حصاد الأسبوع    أرقام مصرية قياسية فى الغذاء والدواء والطاقة    محافظ المنيا يتفقد محطة مياه "على باشا حلمى" وتوسعات "مطاى" لخدمة 150 ألف نسمة    تعويض إضافى 50% لعملاء الإنترنت الثابت.. وخصم 30% من الفاتورة الشهرية    بعد تحذيرات الترويكا الآوروبية…إيران تستعد لحرب جديدة مع الصهاينة والأمريكان    احتجاجات غاضبة بالسويد ضد جرائم إسرائيل في غزة    بديلًا ل وسام أبوعلي.. الأهلي يتحرك للتعاقد مع يزن النعيمات (خاص)    الأهلي يخوض مرانه فى ثاني أيامه بمعسكر تونس استعدادا للدوري المصري    إخلاء سبيل المتهم بالتعدى على "طفل العسلية" فى المحلة بكفالة 500 جنيه    ضبط سيارة نقل منتهية التراخيص صدمت ملاكي بالشرقية    إشادة جماهيرية واسعة بإذاعة قناة "الحياة" لحفل أنغام فى العلمين.. فيديو    محمد رمضان يطرح أحدث أعماله الغنائية بعنوان «من ضهر راجل» (فيديو)    حسن سلامة: العلاقة بين مصر والسعودية أقوى من محاولات الفتنة والتاريخ يشهد    وزارة الصحة: «100 يوم صحة» قدمت 5.47 مليون خدمة طبية مجانية خلال 4 أيام    جهاز المحاسبة الألماني يحذر من عجز محتمل في صندوق المناخ والتحول التابع للحكومة    «أمن قنا» يكشف ملابسات العثور على «رضيع» في مقابر أبوتشت    فيلم مصري يقفز بايراداته إلى 137.6 مليون جنيه.. من أبطاله ؟    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت 5.47 مليون خدمة طبية مجانية خلال 4 أيام    وزير الإسكان يوجه بالمتابعة الدورية لصيانة المسطحات الخضراء في «الشيخ زايد»    إزالة 38 حالة تعدٍّ على الأراضي أملاك الدولة بالجيزة    رئيسا جامعتي الأزهر وكفر الشيخ يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون العلمي وخدمة الطلاب    "الوطنية للانتخابات" تتيح خدمة التعرف على السير الذاتية للمرشحين بانتخابات الشيوخ    تيسير مطر: مصر والسعودية حجرا الزاوية لتحقيق السلام في المنطقة    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    الزناتي: قريبا إعلان منظومة صحية بالكشف المجاني لأصحاب المعاشات    آحلام توجه رسالة ل آمال ماهر قبل إطلاق ألبومها الجديد    فستان جريء ومكشوف.. 5 صور ل نادين نجيم من حفل زفاف ابن ايلي صعب    ليالي المسرح الحر تختتم الدورة ال20 وتعلن نتائج المسابقات    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    وفد الناتو يشيد بجهود مصر في دعم السلم والأمن الأفريقي    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    روسيا: مجموعة بريكس تتجه نحو التعامل بالعملات الوطنية بدلاً من الدولار    يومًا من البحث والألم.. لغز اختفاء جثمان غريق الدقهلية يحيّر الجميع    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    الأهلي يعلن استقالة أمير توفيق من منصبه في شركة الكرة    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    محافظ كفرالشيخ ورئيس جامعة الأزهر يتفقدان القافلة الطبية التنموية الشاملة بقرية سنهور المدينة بدسوق    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    داعية إسلامي يوضح أسرار الصلاة المشيشية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشرة محاذير للمرجعية الدينية
نشر في اليوم السابع يوم 24 - 06 - 2011

بينما تعيش تسعة أعشار شعوب الأرض فى ظل مفهوم الدولة المدنية الحديثة، الذى أثبت قدرته، خلال القرون الثلاثة الماضية، على خلق الإنسان الحر وتنمية المجتمعات، وكان الأجدر بنا، ونحن نبنى دولتنا الجديدة، أن نختصر الطريق، ونقتفى آثار أقرب النماذج إلينا من الغرب أو الشرق، يصر نفر من أبناء الوطن على إضاعة المزيد من وقت شعبنا، من خلال جرنا إلى مغامرة أيديولوجية تجعل من الدين المرجعية العليا لدولتنا المدنية.
ولكى نساعد المواطن المصرى البسيط الذى تبتز مشاعره الدينية بأسوأ صورة هذا الأيام على إدراك مخاطر هذه المغامرة، نضع بين يديه عشرة محاذير يجب أن تمنع أى دولة من اتخاذ الدين مرجعية لها، بل تجعل من اتخاذ الدين مرجعية خطرا على الأمن القومى، وهى فى حد ذاتها أسباب فشل كافة التجارب الدينية السابقة:
أولاً: التناقض المعرفى الظاهر فى تعبير "دولة المدنية ذات مرجعية دينية"، حيث إن الدولة المدنية تقوم على اعتبار الأمة هى مصدر السلطات، بينما المرجعية الدينية تعنى أن الله هو مصدر السلطات، هذا الخلل المعرفى سيتبعه بكل تأكيد خلل هيكلى فى بنيان الدولة وآليات اتخاذ القرارات وصراع مستمر بين مؤسسات الدولة ومفسرى النصوص الدينية.
ثانياً: لا يوجد نموذج واحد لدولة ذات مرجعية دينية أثبت نجاحه فى العصر الحديث، بل على العكس، كل هذه التجارب والمغامرات أثبتت فشلا ذريعاً وقادت دولا إلى الفشل والحروب الأهلية، كما رأينا فى باكستان والسودان والعراق والصومال وأفغانستان، ونكاد نضم للقائمة دولا كالسعودية وإيران، لولا أن الموارد البترولية الهائلة تطيل من عمر أنظمتها البالية، ولقد فشلت هذه التجارب ولم تفتح لها خزائن السماء، على الرغم من أنها منذ قيامها قد اجتذبت آلافا من مشايخ وعلماء الدين الذين باركوها، ودعوا لها، وشاركوا فى صياغة نظمها وقوانينها! فما الذى يجعل هؤلاء يتصورون نجاح هذه التجربة الفاشلة فى مصر؟ بينما فى المقابل نجد عشرات الأمثلة من النجاحات للدول المدنية الحقيقية فى أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا والصين وماليزيا وإندونيسيا وتركيا والهند وغيرها.
ثالثا: حيث إن الإسلام قد حرر البشر من سيطرة الكهنوت فلم يعد فى الإسلام كهنوت يحدد لنا الدين الصحيح لكى نتخذه مرجعية مثل المسيحية أو اليهودية، وعلى هذا فقد أصبح لدينا أكثر من إسلام يصل الأمر بينهم فى جميع المسائل إلى حد التناقض والتكفير المتبادل، فلا يوجد ما يسمى إجماعا، لدينا إسلام الأزهر وإسلام الصوفية وإسلام الوهابية (السلفيون) وإسلام تنظيم القاعدة وغيرهم، وكلهم يدعى الوسطية واتباع الدين الحق، فأى منهم سيكون مصدرا للمرجعية؟
رابعاً: إن جعل الدين مرجعية للمجتمع يفتح بابا لا يقتصر الدخول منه على العلماء الأخيار فقط، بل سيدخل منه أيضا كل من يرتدى عباءة الدين من فقهاء السلاطين والدجالون ومفسرو الأحلام والمعالجون بالقرآن وأصحاب الكرامات، وتغرق البلاد فى بحر الخرافة.
خامساً: المرجعية الدينية ستسبغ نوعا من القداسة على الأحكام والقوانين، فيكون انتقادها أو محاولة تطويرها شاقا وعسيرا، لأنه سيتطلب نصاً يتفوق فى ثبوته وقطعية دلالته على النص الأول، وهنا يكون الجمود والركود والموت البطىء.
سادساً: إن معارضة المرجعية الدينية تؤدى لاتهام المعارضين فى دينهم مما سيؤدى لإحجام الكثيرين عن المعارضة، فيسود الاستبداد.
سابعاً: إن كل مسألة فى الدين فيها عدة أقوال تصل إلى سبعة عشر قول، وكل شيخ جماعة أو مذهب سيريد أن يرى رأيه محل اعتبار وإلا اضمحل المذهب، وانفض الناس عن شيخه، لهذا سنرى التناحر المذهبى يتصاعد وينذر بأوخم العواقب.
ثامناً: المرجعية الدينية تستند إلى لغة قديمة فضفاضة، تختلف عن اللغة المدنية الحديثة ذات الاصطلاحات المحددة، وهذا سيوقعنا دائما فى محظور تعدد التفاسير والترجمات للفظ أو النص، مما سيعطل الأداء الحكومى، ويبطئ الفصل فى المنازعات.
تاسعاً: هناك مدرستان فى الفقه، الأولى أيديولوجية سلفية تقدم النص على المصلحة، والثانية عقلانية حداثية تقدم المصلحة على النص، ولكل مدرسة مرجعيتها الشرعية، مما سيجعل البلاد دائما فى حالة دائمة من الغليان والتشكيك فى ما يصدر من قوانين، فلا ينعم الوطن بالاستقرار أو الهدوء اللازمين للبناء والتنمية.
عاشراً: الخلط الدائم بين تطبيق مبادئ الشريعة المطلقة والثابتة وبين تطبيق أحكامها من عقوبات بدنية وجزية وغيرها (رغم أن الأحكام الواردة فى النصوص المقدسة ليست مطلقة أو ثابتة، بل متغيرة، وأوقف الصحابة العمل بكثير منها لتغير ظروف المجتمع أو انقضاء الحاجة إليها) من شأنه فتح باب المزايدة أمام المعارضة من داخل التيار الدينى نفسه قبل غيرهم، ويؤدى إلى فزع دائم فى أوساط المسلمين غير المسيسين والمسيحيين ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية، فينعدم السلام الاجتماعى الضرورى لضمان مشاركة جميع المصريين فى التنمية.
هذه هى أهم الموانع، فهل يكون الحل فى إقصاء الدين؟ بالطبع لا، فالدين كامن فى نفوس المصريين منذ آلاف السنين، ولكنه الدين الحق، الذى تقوم به الأسرة والمؤسسات الدينية والدعوية والطرق الصوفية لتهذيب النفوس وإعداد الفرد لتحمل مسئولية أسرته ومجتمعه على أساس مبادئ شريعتنا، أما أن تتحول المؤسسات الدعوية إلى سلطة حاكمة وتقوم بتطبيق الأحكام القديمة المتقادمة، فتلك هى الطامة الكبرى.. الدولة المدنية هى الحل.
* باحث فى الإسلام السياسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.