وسط كل هذا الضجيج والصخب الذى يعيشه المجتمع المصرى حاليا بسبب أحداث ماسبيرو التى اندلعت على خلفية كنيسة الماريناب، سقطت فى خضم الهجوم الشرس الذى يتعرض له الجيش والمجلس العسكرى بسبب تعامله مع المتظاهرين الأقباط، أسماء شهداء مصر الحقيقيين من أبناء القوات المسلحة، الذين لقوا ربهم، وهم عزل بلا سلاح ولا يملكون حتى حق الدفاع عن أنفسهم. كلما استعادت ذاكرتى صورة ذلك الجندى وهو داخل مدرعته يحرس المنطقة المكلف بالسهر عليها ملقى، بينما اعتلى أحد المتظاهرين قمتها يلقى فوقه "دبشة" كبيرة من الحجارة، وكأنه يقتل جروا، يتملكنى الأسى والفزع من هول الصورة وبشاعتها، وقتها شعرت أن مصر كلها أهينت كرامتها، فهؤلاء حماتها ورمزها الأسمى تعلوا وتحلق خفاقة فى عنان السماء بانتصارتهم، كما حدث فى حرب أكتوبر المجيدة، وتهوى عزتها ويأفل نجمها إذا مسهم أحد بسوء، مثلما نكل بهم أمام ماسبيرو. بالطبع الصورة تعكس كم المهانة والعنف الذى تعرض له هؤلاء البسطاء ممن لا حول لهم ولا قوة، الذين يقضون واجبهم فى حماية وطنهم ووطننا جميعا، لكنهم تحولوا إلى ضحايا يسددون فاتورة حساب صراعات سياسية أو مشاكل طائفية ودينية ليسوا طرفا فيها بالأساس. أحد رجال القوات المسلحة أفصح لى عن عدد من استشهدوا فى الهجوم الذى تعرضوا له أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون وهو ليس قليلا، كان ذلك قبل أن يؤكد المجلس العسكرى فى المؤتمر الصحفى أمس الشىء نفسه لتتأكد لى المعلومة، رحلوا عنا دون أن نؤدى لهم حتى التحية أو نذكرهم وننعيهم. أدعو اللواء محسن الفنجرى عضو المجلس العسكرى أن يؤدى التحية لهم، كما فعل مع ثوار 25 يناير تكريما لهم ولدورهم العظيم، فى الحفاظ على نسيج وحدة هذا الوطن، لأنهم لم يقابلوا الإساءة بالمثل، ليس هذا وحسب بل أطالب بأن يتم عمل جنازة عسكرية تليق بهم لأنهم أبطالا أحياء عند ربهم يرزقون، كما أدعو الدكتور عصام شرف أن يؤدى واجب العزاء لذويهم كما فعل مع الأقباط عندما ذهب إلى البابا شنودة ينعى من سقطوا فى هذه المعركة الخاسرة. وأناشد المشير حسين طنطاوى وغيره من شرفاء مصر ألا يفرطوا فى حق هؤلاء الجنود النبلاء، الذين ضحوا بحياتهم، وهم يحرسوننا ولازالوا يواصلون مهمتهم فى شموخ ونأتمنهم على مصرنا وشرفنا.