نتفق جميعاً أن الوطن أغلى ما نملك وواجبنا نحوه أن نبذل الغالى والنفيس لأجله، وكيف لا وقد ولدنا على أرضه وأكلنا من خيره وكان مرتع طفولتنا ومدرج صبانا ومدارسه منبع ثقافتنا ومنشأ علمنا ودروبه موطن ذكرياتنا وحلقت آمالنا فى سمائه الرحبة. وأظن نفسى من السعداء المحظوظين الذين وهبهم الله وطنين وليس وطن واحد، فلقد قضيت جزء من طفولتى فى وطنى الغالى مصر لأنتقل بعدها إلى بلد عربى حبيب أعشقه، وهو كويتنا الحبيبة إلى قلبى، فلقد عشت أحلى أيامى بها وتعلمت بمدارسها وتأثرت بها، وأكلت من خيرها، ولم أشعر يوماً أننى غريبة بها أو عنها فلها حضن دافئ يحتضن كل من يقيم بها، أعشق دروبها وعبق أماكنها ويطربنى تلك اللهجة المحببة إلى أذنى التى يتحدث بها أهلها الطيبين. والحق أن نشأتى بها أكسبتنى شخصية مختلفة فيها النزعة القومية قوية فالكويت مكان جاذب وحاضن لكل الجنسيات العربية والغير عربية، فكانت صديقاتى وجاراتى وزميلات. الدراسة من كل الجنسيات العربية ولى معهم جميعاً ذكريات رائعة لا تُنسى كما إن بعض مدرساتى كنا غير عرب مما خلق بداخلى حب للإنسانية تبعاً للأخلاق والقيم ليس إلا. لا زلت أذكر كيف كنت أردد بحب شديد النشيد الوطنى فى الطابور المدرسى، "وطنى الكويت سلمت للمجد". وعندما أتحدث اليوم عن عشقى لهذه البلد لشعورى أنى مدينة لها بالكثير، فلقد غبت عنها سنوات طوال وواتتنى الفرصة للعودة إليها وجدتها كما هى الحضن الدافئ الآمن، وعلمت أن ارتباطى بها وشوقى الدائم لها لم يكن وهما طفوليا، بل حبها يجرى منى مجرى الدم فى الشرايين، راسخ فى نفسى، وجزء أصيل من كيانى وتكوينى النفسى والعلمى والثقافى، فحتى مفرداتى اللغوية اكتسبتها منها وهى موطن الثقافة والإشعاع الفكرى. أدعو الله وأبتهل إليه أن يحفظ موطنى الأصلى أرض الكنانة مصر والكويت الحبيبة وطنى الثانى وكل بلداننا العربية والإسلامية.