سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير"صندوق النقد الدولى" عن مصر بعد الثورة: نظام مبارك تسبب فى زيادة البطالة وارتفاع الأسعار.. وتوقعات بتراجع النمو إلى 1% وزيادة عجز الموازنة.. وعودة الاستثمار الأجنبى مرهون بالاستقرار السياسى
فى أول تقرير له بعد الثورة حول الاقتصاد المصرى، أكد صندوق النقد الدولى أن استمرار ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وتأثيرات ثورة 25 يناير تمثل تحديات كبيرة أمام الاقتصاد المصرى، إلا أن إعادة تخطيط أجندة مصر ستمكنها من استعادة قوة اقتصادها مرة أخرى. وأشار الصندوق إلى أنه رغم قوة القاعدة الاقتصادية فى مصر قبل الثورة، والمتمثلة فى قوة الاحتياطى النقدى الذى ازداد بسرعة فى 2010، وقوة النظام المصرفى المصرى، إلا أن معدلات البطالة ظلت مرتفعة حيث بلغت 25% فى السنوات الأخيرة، كما زادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتفاقم الشعور بعدم المساواة فى الحصول على الفرص الاقتصادية، خاصة فى العقد الأخير. وأضاف التقرير أنه من مساوئ النظام السابق أيضا تفاقم حجم الدين الحكومى، والعجز المالى، كما استمرت معدلات التضخم فى ارتفاع متجاوزة حاجز ال 10%، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما كان له أكبر الأثر على الفقراء. ويشير التقرير إلى أنه فى أعقاب ثورة 25 يناير التى أدت لاستقالة الرئيس السابق مبارك من منصبه وتولى القيادة العسكرية مقاليد الحكم، تعرض الاقتصاد المصرى لضربة قوية، حيث انهارت السياحة التى تمثل 11% من الناتج المحلى الإجمالي، كما اهتزت ثقة المستثمرين والمستهلكين على حد سواء فى الاقتصاد، وأغلقت البنوك والبورصة. وأوضح التقرير أن المظاهرات والاحتجاجات العمالية الداعية لرفع الأجور، واتجاه وزارة المالية لطرح المزيد من أذون الخزانة لسد عجز الموازنة، واضطرار الحكومة لسحب 13 مليار دولار من الاحتياطى النقدى لمواجهة المطالب المتزايدة، بالإضافة إلى انخفاض سعر صرف الجنيه بنسبة 2%، مع تدهور الحالة الأمنية بشكل كبير، كل هذا سيؤدى لعدم عودة الاقتصاد لما كان عليه قبل الثورة بشكل أسرع. وفيما يتعلق بحركة تدفقات رأس المال، قال الصندوق إن وتيرة هذه التدفقات لا تزال بطيئة، خاصة فى ظل التدقيق فى التحويلات المتعلقة بالأشخاص قيد التحقيق الجنائى. وأوضح التقرير أن إعادة فتح البنوك أدى لحدوث طوابير طويلة لسحب النقود فى الأسبوع الأول، كما أنه عند إعادة فتح البورصة فى 23 مارس شهدت بداية التداول انخفاضا حادا لأسعار الأسهم فى أول يومين، ثم بدأت البورصة تتعافى تدريجيا، حتى عادت معدلاتها الطبيعية. وتوقع التقرير استمرار زيادة العجز بنسبة 2% عن المتوقع خلال السنوات المالية الحالية، لافتا إلى أن الإنفاق الإضافى على الأجور والمعاشات وصندوق التعويضات، فى ظل ضعف الإيرادات المحصلة وارتفاع أسعار الفائدة على الإقتراض الحكومى، سيضاعف من العجز، إلا إذا قامت الحكومة بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق. وعلى المدى القصير يتوقع صندوق النقد تراجع معدلات النمو الاقتصادى إلى نسبة تتراوح ما بين 1-2% بنهاية العام المالي، نتيجة انكماش الاقتصاد بنسبة 1%، هذا فى الوقت الذى تتوقع فيه الحكومة المصرية أن تسجل معدلات النمو نسبة تتراوح ما بين 2.5 – 3% خلال العام الحالى. وفى المقابل يتوقع الصندوق حدوث انتعاش تدريجى للاقتصاد المصرى خلال العام المالى المقبل، والمتوقع فيه أن تصل معدلات النمو إلى 4% من الناتج المحلى الإجمالى، لكن لا تزال مشكلة التضخم مستمرة مع تزايد التوقعات بارتفاعها، فى ضوء الانخفاض الحاد فى السياحة وتراجع التحويلات الخارجية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما يزيد من عجز الميزان الجارى بنسبة 3.3% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية العام المالى الحالى. وأكد التقرير أن الانتعاش الاقتصادى فى الأشهر المقبلة، يتوقف على عملية التحول السياسى المنظم والناجح لاستعادة الانضباط الأمنى مرة أخرى. ويتوقع الصندوق ارتفاع نسبة البطالة على المدى القصير بسبب الظروف الاقتصادية، خاصة مع عودة المصريين العاملين فى ليبيا بعد الأحداث الأخيرة هناك. أكد التقرير أن ميزان المدفوعات سيظل تحت ضغط فى ظل اتساع العجز فى الحساب الجاري، فى الوقت الذى سيظل فيه الاستثمار الأجنبى متوقفا فى انتظار إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية واستقرار الأوضاع السياسية. وشدد التقرير على أن تحقيق الأهداف الاجتماعية وإقرار العدالة بين المواطنين، الذى تسعى له الحكومة، يتطلب الحفاظ على استقرار الاقتصاد، ومراعاة الحفاظ على العجز المالى فى مستوى يمكن السيطرة عليه، فى ضوء المطالب المتزايدة، لضمان استدامة موقف الدين العام. وأكد الصندوق أن مصر لديها الإمكانيات التى تؤهلها لاستعادة مكانتها الاقتصادية مرة أخري، من قوة الشباب والمكانة الجغرافية المتميزة وكبر حجم السوق، وقال فى خاتمته: "لقد تغير المشهد السياسى بشكل ملحوظ وبرنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى سيكون له دور رئيسى لضمان النجاح للمضى قدما".