لم تستطع الحكومة التعبير عن إرادة المصريين والرأى العام الرافض أصلا لفكرة التطبيع مع إسرائيل من الأساس فى أحداث السفارة، لقد عجزت الحكومة عن فهم حقيقة أن المصريين بعد الثورة لن يقبلوا ما كانوا يقبلوه من قبل من حكامهم، بينما استطاعت إسرائيل فهم حساسية وخطورة الموقف وأظهرت نوعا من الحكمة فى معالجة الموقف والدليل كان بيان نتنياهو الأخير الذى ابتعد فيه عن الاستعلاء والتصعيد بعد موقعة الشواكيش. لقد ظهر بنيامين نتنياهو فى أول مؤتمر صحفى عقب محاولة اقتحام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة وهو ممتن لعودة طاقم أمن السفارة الإسرائيلية بعد أن ظلوا محتجزين داخلها، اللافت للانتباه هى اللغة التى تحدث بها بنيامين نتنياهو والتى تعكس تفهما واضحا للأوضاع فى الشرق الأوسط فيما عرف بربيع الثورات العربية والذى اعتبره نتنياهو زلزال يهز منطقة الشرق الأوسط وعلى إسرائيل أن تنحنى أمام العاصفة التى هبت فى العالم العربى والتى أطاحت بكل تلك الأنظمة التى كانت حليفة لإسرائيل. الغريب أن نتنياهو فى البيان الذى ألقاه من القدس كان حريصا جدا فى عدم استخدام لغة التصعيد تعليقا على تلك الإحداث وهذه هى المرة الأولى التى لا تلجأ إسرائيل فيها للتصعيد،ومن المؤكد أن إسرائيل تشعر بالضعف الشديد، خصوصا بعد رد الفعل الغير متوقع من جانب المصريين على المستوى الشعبى وهذا انعكاس واضح لرفض المصريين لاستباحة دمائهم بمقتل ستة من جنودهم فى سيناء ورفض إسرائيل حتى مجرد الاعتذار، الأمر الذى ولد شعور عام بالاستياء فى الشارع خصوصا بعد موقف الحكومة الذى اكتفى بالإدانة. المؤسف أيضا ومما زاد الموقف اشتعالا قيام الحكومة ببناء جدار عازل حول السفارة مما أشعل الغضب فى قلوب الملايين، وما جرى فى موقعة الشواكيش كان متوقعا وجاء كرد فعل طبيعى جدا لكل تلك الأسباب، والجماهير التى خرجت غاضبة وقامت بتحطيم الجدار العازل فى موقعة الشواكيش كانت تعبر وبصدق عن رفضها لموقف الحكومة من تلك الأحداث. أضف إلى ذلك الموقف التركى بطرد السفير الإسرائيلى من أنقرة والذى لاقى قبولا ورفع سقف المطالب فى الشارع المصرى بعدما رفضت إسرائيل تقديم اعتذار لتركيا وهو يكاد يكون الموقف نفسه بعد مقتل الجنود المصريين بيد الصهاينة مما وضع الحكومة المصرية فى موقف شديد الحرج أمام الشارع المصرى، وأظهر عجزها أن تستفيد من هذا الغليان فى الشارع كورقة ضغط على تل أبيب. وما حدث يبرز أن هناك أياد متعددة تريد تشويه الثورة، حيث كان يجب التفريق بين جموع المتظاهرين الرافضين لفكرة الجدار العازل حول السفارة وبين فلول الحزب الوطنى وبقايا النظام وأصحاب الثورة المضادة الذين قاموا بإحراق السيارات أو الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة هؤلاء هم البلطجية وهؤلاء هم من يجب محاكمتهم، كذلك اعتداءات الأمن المركزى على المتظاهرين أجج الوقف وهنا يجب أن تكون هناك وقفة مع الداخلية لإعادة صياغة العلاقة بين رجل الشرطة والمواطن. وللأسف تكرر الحكومة نفس الخطأ وتقوم بتجاهل الرأى العام تماما وبدلا من أن تعلن أنه قد حان الوقت لتعديل بنود اتفاقية كامب ديفيد وإعادة نشر الجيش فى المنطقة منزوعة السلاح وتصر على ذلك،فى محاولة منها لاستثمار هذا الضغط الشعبى الذى أبدى نتنياهو تفهم واضحا له وتمسكه بالاتفاقية، ليكون تعديل الاتفاقية ترضية حقيقية للمواطن وأسوة بتركيا التى ذهبت لأبعد من ذلك بقطع العلاقات مع إسرائيل، أن ما حدث فى موقعة الشواكيش هو تعبير واضح لرفض فكرة التطبيع.