فوز وحيد و16 مرشحًا يتنافسون على 8 مقاعد في جولة الإعادة لانتخابات النواب بقنا    مراسلة «إكسترا نيوز» بالجيزة: الدولة تؤمّن انتظام العملية الانتخابية    ضبط شخص لحث الناخبين على التصويت لصالح مرشح بأسوان    «مشاكل الطلاب وكيفية حلها» لقاء تشاوري لأولياء الأمور بمدرسة ثانوية ببنى سويف    الهيئة الوطنية للانتخابات: السماح لأي ناخب بالتصويت حتى بعد إغلاق اللجان    «القابضة لمياه الشرب» تبحث مع محافظ جنوب سيناء خطة تطوير محطة دهب    تذبذب عالمي واستقرار محلى .. أسعار الذهب في منتصف تعاملات اليوم    ضبط محطة وقود بمركز منفلوط لتجميع أكثر من 8 أطنان سولار دون وجه حق    محافظ كفر الشيخ يتابع فعاليات حملة التوعية بالأمن السيبراني    المشاط»: 2.7 مليار يورو محفظة التعاون الجارية مع بنك الاستثمار الأوروبي    محافظ القليوبية يستجيب لأحد ذوى الهمم ويوفر مشروعا صغيرا لأخيه القائم على رعايته    منحة أوروبية لتمويل إنشاء 5 صوامع حقلية في مصر    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه كارثة شتوية بسبب نقص المعدات والخيام    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه كارثة شتوية بسبب نقص المعدات والخيام    لافروف: خسائر القوات الأوكرانية تتجاوز مليون فرد    الرئيس السيسي وملك البحرين: القضية الفلسطينية ستظل في صدارة الاهتمام العربي والدولي    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    ذا صن: احتمالية نقل مباراة مصر وإيران إلى كندا بسبب أزمة احتفالات دعم المثلية    تقرير - قبل ربع النهائي.. السعودية تتفوق تاريخيا على فلسطين في كأس العرب    موندو ديبورتيفو: برشلونة يقترب من حسم صفقة حمزة عبد الكريم    بن رمضان والجزيري ومعلول ضمن قائمة تونس النهائية لكأس أمم أفريقيا    ضبط صاحب مستودع غاز لتجميعه 55 ألف أسطوانة بالبحيرة    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    بعد 7 أيام بحث.. لحظة اصطياد «تمساح الزوامل» بالشرقية    المشدد 7 سنوات لرئيس حي شرق الإسكندرية السابق في قضية رشوة    وكيل تعليم الإسماعيلية يزور المعلم المعتدى عليه بمدرسة المجاورة فى المستشفى    الداخلية تضبط شخصاً ممارساً للبلطجة بالجيزة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل    حملات مكثفة لتحصين الكلاب الحرة ضد مرض السعار بالدقهلية    فيلم «الست» يتخطى 2 مليون جنيه في أول أيام عرضه    وزير الثقافة يلتقي سفير اليونان بالقاهرة لبحث تعزيز التعاون الثقافي    هند صبري بعد حصولها على جائزة عمر الشريف: لم يكن مجرد أيقونة للسينما العربية بل جسرا بين العوالم    الليلة.. قناة الوثائقية تعرض فيلم محفوظ وهي    هدى المفتي ضيفة برنامج آبلة فاهيتا.. السبت المقبل    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    «الصحة»: مصر تحافظ على خلوها من الحصبة الألمانية للعام الثالث    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    أكاديمية الشرطة تنظم محاضرتين للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان    مباحثات مصرية - يونانية لتنفيذ برامج سياحية مشتركة    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    صحيفة.. 24 ساعة تحسم مستقبل صلاح مع ليفربول    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    53 مترشحًا يتنافسون على 3 مقاعد فردية فى دوائر أسوان المعاد الاقتراع بها    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    مؤسسة هولندية تتبرع بأجهزة ومعدات قيمتها 200 مليون جنيه لدعم مستشفى شفاء الأطفال بسوهاج    أمريكا تطلق تأشيرة "ترامب الذهبية" بقيمة مليون دولار    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    المستشار أحمد بنداري: فتح آخر لجنة بمنشأة القناطر بعد تعطل سيارة القاضي    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    تايلاند تعلن ارتفاع عدد القتلى إثر الاشتباكات الحدودية مع كمبوديا إلى 9    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    يوفنتوس ينتصر على بافوس بثنائية نظيفة    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فنى الإشعاع».. مهنة الأمراض والموت بالمستشفيات الحكومية .. الفنيون يودعون الصمت بعد شكواهم من إصابتهم بالسرطان بسبب الأجهزة المتهالكة والوقاية المنعدمة


نقلاً عن اليومى..
أكثر من 200 ألف فنى صحى بمختلف المستشفيات، يستعدون لتنظيم اعتصام أمام مجلس الوزراء يوم الأحد المقبل، وبدء إضراب شامل عن العمل فى المستشفيات الحكومية بكل أنحاء الجمهورية.
الفنيون أعلنوا أيضا أنه بالتوازى مع اعتصامهم أمام «الوزراء»، سينطلق آخرون من زملائهم للتظاهر من أمام النقابة العامة للعلوم الصحية، وسيشمل التظاهر والاعتصام جميع أقسام الأشعة، والمعامل، والأسنان، والتسجيل الطبى، والطوارئ، والرعاية الطبية العاجلة، والطب النووى، والعمليات والمراقبة الصحية، والتعقيم، ويبرر الفنيون تصعيدهم لاحتجاجاتهم، بأنهم يتعرضون لظلم وأخطار تهدد حياتهم نتيجة تعاملهم مع الإشعاع بصورة مباشرة، وعدم توفير سبل الوقاية اللازمة لحمايتهم من تلك الأخطار.
«اليوم السابع» نقلت معاناة الفنيين على ألسنتهم، ومن منزله بقرية «محلة روح» بالغربية قال لنا عبدالفتاح إسكندر، أحد ضحايا مهنة الفنى الصحى، إنه أصيب بسرطان فى الغدد الليمفاوية بعد 10 أعوام من العمل كفنى أشعة فى مستشفى حكومى، يستخدم أجهزة متهالكة، ولا توفر أبسط سبل الوقاية للفنيين، مما أدى إلى إصابة الكثيرين منهم بأمراض سرطانية، انتهت ببعضهم إلى الوفاة، وبالرغم من ذلك لم يجرؤ الفنيون - بحسب عبدالفتاح - على البوح بما يحدث لهم، وكانوا يلتزمون الصمت دائما خوفا على لقمة العيش.
يضيف عبدالفتاح أن إدارة المستشفى هددته بإحالته للتحقيق، عندما تحدث عن ضرورة توفير أساليب الوقاية، مشيرا إلى أنه فى ذلك الوقت، كان ينمو ورم غريب على جانب رقبته، وعجز الأطباء عن تشخيص سببه، ولم تفلح معه الأدوية، ليتأكد فى النهاية أنه مصاب بسرطان ليمفاوى بسبب عمله مع الإشعاع، ويقول: «الجهاز الذى أعمل عليه انتهى عمره الافتراضى، ومحدد الأشعة به معطل» ما يدفعه إلى استخدام قلم رصاص لتحديد المكان المفترض إجراء الأشعة عليه، وإذا زادت المساحة التى يحددها القلم أو قلت، فيهدد ذلك باحتمال وصول الإشعاع لأجهزة الجسم السليمة، مما يمثل خطرا على المريض».
أما عدد الحالات التى كان يجريها عبدالفتاح إسكندر، فهى فى المتوسط تصل إلى 40 حالة يوميا، ويلفت إلى أن هذا العدد يخالف نص القانون رقم 59 لسنة 1960 المنظم للعمل فى مجال «الأشعة المؤينة»، والذى حدد حالتين يوميا فقط، يتم إجراؤهما حتى لا يزيد معدل تعرض الفنى للإشعاع عن الحد الأدنى المسموح به.
الوضع نفسه تكرر مع عبدالرحيم أحمد فنى أشعة بمستشفى مالاوى العام، حيث أصيب عبدالرحيم بسرطان ليمفاوى نتيجة تعرضه للأشعة، واكتشف المرض بعد مدة زادت على 25 عاما من الخدمة، ولم تظهر الأعراض إلا عام 2010 عند إجراء الكشف الدورى المتبع له كل ثلاث أشهر، وكان عبدالرحيم يتعامل مع جهاز أشعة إكس راى الذى يتسبب فى خروج إشعاع مباشر.
الظروف التى أدت إلى مرض عبدالفتاح وعبدالرحيم وغيرهما، هى نفسها الموجودة فى عدد كبير من المستشفيات، كمستشفى شرم الشيخ الدولى الذى لم يختلف الحال فيه كثيرا عن غيره، وحسبما يقول سامح العباسى – فنى أشعة – فإن جهاز الأشعة الذى أجرى عليه الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك أشعته، تسبب فى إصابته – العباسى - بتكسير فى كرات الدم البيضاء مضيفا : «بدأت قبل 10 سنوات التعامل مع جهاز الأشعة العادية، ونتيجة للعمل فترات زمنية طويلة، وعدم وجود أجهزة وقاية أو إجراء كشف دورى منتظم، أصبت بنقص فى كرات الدم البيضاء».
إحساس سامح بتدهور حالته الصحية، والشعور المستمر بالخمول والكسل هو السبب فى معرفته بالإصابة والتى لم يوضحها الكشف الدورى الذى يجريه له المستشفى، ورغم مرضه تعنت المستشفى فى نقله إلى وحدة الأشعة الكهرومغناطيسية التى أراد النقل إليها لأنها أقل خطورة، ولن تؤدى لتزايد حدة مرضه، ليفاجأ أنه ما زال يضطر أحيانا للعمل على نفس الجهاز.
حجرة الخطر
من شرم الشيخ إلى مستشفى المنشاوى بطنطا، حيث يتكدس أكثر من 18 من الفنيين داخل غرفة لا تتعدى مساحتها 10 أمتار، وأسفل لافتة مكتوبا عليها «حجرة الأشعة» تعددت صفوف المرضى أمام باب، لن تجد أى صعوبة فى اقتحامه، وهو ما يتكرر باستمرار من جانب المرضى، وخاصة مصابى الحوادث حسب تأكيدات عماد محمود– نقيب فنيى الأشعة بمحافظة الغربية – الذى يشير إلى أن الفنى هو الذى يقوم بكل إجراءات الأشعة، بداية من تسجيلها حتى تحميضها، وهو ما يزيد الضغط عليه دون وقاية، إضافة إلى عدم حماية العامل الذى يتعامل مع المصابين فى الحوادث من العدوى بأى مرض يحمله المريض.
عماد الذى قضى 26 عاما من عمره أمام أجهزة الأشعة، يؤكد أن تكدس الفنيين فى الغرفة، يدفعهم إلى فتح الباب المطل على غرفة الأشعة أغلب الوقت، ما يساهم فى استنشاقهم للهواء «المؤين» الذى ينطلق من أجهزة الأشعة فى ظل عدم وجود تكييف ينقى الهواء والاكتفاء بمروحة سقف، إضافة إلى عدم تجديد الكشف الدورى على جهاز الفيلم باج الذى من المفترض أن يرتديه الفنى لقياس كم الإشعاع الذى يتعرض له وعند زيادته عن الحد المسموح به يتم التوقف عن العمل.
يتدخل مصطفى برهام فنى بنفس المستشفى فى الحديث قائلا «المستشفى لم يوفر سوى مريلة «مرصصة» واحدة ل18 فنيا، ورغم ذلك لا نستطيع ارتداءها بسبب وزنها الذى يصل إلى 42 كيلو جراما»، لافتا إلى أن المستشفيات الخاصة تستبدل تلك المريلة بإجراءات أخرى للحماية، تتمثل فى أن يعمل الفنى داخل غرفة يغطى جدرانها الرصاص المقوى الذى يمنع تسرب الإشعاع، وزجاج رصاصى وميكروفون يتواصل به مع المريض فى غرفة الإشعاع، مضيفا أن بقية أدوات الوقاية والتى تتمثل فى ارتداء الفنيين خوذة لتغطية الرأس، ونظارة واقية للعين، وخوذة للأذن، وكمامة للأنف فهى غير متوفرة بالمرة.
الدكتور أحمد عبدالحى – مدير مستشفى المنشاوى العام بطنطا – رفض الرد على أى تساؤلات ل «اليوم السابع» بشأن وضع معمل الأشعة بالمستشفى، وشكاوى الفنيين متحججا بضرورة الحصول على موافقة وزارة الصحة، ونافيا المخالفات التى تحدث عنها الفنيون موضحا أنهم يعملون وفق الإمكانيات التى توفرها «الصحة»، ما يردده الفنيون يثير التساؤلات حول كيفية حصول معظم المستشفيات على تراخيصها من وزارة الصحة، فيما يتعلق بوحدات الأشعة العادية ومن هيئة الطاقة الذرية المختصة، فيما يتعلق بوحدات الأشعة العلاجية، التى تستخدم جهازى «الكوبالت – المعجل الخطى»، وفقا للقانون الذى يشترط توافر كل المواصفات، وفى مقدمتها وجود خبير وقاية للإشراف على كل وحدة ويكون مسؤولا عن التأكد من صحتها ويقوم بالتفتيش الدورى عليها كل 3 أشهر.
الواقع على الأرض يختلف عما هو موجود بشكل نظرى، فالخبير – كما يقول مصطفى برهام – لا يأتى إلى المستشفى إلا مرة واحدة لإعطاء الترخيص فقط، وهو ما يفسر تعطل جهاز التحميض فى وحدة الأشعة باستمرار، مما يضطر الفنيين إلى استخدام الأحماض بأيديهم، والأخطر فى استخدام الأحماض هو اضطرار الفنيين لغليها، لانتهاء مدة صلاحيتها بصورة تصبح معها غير قادرة على إظهار أفلام الأشعة، ما يجعلهم يستنشقون أبخرة فاسدة.
من داخل غرفة التحميض، تشير ناهد محمود طالبة متدربة بقسم الأشعة إلى أن وسيلة تأمينها من الإشعاعات، عبارة عن قفاز متهالك لونه أصفر، مائل إلى السواد بسبب اتساخه بالأتربة، وتهتكه من الأحماض.. أغلقت ناهد أضواء الغرفة ثم وضعت الفيلم على جهاز التحميض، إلا أنها قامت بفصله ثم أوصلته بالكهرباء مرة أخرى، والسبب حسب كلامها «إن الجهاز بيتعطل، ولو معملناش كدة بنضطر نستكمل الفيلم على إيدينا أو يبوظ الفيلم خالص».
تدخل محمد نبيل، متدرب أيضا الذى تواجد فى الغرفة قائلا «أنا بقالى شهر واحد هنا، ولم أستطع الحفاظ على يدى، لو لم أشتر كريمات غالية السعر لأدهنها يوميا» مضيفًا: «عدم استخدام هذه الكريمات كان سيؤدى إلى تصلب الجلد، فيبدو كأنه محروق، وإذا ترك كذلك قد يتطور الأمر ويتسبب فى قرحة».
الفنيون داخل المستشفيات الحكومية، يتحدثون عن أن المريض فى العادة يتم حقنه بمادة «التكنيشوم» فيصبح نفسه مشعا، ومن المفترض أن يعزل تماما عن أسرته داخل غرفة بعيدة عن بقية المرضى بالمستشفى، وهو الأمر الذى لا يحدث فى المستشفيات الحكومية، فيصبح الفنى أول المتعاملين معه، كما يتنقل بحرية ويستخدم المريض دورات المياه العادية لعدم تجهيزها بدورات خاصة، بنظام صرف صحى معين، حتى لا يصل إلى مياه الصرف العادى، مما يؤدى إلى تسرب الإشعاع لجميع المتعاملين معه، وتنقل مادة «التكنيشوم» إلى المستشفيات بكل أنحاء الجمهورية من مركز النظائر المشعة الإقليمى بالدقى، وهى مادة شديدة الخطورة كما يقول دكتور مدحت شعبان – إخصائى أول فيزياء وخبير الوقاية من الإشعاع بهيئة الطاقة الذرية – موضحا ضرورة نقل هذه فى سيارات خاصة مغلقة ومرصصة وبعيدة عن السائق والفنى حتى لا يتأثرا بالإشعاع الذى يصدر منها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.