وزير التعليم : الانتهاء من الفترة المسائية العام الدراسى المقبل    الزراعة: إنتاج أكثر من 2574 طن مسحوق مخلفات حيوانية خلال يونيو    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال يمارس تجويعًا ممنهجًا.. ومجزرة زكيم تفضح جرائمه    «مطروح للنقاش» يسلط الضوء على العلاقات المصرية السعودية    تدخل أموريم يفاجئ أرسنال.. مانشستر يونايتد ينقض على جيوكيريس بعرض أكبر    شرط يوفنتوس لبيع تيموثي وياه إلى مارسليا    وزير التعليم يوجه المديريات بالتنسيق مع المحافظين ورؤساء الأحياء لرفع الاشغالات والمخلفات المحيطة بالمدارس    خبير مكافحة الإرهاب: الأمن يرصد بدقة محاولات إحياء الإرهاب العابر للحدود    مخرج «أوسكار عودة الماموث»: الفيلم سيعرض قريباً وسيطرح عالميًا    قصور الثقافة تطلق مهرجان "صيف بلدنا" بالإسكندرية في موسمه الخامس    الملحن والموزع سام محمد يكشف ل "الفجر الفني" كواليس أغنية "مستني إيه" وسر نجاحها السريع (حوار)    «أُفُق».. هشام خرما يطرح بوستر أحدث ألبوماته    مفاوضات الدوحة محلك سر ..حماس تكشف أكاذيب المجرم نتنياهو والإرهابى ترامب    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    ليفربول يكتسح ستوك بخماسية خلف أبواب مغلقة.. واستبعاد لويس دياز    نجم ريال مدريد يحذر الإدارة من رحيل فينسيوس جونيور ورودريجو    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    محمد حمدي: الإصابات منعتني من إظهار قدراتي مع الزمالك    نقيب أطباء مصر يتفقد أرض النقابة وموقع النادي بمدينة قنا الجديدة    رئيس مجلس الدولة يستقبل رئيس هيئة قضايا الدولة لتقديم التهنئة    "نزلن للاستحمام فلم يعد أحد منهن".. ما الذي حدث في مزرعة وادي النطرون؟    رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة يتفقد مشروعات الإسكان وتطوير الطرق    طريقه التسجيل والأوراق المطلوبة في معاش ربة المنزل الجديد    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    بعد قليل.. انطلاق مؤتمر حزب الوعي لتقديم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    الهند: عرض مخطوط نادر لنسخة من المصحف الشريف بمتحف القرآن الكريم بالمدينة المنورة    «حلالين المشاكل».. 3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي ليس كيانًا منفصلًا بل امتداد للعقل الإنساني (صور)    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    إنقاذ حياة رضيع ابتلع دبوسًا معدنيًا بمستشفى أطفال بنها    تقديم 40476 خدمة طبية وعلاجية بحملة في الإسماعيلية    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    "رجع بظهره".. قطار يتخطى محطة بالخطأ في المنيا    لوسيد تطلق سيارتها Air Grand Touring الجديدة ب5.4 مليون جنيه.. صور    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    وزير الصحة يترأس اجتماع "التأمين الصحي" لتفعيل إدارة الجودة وسلامة المرضى    مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء يعاني من التهاب في الأمعاء    بلدة تايوانية تشهد أسوأ أضرار جراء الأمطار منذ 50 عاما    حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    بيراميدز يخوض تدريبات صباحية ومسائية فى معسكر تركيا ورفع الحمل البدني    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    مصرع طالب غرقًا أثناء استحمامه بترعة الباسوسية بمدينة القناطر الخيرية    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    زكى القاضى: إسرائيل لا تريد رؤية الفلسطينيين وتسعى لتفنيذ مخطط التهجير    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصرى هرمينا إبراهيم
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 05 - 2011

أتذكر الآن "نصرى هرمينا".. أتذكر سنواتى الأولى فى الصعيد.. أتذكر "نصرى"، الذى كان يأتى إلى الحقل ويلقى علينا السلام، وينزل من فوق حماره "المطيع"، بدون مقدمات ولا دعوة مباشرة، يجلس على "الطعام".. والطعام ليس مغرياً نهائياً.. "جبنة قديمة".. وتضع بين قوسين كلمة "مش".. وبصل.. ولو ربنا يومها "رايد" ب"لقمة حلوة" تجد "بيض مسلوق" يجاور سابقه.. المياه يومها كانت من النيل مباشرة.. "حقلنا" كان ولا يزال على بعد 150 متراً من مجرى النهر.. وتتجه إليه ب"إناء" وتعود ب"مياه نقية".. ولا أعرف ما شأنها الآن.. فأتحدث عن 25 سنة مضت.. وبعدها يأتى كوب الشاى المصنوع على الفحم أو على بقايا زراعة محاصيل مثل السمسم أو الذرة أو "جريدة النخيل".. يأتى الشاى ليعيد رأسك إلى طبيعتها الأولى التى تحولها حرارة الشمس إلى "ملعب كرة قدم به عبث".
"نصرى" لم يكن وحده هو الذى يهبط ويشاركنا "الجبنة والمش والبيض والبصل ومياه النيل وكوب الشاى".. كان شقيقه أو توأمه "لمعى".. كنا نشاهدهم من على بعد مسافات طويلة.. كان النظر قوياً وكانت المنطقة أيامها خالية من المبانى.. وهما فردان من عائلة واحدة تعيش فى قريتنا.. وقريتنا تحتضن قرابة 90 ألف نسمة الآن.. فى شمال محافظة سوهاج واسمها "شطورة" ولا تسألنى عن الاسم.. وربما أخذنا كثيراً من الاسم.. فنسبة التعليم بها تتجاوز 95% من سكانها الذى أصبح التعليم هو هدفهم الأول والأخير.. ويفتخرون به وسط قرى الصعيد وتأتى القرية فى المرتبة الثانية بعد قرية بنى عدى فى أسيوط من حيث عدد أساتذة الجامعات.
أتذكر الآن أنه عندما كان يظهر "نصرى" نجد أبى _ رحمه الله_ يقول لنا: "خده جنبك.. خده جنبك" وقبل أن يهبط الرجل من فوق دابته تجد اليمين: "والله يا نصرى لتنزل".. وربما لا ينتظر نصرى هذا القسم وينزل.. سنوات طويلة على هذا الحال.. هذا نصرى هرمينا.. وهذا قريبه وزميلى سامى وليم ميخائيل الذى كان يجوارنى مقعد واحد فى الإعدادية وصار الآن طبيباً معروفاً فى القاهرة.. وهذا رشدى هرمينا.. وهذه صيدلية الدكتور فوزى هرمينا.. وهذا "حليم".. وكان لحليم قصة أخرى.. فكان "تاجراً متجولاً" ل"الملابس".. وكان جاوز ال75 عاماً.. ويتحدث بهدوء وبطء.. ونشترى منه بضاعتنا ويشترى منه المئات.. ويدفع البعض الآن أو بعد شهور "حسب التساهيل".. ونظراً ل"الالتصاق" الشديد بين حليم وبين جار وقريب لنا.. كنا وإحنا عيال.. نقول ل"جارنا" يا حسين حليم".. وكان حسين يكبرنا بسنوات ويضحك ويهرول خلفنا ونقول له: "يا عم أنت بتصدق.. دا الراجل مش قادر يكح وخلصان".. ونضحك ويضحك.. ونبكى جميعاً عندما نعلم بعد سنوات أن "حليم" مات.. ويظهر ابنه فى "الكادر"، ونقول: "ابن عم حليم" جه يلم فلوس أبوه.
أتذكر الآن "عبد الله".. شاب كان يرتدى جلباباً أبيض وبنطالاً ويطلق لحيته.. ونسأل من عبد الله.. ويأتى الرد.. ده واحد كان مسيحى وأسلم.. وعايش فى البلد فى منزل بسيط.. وهو من قرية قريبة من بلدتنا.. ولم يسأله أحد: "من أنت ولماذا جئت.. ولم تفاجئنا عائلته ببلاغ أو وقفة احتجاجية، أو هجوم على القرية".
أتذكر الآن أهلنا فى "الجنوب".. أتذكر "أيامنا الحلوة" هناك.. لم ولن أنسى زميليى التوأم "صفوت وكمال فرهود" وهما فى قرية مجاورة لنا "عرب بخواج" وغالبيتها مسيحيون.. لم يحدث بين قريتينا مشاجرة أو "وصلة سب".. أو هجوم ولا هجوم معاكس.. نستقبلهم حين ينزلون سوق قريتنا يوم السبت ويغادرون فى هدوء.
أتذكر الآن عن الدكتور على الخطيب وهو يحكى لنا عن "ميخائيل" الذى كان يأتى إلى المسجد وقت صلاة المغرب.. "لا ليصلى" ولكن ليدخل حمام المسجد.. يقضى حاجته، ويقول لهم: السلام عليكم، ويردون عليه: وعليكم السلام يا ميخائيل.. أتذكر الآن وأبكى على "الأيام الحلوة".. وأبكى ويبكى قلبى عندما أمر من عند مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأجد اعتصاماً مفتوحاً للأقباط.. أبكى عندما أتابع وقفة أو تجمهراً عند كنيسة العذراء فى عين شمس.. أو انتقل إلى إمبابة لأتابع "حرب أهلية" بين مسلمين ومسيحيين بسبب "لا مؤاخذة عبير".. التى أسلمت وقالت ب"عضمة لسانها" فى برنامج "بلدنا بالمصرى" ل"ريم ماجد": "قالوا لى عايزة تخلصى من جوزك لازم تسلمى وأنا قلت أسلم".. قالتها ب"لهجتها الصعيدية" القريبة من لهجتنا.. وضحكت.. ضحكت ضحكاً كالبكاء.. وأنا أقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله".. الله ربى.. ورب نصرى.. نصرى هرمينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.