانئ. لهذا كان لزاما علينا أن نوفى حقها حتى ولو ليوم واحد فى العام، فعيد الشرطة مثله مثل بقية الأعياد السنوية القومية، كعيد الفلاح وعيد الأم وعيد شم النسيم نتبادل التهنئة والإجازات الرسمية. ولكن بنى شاءت الأقدار أن يتحول العيد إلى ثورة.. ثورة ثار فيها الشعب ووقفت ضده الشرطة - معذورة - ما باليد حيلة، هكذا كانت الأوامر العليا لا تسىء الظن بهم يا ولدى.. هكذا أم الدنيا! أما عن ذكرى ثورة 25 يناير، فهى ذكرى ثانوية ليست سنوية ربما لأنها لا زالت غير مُكتملة الشرعية، أو ربما لأن الأمر مازال قضية ذات أبعاد طردية! والصورة ضبابية والفاعل أيادى خفية! فالذكرى الثانوية أعراض جانبية فى جبين الوطن وجبين كل مصرى وجبين الميدان! ولا تسألنى عن مراسم الاحتفال فالشعب لازال ثائرا حائرا ما بين التحرير والعباسية، ما بين إسلامية ومدنية، ما بين حجاب وكشف عُذرية، ما بين فتح تحقيقات، ومُلابسات قضية! ما بين سلمية أم عسكرية وما بين نظام فاسد وبقايا فلول وأم أجندة خارجية! لكن أطمئن بُنى.. فقد أجمعنا نحن المصريون على قلب رجل واحد بأن التهانى وكل الأمانى بجميع أعياد المحروسة منّذ هذا العام.. جميعا سوف نعلن عنها: عيد سعيد مش مبارك!