أكد الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، أنه يجب علينا اليوم ونحن نستقبل عامًا ونودع آخر أن نجلس سويًّا نقيم هذا العام، سلبًا وإيجابًا، نعالج السلبيات، ونُعلى من الإيجابيات، ونقدم الحلول ونحاول جاهدين أن نحقق مصالح البلاد والعباد. وقال مفتى الجمهورية، فى حلقة لبرنامج استوديو 27 على التليفزيون المصرى، ليلة أمس، مع العالم المصرى الدكتور مصطفى السيد، إن خروج مصر من تلك المرحلة الحرجة فى تاريخها يستلزم التأكيد على عدد من الركائز الأساسية التى ينبغى البناء عليها، من أهمها العلم والبحث العلمى، اللذان يُعدان حجرى الأساس والمشروع الاستراتيجى الأول لمصر، الذى لن يتم البناء دونه، باعتباره الضابط لحركة النهضة التى ينبغى على مصر أن تبدأ أولى خطواتها. وأضاف أن مصر فى حاجة ماسة لإعادة صياغة المنظومة التعليمية على أسس جديدة، تضمن سرعة دخول مصر فى مرحلة النهضة الحقيقية، بما يصب فى النهاية لدى رجل الشارع العادى، وفى رفاهيته وارتفاع دخله. وأشار المفتى إلى أن الركيزة الثانية، والتى ينبغى أن نحرص عليها جميعًا، هى "الوحدة الوطنية"، والتى تمثل تجربة فريدة فى تاريخ مصر، مؤكدًا أن مصر هى شعب واحد ودم واحد اختلط فى السراء والضراء. وأكد أن الحفاظ على هذه الوحدة من أوجب الواجبات الآن؛ حتى تستطيع مصر عبور هذه المرحلة الصعبة، وقال إن مبدأ المواطنة ينبغى أن يكون الميزان الذى توزن به الأمور داخل هذا الوطن، فالجميع شركاء فى خيره، وشركاء كذلك فى اقتسام التكلفة التى سندفعها جميعًا - لا قدر الله - إن تركنا مصر للفرقة والتمزق. وأوضح أن قضية المرأة هى من الركائز الهامة التى لا نمل من التأكيد عليها ليل نهار، باعتبارها الركن الركين فى بناء هذا المجتمع. وشدد على أن الإعلام من أهم ركائز تلك النهضة المنشودة، باعتباره نبض الجماهير والرافد الأول الذى يشكِّل الرأى العام، لافتًا إلى ضرورة أن يضع صانعو الإعلام، أيًّا كان مرئيًّا أو مقروءًا أو مسموعًا، أمانة الكلمة أمام أعينهم، وخطورتها فى هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الوطن. ودعا مفتى الجمهورية إلى تكاتف الجميع للقضاء على الأمية تمامًا، وإيقاف النزيف المتمثل فى تسرب الأطفال من التعليم، ومعالجة جذرية لهذه الظاهرة التى تمثل المنتج والمورد الرئيسى لأطفال الشوارع، ومن ثم المورد والمكون للبلطجية فى مصر، كما دعا إلى اتخاذ كافة الأساليب العلمية والتكنولوجية للحفاظ على المياه، وإيجاد بدائل جديدة نظرًا لخطورة التحذيرات العالمية المتتالية، وظهور أزمة مرتقبة بسبب قلة الموارد المائية على مستوى العالم. وقال، علينا أن نصدِّر الأملَ للناس دائمًا، الذى هو قيمة من أعلى قيم الإسلام، وعلينا أن نؤكد على عافية هذا البلد وقدرته على عبور محنه، وأن المحن ستصبح منحًا بإذن الله، وعلينا أن نرفع من معنويات الناس بالتركيز على نقاط القوة وما أكثرها فى هذا الوطن، كل ذلك بصدق وأمانة لا بادعاء وتزييف للحقائق. وفى نهاية كلمته، وجه الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، مع بداية العام الجديد ثلاث رسائل مهمة؛ أولها رسالة إلى القضاء المصرى قال فيها "ونحن إذ نؤكد على أننا جميعًا ضد الفساد والمفسدين، فإن شعب مصر لن يقبل أبدًا أن يكون لأمثال هؤلاء المخربين مكان على أرضه الطاهرة التى رويت بدماء أبنائه الزكية. وفى رسالته الثانية، التى وجهها إلى جيش مصر العظيم، قال فيها، "أنتم الفرسان النبلاء الذين ضربتم وستظلون تضربون أروع الأمثلة فى الفداء والتضحية، نشد على أيديكم دومًا بأن تظلوا درع مصر الواقى، نحافظ عليكم وتحافظون علينا. كما وجه المفتى رسالة ثالثة إلى جموع الشعب المصرى العظيم، مشددًا على أن الاقتصاد هو عماد النهضة الحقيقى، وأنه لا بد أن يبدأ الجميع بلا استثناء العمل بجد واجتهاد ليسترد اقتصادنا عافيته، خاصة فى هذا الوقت الذى يتعرض فيه لأزمة حقيقية، لافتًا إلى أن العمل والإنتاج هما الطريق الوحيد للخروج من تلك الأزمة، وأنه من الضرورى والواجب الآن أن نسد كل أبواب الترف الزائف، وأن يتركز عملنا على القضايا الكبرى التى نبنى بها مستقبل مصر. وفى ختام كلمته توجه فضيلة المفتى بالدعاء للمولى، عز وجل، أن يحفظ مصر والمصريين، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يجعلنا دومًا فى مقدمة الأمم، وأن يجعل العام الجديد انطلاقًا حقيقيًّا لمستقبل مشرق بإذن الله.