هل توافق الكنيسة المصرية على تهديد منظمة أقباط المهجر، بصياغة السيرة المحمدية بصورة كاريكاتورية وهزلية، ونشرها على موقعها الإلكترونى، فى فصل جديد من محاولة هذه المنظمة نزع فتيل الفتنة الطائفية فى مصر؟ أقباط المهجر منحوا شيخ الأزهر مهلة شهراً يضغط خلالها على الدكتور زغلول النجار، ليتراجع عن مواقفه تجاه العقيدة المسيحية، ويقدم اعتذاراً رسمياً بالجريدة القومية التى كتب فيها مقالا، أكد فيه أن المسيح كان بشرا، ولم يكن إلها، كما يعتقد المسيحيون، "وإلا يتم تنفيذ التهديد بنشر الرسوم المسيئة، معتبرين ذلك رد فعل عادل على آراء النجار. واتسم أقباط المهجر بأنهم مثيرون للجدل دائماً بتبنيهم الدفاع عن ملف الأقباط فى مصر ومحاولة تصعيد الملف دولياً، وهو ما دفع الأمن لاتهامهم بمحاولات تشويه سمعة مصر فى الخارج ورسم صور مخالفة للواقع، مستغلين أى حدث لإشعال النار بين القطبين. كانت تصريحات دكتور زغلول النجار أشهر علماء الأزهر التى نشرتها إحدى الصحف القومية - عن الدين المسيحى، قد حملت تأكيداً بأن "المسيح كان بشراً وليس إلها، كما يشيعون، وهو ما يخالف العقيدة المسيحية التى تؤكد أن المسيح ابن الله"، وتحدث زغلول فى مقالاته بنفس الجريدة عن وجود تحريف فى بعض نصوص الإنجيل. وما زاد من هذا غضب أقباط المهجر، نيابة عن أقباط الداخل، أن هذه التصريحات تم نشرها فى جريدة قومية، يعتبرها الجميع لسان حال الدولة ومؤسساتها. وبعد صمت الأزهر عن الرد، انهالت الاتهامات والإدانات حتى وصل الأمر إلى حد التجاوز – كما وصفه رجال الدين الإسلامى، حيث نشرت منظمة أقباط المهجر مقالا على موقعها الرسمى تؤكد فيه أنهم بصدد عمل السيرة المحمدية بصورة هزلية وكاريكاتورية للنيل من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ولذلك كان لابد من محاولة معرفة رأى الكنيسة المصرية، وما إذا كانت تتبنى اتجاه المنظمة المشبوهة، أم أنها ترفض أسلوب التهديد وإشعال النار. المحامى القبطى ممدوح نخلة قال إن هذا التهديد لا جدوى منه، "وحتى لو حدث، فموقع المنظمة ليس له الشهرة التى تؤدى لحدوث أزمة"، لكنه يرفض فكرة الإساءة للأديان بكل صورها حتى ولو كان ردا على بعض التجاوزات. رفض نخلة لهذه التهديدات جاء مبنيا على أسباب وجيهة، أولها أن حقوق الإنسان نصت على عدم ازدراء الأديان مهما كانت الأسباب، وثانيها يتمثل فى الانصياع لأوامر المسيح الذى طالب أبناءه بمقابلة الإساءة بالحسنى. نخلة يرى مثل جميع الأقباط أن زغلول النجار أساء للمسيحية والمسيحيين، ويصف تصريحاته عن عدم ألوهية المسيح وتحريف الإنجيل ب"التدخل السافر" فى نصوص الدين حتى لو كان لديه ألف دليل. ويكمن غضب المسيحيين تجاه تصريحاته، كما يصفها نخلة فى أن زغلول ليس فرداً ممثلاً لذاته، وإنما هو أحد رجال الأزهر المؤسسة الدينية الإسلامية الأولى فى مصر، وبالتالى فرأيه يرجع لفكر هذه المؤسسة. أما نشر هذه الآراء فى صحيفة قومية ومعروف عنها التعبير عن اتجاهات الدولة، يجعل الأمر أكثر تعقيدا فلو كانت صحيفة خاصة كان الأمر وحسبما يؤكد نخلة تعبيرا عن سياسة الجريدة. وأشار نخلة إلى أن كل مواقف المسيحيين تدل على التسامح، بدليل موقف بابا الفاتيكان الذى فتح فيها أبواب الكنيسة لصلاة التراويح للمسلمين، مؤكداً أن هذا لن يحدث إذا تم عكس الوضع. أما رد الكنيسة على هذا التهديد جاء بالرفض الحازم معبرة عن السياسة التى تنتهجها دوما تجنباً للصدام مع أى جهة، فقد أدان الكاهن صليب متى عضو المجلس الملى هذا التهديد، مؤكداً أن سياسة الكنيسة معروفة بالتسامح ولا تقابل الإساءة بالإساءة، قائلاً: "نحن لا نعلم أولادنا ثقافة العين بالعين.. وهذا التهديد لا يعبر عن رأى المسيحيين والكنيسة". الأنبا مرقص رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة، طالب الأزهر بضرورة سرعة الرد على تصريحات زغلول النجار لمنع هذه البلبلة، معتبراً أن تهديد أقباط المهجر خاص بمن نشره، وليس معبرا عن رأى المسيحيين ولا حتى أقباط المهجر فى مصر، قائلاً بحدة "زغلول تجاوز قوى، وأحنا منتظرين رد الأزهر".