مدبولي: افتتاح عدد من المشروعات الكبيرة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يناير المقبل    هيئة دعم حقوق الشعب الفلسطيني: إسرائيل تعرقل إعادة الإعمار وتهدف لنزع سلاح الفصائل    حماس: انفجار رفح وقع في منطقة تسيطر عليها قوات الاحتلال وليس فيها أي فلسطيني    مدرب جنوب أفريقيا قبل مواجهة مصر: الفوز بأمم أفريقيا هو هدفنا    مصدر ب«التعليم»: الانتهاء من المناهج قبل امتحانات التيرم الأول أولوية لضمان تكافؤ الفرص بين الطلاب    مكتبة الإسكندرية تستقبل النائب العام الفلسطيني    بث مباشر مباراة كوت ديفوار وموزبيق في كأس أمم إفريقيا 2025    محافظ القليوبية يشارك في احتفالية ذوي الإعاقة بجمعية الشبان العالمية ببنها    كاتدرائية الزمالك تتزين استعدادًا لقداس عيد الميلاد    إطلاق مبادرة «كفر الشيخ بتنور» لتعزيز الأمان واستدامة الإنارة    الإدراية العليا تحيل 14 طعنا للنقض على نتيحة انتخابات النواب للدوائر الملغاة    إتاحة الاستعلام عن القبول المبدئي للمتقدمين لشغل 964 وظيفة معلم مساعد بالأزهر    أسرع أهداف أمم أفريقيا 2025.. رياض محرز يكتب التاريخ مع الجزائر    رئيس الوزراء: مصر كانت بتتعاير بأزمة الإسكان قبل 2014.. وكابوس كل أسرة هتجيب شقة لابنها منين    رئيس جامعة المنصورة ونائب وزير الصحة يوقِّعان بروتوكولًا لتعزيز التطوير والابتكار    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بسبب مشغولات ذهبية بالمنيا    أبرد ليلة بفصل الشتاء فى ريكاتير اليوم السابع    مدرب بنين: قدمنا أفضل مباراة لنا رغم الخسارة أمام الكونغو    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    البورصة المصرية تربح 4 مليارات جنيه بختام تعاملات الأربعاء    بث مباشر لمباراة الكاميرون والجابون في كأس أمم إفريقيا 2025 وموعد اللقاء    هذا هو موعد ومكان عزاء الفنان الراحل طارق الأمير    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    تقارير: نيكولاس أوتاميندي على رادار برشلونة في الشتاء    الصحة تواصل العمل على تقليل ساعات الانتظار في الرعايات والحضانات والطوارئ وخدمات 137    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    وزير خارجية تركيا يبحث مع حماس المرحلة الثانية من خطة غزة    المنتدى الثقافي للمجموعة السودانية يناقش قريبًا كتاب «مستقبل بلد بين جيشين» للصحفي علي فوزي    النائب محمد رزق: "حياة كريمة" نموذج للتنمية الشاملة والتحول الرقمي في مصر    الاجتماع الختامي للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام المصري بالأكاديمية الوطنية للتدريب، الإثنين    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    عفت محمد عبد الوهاب: جنازة شقيقى شيعت ولا يوجد عزاء عملا بوصيته    وكيل تعليم الإسكندرية: مدارس التكنولوجيا التطبيقية قاطرة إعداد كوادر فنية لسوق العمل الحديث    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    ماريسكا: إستيفاو وديلاب جاهزان ل أستون فيلا.. وأشعر بالرضا عن المجموعة الحالية    "البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    لتشجيع الاستثمار في الذهب.. وزير البترول يشهد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق مع آتون مايننج الكندية    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    رئيس دولة التلاوة    محمد إمام يكشف كواليس مشهد عرضه للخطر في «الكينج»    القومي للطفولة والأمومة يناقش تعزيز حماية الأطفال من العنف والتحرش    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    بني سويف.. مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين إثر تصادم تروسيكل مع سيارة نقل بطريق جرزا الواسطى    السيطرة على حريق شقة فى بولاق الدكرور دون إصابات.. والنيابة تحقق    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    واشنطن في مجلس الأمن: سياسات مادورو تهدد أمن الولايات المتحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات من بلاد تركب الأفيال والتوك توك والصواريخ
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 10 - 2011

تركت مصر فى فترة تموج فيها بالحركة والثورة والغضب من كل شىء، والأهم أنى تركتها وهى مختلفة حول المستقبل، فلا الشعب اتفق على شىء، ولا حكامه الحاليون أعطوا للشعب المختلف خارطة طريق.
تركت كل هذا وأكثر، وقررت السفر إلى بلاد تركب الأفيال، وتضم أرضها رفات غاندى، أحد حكماء البشرية وعظمائها، الذى استطاع أن يغير بلاده والعالم دون أن يرفع سلاحًا أو يشن حربًا، كان مجرد رجل نصف عار، كان ضعيف البنيان، ولكنه هز أركان إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وطردها من بلاده.
كنت أمنى نفسى برحلة صفاء للنفس فى بلاد اليوجا، بعد أن أتعبتنى بلادى فى خنوعها أغلب سنوات عمرى، وأتعبتنى أيضًا من ثورتها الوليدة التى تاهت كثيرًا من معالمها.
لم تكن تلك أول زيارة لى للهند، ولكنى حظيت بزيارتها قبل عقد من الزمان، لذا كنت أنتظر بشدة الزيارة الثانية لأعرف ماذا فعل الهنود فى عشر سنوات أو يزيد، مقابل ما فعله المصريون.. ولعجبى أننى كما وجدت كثيرًا من نقاط الالتقاء وجدت كثيرًا من نقاط الاختلاف الجوهرية جدّا.
يا وابور قولى رايح على فين
تحدد الإحصاءات أن أعلى نسبة عالمية فى حوادث القطارات تقع فى الهند ومصر، ومن العجب أنهما أول دولتين تعرفان السكك الحديدية، لذا قررت أن تبدأ أولى جولاتى فى بلاد طاغور وغاندى بالقطار من دلهى، حيث وصلت إلى ولاية أجرا محطتى الأولى، منيت نفسى برحلة فى قطار الشرق السريع، كما صورته لنا السينما فى أفلام مأخوذة عن روايات أجاثا كريستى، تصورت أن تجربة ركوب قطار فى الهند عبر ولاياتها المختلفة ستكون مصدر غموض وإلهام، خاصة أن القطارات فى شبه القارة الهندية وسيلة مواصلات رئيسية أكثر من مصر. لكن كل أحلامى وخيالاتى «السينمائية» تحطمت حين رأيت المحطة والقطار الذى سأستقله.
فبرغم أنه درجة أولى فإنه يشبه - بل أقل فقرًا من - القطار القشاش فى مصر، مع اختلاف وحيد، وهو وجود مراوح، قيل لى إنها لا تعمل دائمًا. فلو قُدر لك أن تستقل قطارًا فى الهند فاعرف أن عجلة الزمن ستعود بك إلى الوراء فى بلاد تعد إحدى القوى النووية فى العالم، وسيدة صناعة السوفت وير، ومقدر لأسطولها البحرى فى عام 2012 أن يكون أقوى أسطول فى العالم، وصفات أخرى كثيرة عظيمة. ولكن ابتسم فأنت فى الهند، أم العجب، كما غنت لها سعاد حسنى، وما كذبت. أم طاغور وغاندى، وأم الفقراء الأكثر فى العالم، والأثرياء الأكثر أيضًا فى العالم، هى بلاد تركب الأفيال والتوك توك، كما تركب الصواريخ، وتصنع القنبلة النووية، وتمتلك من 80 إلى 100 رأس نووية.. تضم أراضيها بليونًا و215 مليون نسمة، والوحيدة التى يتحدث سكانها أكثر من 240 لغة مختلفة، ومئات اللهجات، وبها عشرات الديانات، على رأسها الهندوسية التى يدين بها 80 % من السكان، ثم الإسلام الذى يضم 10 % من السكان، ثم ديانات أخرى كثيرة، ما أنزل الله بها من سلطان.
ديمقراطية الفقراء.. والأغنياء يمتنعون
الهند أم العجب، فهى الدولة البرلمانية الرئاسية التى تمارس ديمقراطيتها كل خمس سنوات، رئيسها مجرد وجه بروتوكولى، وحاكمها الفعلى هو رئيس الوزراء الذى يأتى بالانتخاب من خلال البرلمان. ومن عجب أن تكون تلك الديمقراطية للفقراء فقط، فهم الذين يهتمون بالإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات. أما أغلب الطبقة المتوسطة والعليا فعازفة عن المشاركة فى الديمقراطية، والشباب الهنديون الذين يمثلون 50 % من السكان، كما قال لى الكثير منهم، لا يملكون بطاقة انتخابية، لأنهم ناقمون على ارتفاع نسبة الفساد، ويرى أغلبهم أن الانتخابات تعتمد على رشوة الفقراء، وليس على أساس صحيح فى الاختيار.
كنت على طول الطريق أشاهد إعلانات بدت لى أنها دعاية انتخابية، ففسرها لى مرافقى الهندى بأنها تهنئة من نواب البرلمان لمسلمى الهند بمناسبة عيد الفطر، وهى دعاية انتخابية فى ذات الوقت، وتصورت أننى سأبتعد عن مصر وأحاديثها عن الفساد السياسى والمالى الضارب فى أصولها والاعتصامات والإضرابات والانتخابات وبرامج المساء والسهرة المثيرة التى ترفع الضغط، ولكن يبدو أن القدر لم يكن متفقًا معى فى طلب الراحة، فقد وجدت فى أقصى بلاد الشرق ما تركته فى مصر، ولكن بالهندى.
محاكمات وفساد وضحايا
واجهت أول ما واجهت فى الهند أحاديث فساد سياسى ومالى، وبعض إضرابات فى الطرقات، وبرامج توك شو على مئات المحطات التليفزيونية الهندية الخاصة والقومية، والغريب والعجيب أن ضيوف هذه البرامج نسخة متشابهة تمامًا مع الضيوف المصريين المعتادين الذين هربت منهم، فها هو عمار على حسن الهندى، أى والله، بشحمه ولحمه وبحة صوته متحدثًا بالهندية، وها هو أيضًا عمرو حمزاوى، وتهانى الجبالى، ولكن بالبِندى، أى النقطة الحمراء التى يضعها الهنود على جباههم، وصدق أو لا تصدق، لكنه والله صدق، إن اختلافاتهم على الهواء وصراخهم فى وجوه بعضهم البعض مطابقة لما نراه على شاشاتنا تمامًا.
كانت أهم الموضوعات المثارة فى الإعلام بشكل كبير جدّا قضية مودى حاكم منطقة جوجارات ورودلف إلمر البانكير السويسرى الذى أمد ويكيليكس بمستندات تدين 400 شخصية شهيرة هندية تهرب أموالها إلى سويسرا.
مودى الهندى يواجه أهالى الشهداء
أما الحكاية الأولى فهى تخص ناريندرا مودى، أحد مشاهير السياسة الهندية، وحاكم منطقة جوجارات، الذى يواجه اتهامًا بالتآمر لقتل عشرات المسلمين، عام 2008، فى حادث إرهابى، ثأرًا لحادث سابق لعدد من الهندوس، وحين ترددت شائعات عن ضلوع الحاكم فى التحريض على الثأر تم تكوين لجنة تحقيق خاصة لمتابعة ملابسات الحادث، وإعلان النتيجة، رغم أن اللجنة لم تصل إلى نتيجة مؤكدة لضلوع الحاكم، إلا أن أسر الضحايا رفعوا قضية فى المحكمة ضده وآخرين، نصيبى أن أترك محاكمات الحاكم فى مصر لأواجه محاكمات حاكم فى الهند بالتهمة نفسها، ولكن مع فارق واحد كبير، فحاكم الهند مودى أعلن يوم وصولى أنه سيصوم ثلاثة أيام من أجل أن يعم السلام المنطقة التى يحكمها، أما الحاكم المصرى ما صام إلا عن الكلام.
400 فاسد فى الهند يصنعون فضيحة
أما القصة الثانية التى حصلت على البطولة الإعلامية فى الهند فهى تخص رودلف إلمر، موظف البنك السويسرى، الذى فضح النظام المصرفى السويسرى، ومنح آسانج وموقع ويكيليكس مستندات تدين عددًا من أثرياء العالم ومشاهيره من السياسيين، خاصة فى دول العالم الثالث. ظهر إلمر فى خبطة إعلامية على الهواء مباشرة فى إحدى المحطات الخاصة الهندية بعد الإفراج عنه بساعات، حيث تم سجنه من 2005 حتى يوم ظهوره. وقد كان السؤال الرئيسى حول أسماء ال 400 شخصية هندية التى أعلن أنها ضالعة فى تهريب وغسل أموال، ولم يعلن إلمر عن الأسماء، لأنه مهدد بالسجن والانتقام، ولكنه أعلن أنهم سياسيون، وبعض مشاهير رياضة الكريكت، ونجوم سينما، ورجال أعمال، فضيحة تضع نصل السكين على رقاب المشاهير، ولا أحد يستطيع تحديد متى تنفجر. تخيلوا بين مليار ويزيد 400 فاسد يصنعون فضيحة لمجرد تنويه بمناسبة نسب الفساد للسكان.
نعم فى الهند يوجد فساد سياسى ومالى ورشوة، قد تبدأ من أصغر عسكرى مرور لرؤوس كبرى، ولكنه بالتأكيد مختلف عن الفساد المصرى، لأن ديمقراطية الهند لا تسمح له بالاستمرار سوى خمس سنوات، ثم تفضحه على رؤوس الأشهاد، عندهم فساد، وعندنا فساد، ولكنهم إلى جوار فساد بعضهم هناك إنجازات فى العلم ومجال التعليم، واكتفاء ذاتى فى لقمة العيش لشعبهم، وصناعة وطنية تضع اسمهم على قوائم المنافسة العالمية، وقنبلة نووية، وأشياء أخرى قد تغفر، أو على الأقل تخفف، كثيرًا من حدة فساد بعضهم.
التوك توك والموتوسيكل سمعة طيبة فى الهند أفسدها المصريون ترتبط الهند فى عقول عامة المصريين بالسارى والكارى وأميتاب باتشان، أى سينما بوليوود، وهى بالفعل كل ذلك، وأكثر بكثير. الهند هى حضارة ضاربة فى التاريخ، لها موسيقى شعر طاغور، وحكمة غاندى، وعبقرية كليلة ودمنة، والأهم من كل ذلك مستقبل يخططون له.
ربما سمحت لى ظروفى بسبب زيارة سابقة للهند قبل عقد من الزمان بأن أجرى مقارنة بين كيف كانت، وماذا أصبحت.
قبل عقد من الزمان كانت العاصمة دلهى وأكبر مدنها مومباى من أكثر المدن تلوثًا فى العالم، حتى أننى كمصرية فى ذلك الوقت حمدت الله على درجة التلوث التى نعيش فيها مقارنة بالهند، ولكن بعد عشر سنوات لم يعد تلوث الهند كما كان، بل صارت مدن الهند تتمتع بجو نظيف، مقارنة بالقاهرة، فهى تستخدم الغاز الطبيعى فى أغلب المركبات، ومنعت التدخين، حتى فى شوارعها، ولكن تظل القمامة وأحوال الطرق أفضل فى مصر، الحمد لله.
فى زيارتى الأولى حين عدت للقاهرة شعرت بأنها فارغة من السكان، طبعًا تأثرًا بالزحمة فى دلهى ومومباى، ولكن فى زيارتى الثانية لم أشعر باختلاف كبير بين زحام عاصمتهم وزحام عاصمتنا، وهم فى البليون، ونحن مازلنا نلعب فى الملايين.
فى الهند استطاعوا أن يوظفوا الريكشا، وهو اختراع هندى - أو التوك توك بالمصرى - والموتوسيكل، لقهر الزحام. فشركة باجاج، أكبر منتج فى العالم للمركبات ذات الثلاث عجلات، شركة هندية، وهى رابع أكبر مصنع فى العالم للدراجات البخارية، وقد أتيحت لى فرصة لزيارتها، صراحة حاجة تشرح القلب، ينتجون 100000 موتوسيكل و200000 توك توك شهريّا، ويصدرون 35 % من إنتاجهم للخارج، وعلى أبواب مصانعهم عبارة تقول: «نحن فخورون ببلدنا، ونعمل من أجل أن تفخر بنا بلدنا».
يأتى هذا فى الوقت الذى أساء فيه المصريون للتوك توك، وآذوا سمعته، وهو برىء، فهو وسيلة انتقال آمنة رخيصة، والأهم أنه يسير لديهم بالغاز الطبيعى، لذا فهو صديق للبيئة، أما عندنا فهو وسيلة بلطجة مرورية، وسرقات، وجرائم، وتلوث، رغم منفعته لكثير من الفقراء الذين تحرمهم الدولة من خدمة المواصلات العامة.
العيب فينا إذًا، وفى سوء الاستخدام، وليس فى الوسيلة التى تطاردها الدولة، وكثير منا، لأننا لا ندرك معنى احتياج كل إنسان لوسيلة مواصلات يبلغ بها بيته، وأيضًا فرصة عمل قد توفر حياة كريمة لعدة أسر تعيش على دخل التوك توك.. لا يمكن أن تستمر الحياة فى القاهرة والمدن الكبرى كما هى، فقد تحولت لجحيم لا يطاق، وعلينا أن نعيد منظومة شوارعنا وعقولنا التى ترى أن السيارة وحدها هى الوسيلة الآمنة والمعيار للتقييم الاجتماعى والطبقى فى مصر.
على الدولة والمجتمع والإعلام أن يعيدوا صياغة العقل المصرى، على الأقل لدى الشباب، وأن امتلاك موتوسيكل أفضل من سيارة، ولكن هذا باحتياج لعمل كثير، وتحدّ أكبر، فهل نحن قادرون عليه من أجل أن نستطيع الحياة فى مدننا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.