أكدت صحيفة "الجارديان" أنه إذا تمكن حزب الحرية والعدالة من استيعاب التيارات الأخرى، وتشكيل توافق فى الآراء السياسية، كما فعلت النهضة فى تونس، فسيكون ضمن إخراج مصر نهائيا من الاستبداد، وهو ما يتطلب الوقت والصبر. وقالت إن التوجس من صعود الإسلام السياسى باعتباره المستفيد الأول من الربيع العربى ظل سيد الموقف خلال الجزء الأكبر من السنة الحالية، ونُظر إلى القادم الجديد بوصفه مشكلة لا فرصة، غير أن ذلك يعزز المبرر الذى طالما استخدمته الأنظمة الدكتاتورية بأن "مستبدا تعرفه أفضل من متطرف تجهله". وأوضحت "الجارديان" فى افتتاحيتها التى جاءت عنوان "مصر الجديدة.. فرص لا تهديدات"، الفرق بين جماعة الإخوان المسلمين والمتشددين بتنظيم القاعدة، مشيرة إلى الانتقادات التى وجهها زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، عندما قررت المشاركة فى الانتخابات التشريعية وبتنديده بالإخوان لمعارضتهم اللجوء إلى العنف. ورأت الصحيفة البريطانية أن الأحداث على الأرض تفرض إعادة تقييم للموقف بدءاً بالنصر الذى حققته حركة النهضة الإسلامية بتونس بفوزها بنسبة 41٪ من المقاعد فى الجمعية الدستورية التى شكلت منذ ذلك الحين حكومة انتقالية، مع الأحزاب الليبرالية والعلمانية، وها هو حزب الحرية والعدالة المنبثق من حركة الإخوان المسلمين يحقق نتائج، وإن تأخر إعلانها حتى الآن، تضمن له تصدر الأحزاب التى شاركت فى الانتخابات المصرية. وأضافت أن المشهد فى مصر تحول من محتجين يمطرون بالغازات فى ميدان التحرير إلى طوابير من الناس يصطفون لساعات تحت المطر لتذوق النشوة الأولى للديمقراطية، مستطردة: "العملية الانتخابية فندت حجة المتشائمين بأن البلد كان فى حالة هيجان كبير جدا يستحيل فيه إجراء هذه الانتخابات، والواقع أن المشهد تحول ليتبين من ذلك أن أسوأ المخاوف لم تتحقق، إذ أظهر الإقبال على صناديق الاقتراع أن مصر أخرى أكبر من تلك المحتشدة فى ميدان التحرير كانت مستعدة للتصويت". وأوضحت أن هذا لا يعنى التقليل من قيمة النضال السياسى الذى وقع بالميدان، ولا التقليل من الرغبة الجامحة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لعدم العودة إلى الثكنات، متابعة: "أما الفرصة التى يتيحها بروز الحزب الإصلاحى الإسلامى إلى الواجهة، فتكمن فى كونه حركة ذاتية, لم تفرضها أى قوة خارجية على مصر، بل إن النتيجة التى برزت اليوم هى نفسها التى كانت ستظهر فى أى وقت من السنوات الثلاثين الماضية لو لم يكن هناك قمع". ولفتت إلى أن نجاح الحزب السلفى الأصولى الذى تمكن من التقدم على الكتلة المصرية العلمانية، سيمثل عامل ضغط على حزب الحرية والعدالة، غير أن تحالف الأخير مع التقدميين سيكون أفضل وسيلة لطمأنة مصر بأنها ليست على وشك السقوط فى يد سلطة إسلامية صارمة.