وزير الدفاع: حماية أمننا القومي مهمة مقدسة تتطلب الإستعداد القتالي الدائم    رئيس الوزراء يؤكد دعم مصر لمجالات التنمية بالكونغو الديمقراطية    محافظ القاهرة يقرر النزول بدرجة الحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 20 أغسطس 2025    تطوير التعليم الفني والتدريب المهني.. تعاون بين التعليم وحكومة طوكيو    رئيس الوزراء يشارك في قمة «تيكاد 9» بمدينة يوكوهاما اليابانية    بوتين يخطط للقاء رئيس الوزراء الهندي بحلول نهاية العام الجاري    عبور شاحنات مساعدات إلى غزة عبر معبر رفح    الصحف العالمية تحتفى بثلاثية محمد صلاح الذهبية    غياب صفقة الفريق.. تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام القادسية بنصف نهائي السوبر السعودي    «مفيش مؤامرات ومحدش يدخل الأهلي».. تعليق ناري من شوبير بعد سحب أرض الزمالك    رسميًا.. اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية الدور الثاني 2025 في الإسكندرية بنسبة نجاح 98.2%.    «روكي الغلابة» ل دنيا سمير غانم يحقق 40 مليون جنيه في 20 يوما    "لا ترد ولا تستبدل".. دينا الشربيني وأحمد السعدني يشعلان الدراما مجددًا    اليوم.. افتتاح معرض السويس الثالث للكتاب    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    «القاتل الصامت».. خبير تغذية يحذر من أضرار «النودلز» بعد وفاة طفل المرج    وزير خارجية ألمانيا: هدف الجميع هو حل الدولتين وهذا يعني دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام مع إسرائيل    مصر ترحب بالجهود الدولية لإحلال السلام في أوكرانيا    وزير الخارجية يؤكد لرئيس الوزراء اللبناني دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان    وزير الري يتابع إجراءات إزالة التعديات والمخالفات على المجاري المائية والخزانات الجوفية    الإسكان: إجراء القرعة رقم 16 لتسكين حائزي أراضي العبور الجديدة    قرية الشرقاوية بكفر الشيخ تستعد لتشيع جثمان والد كابتن محمد الشناوى    اليوم.. الزمالك ينهي استعداداته لمواجهة مودرن سبورت    «بداية من 4 سبتمبر».. تغيير اسم مطار برج العرب الدولي ل مطار الإسكندرية الدولي    طلاب الدور الثاني بالثانوية العامة يؤدون اليوم امتحان الرياضيات البحتة    تنفيذ حكم الإعدام فى قتلة المذيعة شيماء جمال.. انفوجراف    ضبط شخص يستغل طفلين في أعمال التسول واستجداء المارة بالجيزة    إصابة 16 شخصًا في تصادم سيارتين بسفاجا    إحباط محاولة 4 عناصر جنائية جلب وتهريب مواد وأقراص مخدرة ب350 مليون جنيه في مطروح    لطلاب المدارس والجامعات.. «النقل» تفتح باب التقدم لاشتراكات الأتوبيس الترددي 1 سبتمبر (تفاصيل)    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 عبر موقع التنسيق.. وخطوات الاستعلام فور إعلانها    للمرة الثالثة.. محافظ المنوفية يوافق على النزول بدرجات القبول في بعض المدارس الفنية    اليوم بروض الفرج.. انطلاق المهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل في دورته الأولى    إعلان موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 الثانوية العامة خلال ساعات.. الكليات والمعاهد المتاحة (رابط)    20 أغسطس 2025.. أسعار الذهب تتراجع بقيمة 20 جنيها وعيار 21 يسجل 4520 جنيها    رئيس هيئة الرقابة الصحية: مستشفيات جامعة الإسكندرية شريك رئيسي لنجاح التأمين الصحي الشامل    هل يمكن لمريض السكري تناول الأرز الأبيض دون مخاطر؟ (تفاصيل)    دعما للمنظومة الصحية.. إطلاق حملة للتبرع بالدم بمشاركة رجال الشرطة في الوادي الجديد (تفاصيل)    حمزة نمرة: حلمي بالكمال كان بيرهقني جدًا    سلامة الغذاء تفحص شكوى ضد أحد المطاعم الشهيرة وتتخذ الإجراءات القانونية ضدها    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    محافظ الفيوم يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفولة    سنقاتل لتحقيق بكأس.. محمد صلاح يعلق على فوزه بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    أحمد ياسر: زيزو لا يستحق الحصول على 100 مليون وإمكانياته أقل من ذلك    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    ويجز يحيي حفلا بمهرجان العلمين الجمعة 22 أغسطس (اعرف شروط الدخول)    أول تعليق من محمد صلاح بعد التتويج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي    مصطفى قمر ينشر صورًا مع عمرو دياب في الساحل.. ويمازحه بهذه الطريقة    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بالصاغة بعد آخر انخفاض    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كريمُ العنصرين... والسيدةُ العجوز!
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 11 - 2008

حينما يرتكبُ مواطنُهم مخالفةً مروريةً «هناك»، يستوقفه الضابطُ لدفع الغرامة، فيهتفُ المواطنُ: «أنا سعودى يا خوى، الله يرحم والديك!» فيدعه الضابطُ يمرّ لأنه ابنُ البلد، وصاحبُ المقام العالى فى وطنه. يعنى ليس وافدًا، أو حتى يمنيًّا ممن تَدرَّجَ بهم السلفُ هناك فغدوا مواطنين، لكنْ من الدرجة الثانية، وإذا ارتكبَ مواطنُهم، سالفُ الذكر، مخالفةً «هنا»، فى وطننا، أو حماقةً، خُلُقيةً أو إنسانيةً أو عنصرية، مما لا يُحصى من مخالفاتٍ تشهدها مصرُ على أرضِها كلَّ يوم، فإنهم، أيضًا، يمرّرون الأمرَ. لأنه ضيفٌ، ومصر تُكرمُ ضيوفَها ولا تُهينهم. أما مواطنُنا، كريمُ العُنصريْن، حقًّا لا شِعارا، فمهضومُ الحقِّ «هنا»، و«هناك»، رخيصٌ على حكومته هنا، ورخيصٌ على حكومتهم هناك!
لم ينسَ السعودى يوما أن مصرَ كانت تهبُ دولتَه، الفقيرةَ آنذاك، المالَ والطعامَ وتولمُ له الولائمَ وتفتحُ التِّكيّةَ للحجيج. ولم ينسَ أن مَلِكَ مصر كان يُسيّرُ المَحْملَ الأنيقَ يحمل كسوةَ الكعبة الشريفة هديةً من مصر كلَّ عام. ولم يقدر أبدا أن ينسى أن المصرى هو صانعُ حضارتهم منذ بداية القرن الماضى وحتى الآن. المدرسُ مصرىٌ. المهندسُ مصرىٌ. الطبيبُ والصيدلىّ وأستاذُ الجامعة والمحامى والمحاسبُ والعالِمُ، كلهم مصريون. أقول «لم ينس»، لا بالمعنى الطيب للعرفان بالجميل والامتنان للأيادى البيضاء التى مُدّت، بل «لم ينسها» بالمعنى السلبى. يعنى أسرها فى نفسه، مرارةً فى فمه، وغُصّةً فى حلقه، وصفدا فى عنقه، ودَيْنا أبديًّا لا يعرفُ كيف الفكاك منه، لأن هذا الدَينَ يظلُّ يؤرّقُ الصورةَ الجديدة التى رسمها له النفطُ والثراءُ المفاجئ. شىءٌ ما يشبه مسرحية «الزيارة» للسويسرى فريدريش دورنمات، حينما عادتِ السيدةُ العجوزُ الفقيرةُ إلى قريتها بعدما أصابها ثراءٌ فادح لتنتقم من فقراء بلدتها.. ورغم أن مصرَ أبدا لم تعاملِ السيدةَ العجوزَ كما عاملها أهلُ القرية أيام فقرها، فإن الأخيرةَ ترغبُ اليومَ فى الانتقام منها، بل وجَلْدِها!!
طيب، ألا يتحمل المصريون جزءًا من مسؤولية تلك المحنة؟ نعم بكل تأكيد، فسائقُ التاكسى المصرىُ الذى يقفُ للعُقال والشماغ، ويتجاهلُ مصريةً حُبلى منهكة، أو عجوزا لا تحمله قدماه، مُدانٌ مثلما حكومتنا مُدانةٌ. هذا السائقُ يتكرر فى صورٍ شتى ومواقعَ متباينة، هل نسى المصرى منبتَه الرفيع وجذورَه الحضارية الراقية التى عزَّ نظيرُها فى الكون، حتى يتهافتَ ويقلل من قدره ومكانته تحت زعم الفقر والعوز؟! يا ويح قلبى..
قبل شهر كنتُ فى طريقى للمشاركة فى مهرجان «عكاظ» الشعرى بالسعودية، فى طابور الجوازات بمطار القاهرة فوجئتُ بسيدة وأسرتها التى لا يقل عددُها عن عشرة أفراد، يقتحمون الطابورَ، فى غير دورهم! لم يعترض الموظف، لكننى اعترضت، فجاءنى ضابطٌ وهمس فى أذنى إنها سعودية، «ومعلش مفيهاش حاجة إلخ». فقلتُ بل فيها ألف حاجة لأنها لم تحترمِ النظام، ونظرتُ إلى بقية المصريين أستحثهم على الرفض والثورة، لكنهم أطرقوا ولم يعترض معى إلا شابٌ «مِسْتَبْيَع» مثلى، سارع الضابطُ حين عرف أننى صحفية، بأخذ باسبورى ليختمه، لكننى رفضتُ وظللت أعبئ الناسَ وأحرّضهم على الرفض، ولا من مجيب.ألا تعرفون كيف يتعاملون معنا فى مطاراتهم؟ ثمة طابور خاص لرعايا مجلس التعاون الخليجى، وطابور للأجانب الغربيين ذوى البشرة البيضاء والياقات العالية، ثم طابور آخر، طويل مثل الدهر، لبقية البشر «الوقيع» من مصريين وسوريين وعراقيين وهنود وبنجاليين وفلبينيين... إلخ. العمالةُ الوافدة التى تصنعُ بلادهم، ولا محل لها من الإعراب فى سلم الارتقاء البشرى، هل تعرفون أن كلمة «مصرى» يستخدمها السعوديون ك«سُبّة»؟ كيف سمحنا بذلك؟ وما مدى مسئولية حكومتنا السعيدة عما وصلنا إليه؟ وإلى متى سنترك مصرَ المطرقةَ الحزينةَ، مطرقةً وحزينةً؟
لو أن موقفا مثل الذى يتعرض له أطباؤنا الآن هناك حدث لأوروبى أو أمريكى، معاذ الله، وهذا مستحيل طبعا، لقامت الدنيا، ولسُحب السفراءُ، ولاستعادتِ الدولُ كلَّ عمالتها فورا، فينهارُ كيانُ البلد التى تجلدُ أبناءنا، لكن مصرَ العظيمة الجميلةَ الفاتحةَ ذارعيها، على فقرِها، للعالمين، ضاقت بأبنائها فلفظتهم، ولا عزاءَ لمصطفى كامل الذى مات على شريعة: «لو لم أكن مصريا»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.