أكد المحلل السياسى مجدى خليل رئيس منظمة التضامن المصرى الديمقراطى ومدير منتدى الشرق الأوسط للحريات، أن هناك قوى إقليمية ودولية تشعل الصراع داخل مصر لأنها تعتبر المفتاح الذهبى للشرق الأوسط والبوابة الرئيسية للدخول إليه، مضيفا أن ما حدث فى مصر أذهل الشارع الأمريكى، موضحا أن الثورة أكدت لنا أن الفتن الطائفية ليست إلا صنع أيادى النظام الفاسد السابق وفلوله.. ومصر تمر بمرحلة أقل ما يقال عنها إنها ضبابية.. وتحتاج تماسكا والتحاما بين جميع المصريين مسلمين وأقباط، ولا وقت ولا مكان للخلافات والعراك الفردى الآن حتى "تبنى مصر جديدة".. ما رؤيتك للأوضاع والأجواء الحالية فى مصر، هل ستقود للأفضل؟ مصر تعيش ما يطلق عليه المرحلة الضبابية، وهى مرحلة طبيعية تعقب الثورات، فهناك صراع مازال قائما بين الثوار وبعض القوى التى تريد وتحاول اختطاف الثورة عن طريق الاندساس وسط الثوار بأفعال مشينة لا تصدر عن أى مصرى، وهذا الصراع تتدخل فيه قوى إقليمية ودولية لأن مصر هى مفتاح الشرق الأوسط كله. معطيات الواقع المصرى فى اللحظة الراهنة مزعجة ويتفوق فيها الجانب السلبى على الجانب الإيجابى، وإذا استمر معدل تراجع القوى الثورية وتزايد معدل نمو القوى المخربة فى المجتمع، فإن المستقبل يحمل مخاطر كثيرة على الثورة، وعلى الديموقراطية، وعلى تقدم مصر، وعلى السلام مع إسرائيل، وعلى الوحدة الوطنية، وعلى السلام والأمن الاجتماعى، وعلى الاقتصاد، وعلى الدور الدولى لمصر. ونحن نأمل أن تنتصر الروح المصرية الثورية فى النهاية، وعلى جميع القوى المصرية أن تقف خلف أهداف الثورة حتى لا ينجح مختطفوها من تحقيق مخططهم. إلى أى مدى ترون نجاح الثورة المصرية؟ الثورة بلا شك نجحت أمام العالم كله فى تحقيق إنجازات كثيرة، أهمها القضاء على حاجز الخوف حتى من مجرد التعبير عن آرائهم، لأن مصر كانت مستعمرة داخليا وهو أخطر من الاستعمار الخارجى، ونجت من فخ التوريث كما أخرجت الثورة فئات من الشعب كانت مستبعدة من الحياة السياسية ومحرومة من حرية التعبير. وأظهرت الثورة درجة عالية من الوعى لدى الشباب لم يكن العالم يتصور وجودها، وليس الشباب فقط بل حتى الطبقات العاملة البسيطة. كيف تنظرون للأحداث الطائفية فى مصر؟ بلا شك أن الأمور وضحت والثورة غيرت كثيرا من وجهات النظر، وأكدت لنا أن الفتن الطائفية هى من صنع أيدى النظام الفاسد السابق وأجهزة الأمن والآن يحاول فلوله استكمال تلك الأفعال الدنيئة، والثورة قدمت للعالم صورة جديدة للمواطن المصرى كمناضل وليس إرهابيا، ورأينا الصور لمواطن يحترم الفتاة ويحافظ عليها كما رأينا فى ميدان التحرير فالمصرى ليس همجيا وظهر بصورة راقية. كيف ترى أوضاع الأقباط فى مصر بعد الثورة؟ المشهد فى ميدان التحرير كان بديعا، أما مستقبل الأقباط فيتوقف على نتيجة الصراع الدائر الآن فى مصر بين الثوار وأعداء الثورة، فإذا انتصر الثوار وانتصرت روح الثورة فمستقبل الجميع سوف يكون أفضل سواء أقباط أو مسلمين. إلى أى مدى تأثر الأمريكيون بالثورة وشبابها؟ **لقد انفعل الشارع الأمريكى بالثورة انفعالا شديدا لدرجة أن ميدان التحرير أصبح رمزا دوليا للحرية والنضال ضد الاستبداد، وهنا أتذكر مقولة لفيلسوف أسبانى "بأن كل دولة فى العالم تحتاج إلى ميدان تحرير"، وبالفعل تم محاكاة الثورة المصرية فى أسبانيا واليونان وإسرائيل وول ستريت فى نيويورك وهناك منظمة أمريكية تسمى 20 أكتوبر دعت إلى مظاهرة ضخمة فى ميدان الحرية بالعاصمة الأمريكيةواشنطن يوم 6 أكتوبر 2011 تضامنا مع أهداف الثورة المصرية والتضامن برفع نفس شعاراتها: الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وأصبح التخوف من أعداء الثورة فالعالم حاليا يترقب بقلق نتيجة الصراع بين الحرية والفاشية، وبين الثوار وأعداء الثورة، وبين دعاة المستقبل وأسرى الماضى. كيف استقبل المصريون فى أمريكا الثورة؟ المصريون فى أمريكا استقبلوا الثورة بفرح كبير، وأنا شخيصا شعرت بالفخر فكنت من أشد المعارضين لنظام مبارك طوال حكمه، وعبرت عن هذا فى كتاباتى، حتى أننى أقمت خارج مصر لقد قلت قبل الثورة بأن مصر تحكمها عصابة لقد كان الأفق مسدودا بينما فتحت الثورة طاقة أمل للمصريين جميعا. بالنسبة لكم كمصريين فى الخارج هل سيكون لكم دور فى الانتخابات القادمة؟ نحن كمصريين فى الخارج نتوسم تغييرات إيجابية بالنسبة لدورنا فى الحياة السياسية فى مصر، لقد كنا محرومين من حق التصويت فى الانتخابات وهو الحق الذى منح لنا بعد الثورة، وسنأخذ حقوقنا كاملة على ثلاث مراحل، الأولى مشاركة المصريين فى الخارج فى انتخابات الرئاسة القادمة، والثانية مشاركة المصريين فى الخارج فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى بعد القادم، والثالثة هى تخصيص دوائر فى الخارج لتمثيل 8 ملايين مصرى يعيشون فى الخارج، مع إمكانية مشاركتهم فى العملية التشريعية عن طريق إحدى وسائل التكنولوجيا الحديثة وهذا ليس بصعب، لكن تحقيق كل هذا يتوقف على مستقبل العملية السياسية ذاتها فى مصر. هل ترى أن التوقيت مناسب لإجراء انتخابات برلمانية وهل توجد ضمانات كافية لنزاهتها؟ إجراء الانتخابات الآن له إيجابياته، وله أيضا سلبيات، فالجانب الإيجابى يتمثل فى ضرورة وجود مجالس برلمانية كخطوة نحو إعادة بناء المؤسسات بعد النظام السابق وهذه ضرورو حتمية، خاصة أنه يوجد فراغ كبير فى المؤسسات حاليا. ما تقييمكم للقوى السياسة التى تظهر على الساحة السياسية الآن، والمقرر تنافسها فى الانتخابات القادمة، هل هى مؤهلة لخوض التجربة السياسية؟ ينقسم المتنافسون الآن لثلاث جبهات هم فلول النظام القديم والأحزاب (الليبرالية واليسارية والتيارات الدينية) ولا ننكر أن القوى الأكثر تأهيلا والقادرة على الحشد والأكثر تنظيما الآن هى القوى الدينية، حيث إن لها منابرها الخاصة من خلال المساجد والعديد من المحطات الفضائية، علاوة على الخبرة، وهناك قوى أخرى ولكنها لم تختبر مجال العمل السياسى وخوض الانتخابات، وبالتالى غير مؤهلة، أما الأحزاب الليبرالية واليسارية، فهم يشكلون تنويعة جميلة ولهم أجندة وطنية محترمة ولكن ينقصهم التنظيم والقدرة على الحشد والوصول للمواطن البسيط، كما أنهم لم يختبروا بعد لكى نعرف قوتهم الحقيقية، المسألة تبدو غير متوازنة ولكن هذه هى الديموقراطية إذا أردنا والبقاء للأصلح لخدمة مصر شريطة عدم انقلاب القوى الدينية على الديموقراطية فيما بعد. الإخوان أثبتوا أنهم جماعة منظمة ومتوقع لها تحقيق نتائج كبيرة فى الانتخابات القادمة، ما رأيك؟ نعم هى جماعة منظمة لأنها أساسا تنظيم دينى أيديولوجى متماسك قائم على السمع والطاعة، وهى ليست تنظيما سياسيا وفقا لتعريف التنظيم السياسى، لكن يؤخذ عليهم خطاباتهم التى تحمل المبالغة واللعب بأحلام البسطاء بعض الأحيان بتقديم حلول جاهزة لكل مشاكلهم ونخشى أن تسحب المجتمع لعقود ماضية، بينما يصعب التكهن بنسب معينة يحصل عليها الإخوان لأن قدراتها السياسية لم تختبر على أرض الواقع. فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية.. ما تقييمك للبرامج التى يطرحها المرشحون للرئاسة؟ لا توجد برامج جيدة وكل المعروض حتى الآن لا يرقى لمستوى البرامج الانتخابية وهو مجرد أفكار فضفاضة تعكس شخصية كل مرشح، وإن كنت شخصيا أرى أن الدكتور محمد البرادعى هو الشخص الأنسب لحكم مصر لأن رؤيته هى الأكثر وضوحا وخبرته هى الأكثر ثراء. هل تتوقع تدفق أموال المصريين فى الخارج للاستثمار فى مصر كدعم لها فى هذه المرحلة، أم ستأخذ مساعدتهم شكلا آخر؟ من يدعى بأنه سيحول أمواله للاستثمار فى مصر لمساعدتها فى هذه الظروف فهو مزايد وغير صادق، فرأس المال يحكمه فى النهاية المكسب والخسارة والاستقرار السياسى والمناخ الاقتصادى الجاذب للاستثمار، فلا يوجد رجل أعمال مصرى عاقل يغامر بتحويل أمواله إلى مصر فى هذه الظروف، أما تحويلات المصريين العاديين لمساعدة أسرهم فهى مستمرة وربما زادت نتيجة الأزمة التى تعانى منها مصر ومن ثم ذويهم، ولكن من الممكن أن يقدموا خبراتهم السياسية والعلمية لبلدهم للاستفادة منها، وهم دائما مستعدون لذلك، ولكن حتى هذه اللحظة السلطات غير جادة فى الاستفادة من خبرات ومهارات أبناء مصر فى الخارج فلم يطلب من أحد المصريين بأمريكا شئ من هذا القبيل حتى الآن.