موعد إجازة عيد الأضحى في الإمارات    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    برواتب تصل ل350 دينارا أردنيا.. فرص عمل جديدة بالأردن للشباب    وقف إجازات الأطباء البيطريين والعاملين بالمجازر والمختصين بالتفتيش على اللحوم خلال إجازة عيد الأضحى بالجيزة    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    الرئيس السيسي يبحث مع وزير الخارجية الإيراني تعزيز التعاون المشترك    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    مصدر بالأهلي عن التعاقد مع زيزو : وموقفنا سليم .. وقيد اللاعب 6 يونيو "قانونى" طبقاً للوائح    عاجل.. تعرف على أسباب استقالة محمد مصليحي رئيس نادي الاتحاد السكندري من منصبه    محافظ سوهاج:يتفقد سير امتحانات الدبلومات الفنية والشهادة الإعدادية    بعد «أوحش بنت شوفتها».. توضيح من دنيا سامي بشأن تنمر مصطفى غريب عليها    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    إيران تدرس الرد على المقترح الأمريكي بشأن برنامجها النووي    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة بغزة    رئيس وزراء بريطانيا يحذر من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة    الاتصالات: تعاون بين البريد وصندوق دعم الصناعات الريفية لتعزيز الشمول المالى    محافظ المنيا يشارك في حفل تخرج مدارس المزارعين الحقلية التابعة ل«الفاو»    ماركا: روديجر يركز على اللحاق بكأس العالم للأندية.. ويحدد مستقبله لاحقا    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    مصدر من الزمالك ل في الجول: عرض رسمي من الوداد لضم صلاح مصدق    وزير الاستثمار يلتقي مسؤولي شركة آبل العالمية لبحث فرص الاستثمار بالسوق المصري    بعد 15 سنة محاولة.. حاج مصري يصل إلى مكة المكرمة مع زوجته لأداء مناسك الحج    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة وضبط 333 كيلو مخدرات| صور    مراجعة الصيانة.. جهاز المنيا الجديدة يصدر بيانا بشأن منظومة مياه الشرب والصرف    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    إبداعات شعر العامية في منتدى مكتبة الإسكندرية    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    قبل طرحه بالسينمات.. التفاصيل الكاملة لفيلم «في عز الضهر»    وزير الثقافة: افتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج يوليو المقبل    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    الرعاية الصحية: نقل التكنولوجيا الألمانية وتوطينها في منشآتنا لتقديم خدمات ذكية ومستدامة    الحق في الدواء: تعطل إجراء جلسات العلاج الكيماوي لمرضى الأورام بمستشفى هرمل    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    ترتيب الكرة الذهبية بعد فوز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال.. مركز محمد صلاح    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    دعاء للأم المتوفية في العشر الأوائل من ذي الحجة «ردده الآن» ل تضىيء قبرها    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    محافظ القاهرة يتفقد مجزر 15 مايو لمتابعة الاستعدادات لاستقبال الأضاحي    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمقراطية العهد الجديد
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 04 - 2011

منذ نحو أسبوعين وأنا أعصر ذهنى، محاولة الكتابة، غير أننى على كثرة القضايا التى تعج بها البلاد حتى التخمة، أشعر بأن هناك فراغا كبيرا يعتمل فى داخلى، لا لسبب إلا لأن الإحساس بعدم الجدوى هو الغالب على العقل والمنطق والمشاعر.
فإذا تحمست لفكرة وهممت بالكتابة عنها، أجد عشرات المقالات التى تتناولها من زواياها المختلفة منها القَيم ومنها المُسف، غير أن الأخطر من هذا، ذلك الشعور الذى ينتاب النفس فيجعلها تؤثر الانزواء على الانخراط فى قضايا أصبحت مبهمة ومحبطة فى آن.
لكن الأمر الذى شعرت بأنه يحتاج لتسليط الضوء فى أكثر من مقال، هو ما يحدث من خلط واستغلال لمفهوم الديمقراطية، التى أصبحت تمارس بين الناس بطريقة مستفزة، فالمجتمع الذى غيبت الديكتاتورية وعيه سنوات طوالا، أصبح الآن ينتفض على أى شىء وكل شىء واستهوته التجربة فانزلق فى أتونها.
هذه أزمة قنا التى عصفت بالجنوب (الصعيد الجوانى) الذى أهملته الدولة لعقود، فشعر ساكنوه مع الوقت أنهم دولة داخل الدولة، لهم أعرافهم وقوانينهم القبلية الخاصة، التى لاينفع معها ممارسة أى قانون سيادى آخر، وكانت مهزلة قطع خطوط السكك الحديدية المؤدية إلى شريان الحياة فى الصعيد، فأصبحت فى حالة موت إكلينيكى بفعل أهل الصعيد نفسه، والكل يعرف السبب، إذ كيف تجرؤ الحكومة على تعيين محافظ مسيحى للمرة الثانية على التوالى فى محافظة لها هيبتها وتاريخها مثل قنا، وكأن القدر أراد لهذه المحافظة ذات الأغلبية المسلمة أن يحكمها قبطى، واستمر هذا التحجر فى الموقف حتى رضخت الحكومة فى النهاية للمطالب الفئوية، فتم تجميد المحافظ لثلاثة أشهر، نزولا على رغبة المعتصمين!
ثم يأتى دور سائقى الميكروباص، الذين لايختلف على بلطجتهم أحد، وممارساتهم الهمجية وتعاملهم اللامسئول فى الشوارع والميادين، بدءا بقيادة متهورة، إلى مخالفات مرورية جسيمة، إلى شتائم يندى لها الجبين، إلى استغلال الميكروباص فى التهريب وتجارة المخدرات واختطاف الفتيات واغتصابهن.
شعرت هذه الفئة بالتهميش وسط الحراك البلطجى، فرأت أن يكون لها دور فاعل، فقامت بالإضراب وقطع طريق المحور، وعطلت السير لساعات بحجة إسقاط المخالفات المرورية المجحفة والظالمة عنهم، ولم لا.. ؟! فقد أصبح كل شىء مباحا، طالما القانون غائب وهيبة الدولة فى خبر كان.
سائقو الميكروباص هم أكثر شرائح المجتمع التى تحتاج إلى إعادة تأهيل، وهم أكثر الفئات عشوائية، وعدم التزام بالقوانين المرورية التى تعرض حياة المواطنين للخطر، والسؤال.. كيف يمكن للحكومة التعامل مع هذه الفئة؟ وإعادة النظر فى تسيير هذه المركبات التى لاتتوافر فيها شروط الأمان للمواطن الغلبان، الذى لا يملك رفاهية امتلاك سيارة ترحمه من ذل الانتظار لساعات حتى يمٌن عليه أحدهم بالتوقف، فيتوقف فى نهر الطريق ويتلكأ فى السير حسب المزاج، ويعطل وراءه موكبا من السيارات، فما يهمه هو ممارسة مايراه حقا له، دون الالتفات إلى حقوق الآخرين، بل ازدادت غطرستهم فى الآونة الأخيرة، واستيقظت فيهم شهوة الانتقام من ضباط الشرطة، وبدأوا يمارسون سلوكيات استفزازية ضد كل ما هو (شرطى) مصحوبا بألفاظ نابية، والشرطة الممهورة بالعار صامتة لا تستطيع اتخاذ أى موقف!!
ولا ننسى مظاهرات موظفى محافظتى حلوان والسادس من أكتوبر، بعد أن صدر قرار من رئاسة الوزراء بضمهما الى محافظتى القاهرة والجيزة، فقامت الدنيا ولم تقعد، وقطع الموظفون الطريق فى شارع القصر العينى بالأتوبيسات التى أقلتهم إلى مقر مجلس الوزراء، فى تحد سافر للحكومة ودون سماع لصوتها الذى بدأ يخبو تدريجيا مع كل هبة احتجاجية، بل لم يكتفوا بذلك وقاموا بتحطيم سيارات لمواطنين احتجوا على تعطيل السير.
ما يحدثه التيار السلفى من خروقات تتجلى فى محاولاتهم فرض الوصاية على دور العبادة، وسيطرتهم غير القانونية على المساجد الكبرى بوضع اليد، بدعوى أنهم الأحق فى إدارتها.
المظاهرات الفئوية التى تنطلق من حين لآخرأمام ماسبيرو، وتزايدت حدتها، وأصبحت تشكل عبئا قاسيا على المواطنين، وتتسبب فى اختناقات مرورية قاتلة فى أكثر منطقة تكتظ بالبشر لساعات قد تمتد حتى ساعات الفجرالأولى أحيانا، فى انتهاك صارخ لقانون حظر التجول!
كيف يمكن إذن أن نؤمن بثورة جاءت للتغيير، فانحرف مسارها وانشغلت بتغيير كل ما هو خاص وفئوى، حتى لو كان بغير حق، فمن وجهة نظر أصحاب المظالم هو حق مشروع، وعلى الدولة أن تنصاع، وبالتدريج بدأنا نشعر بأن هيبة الدولة تتلاشى ويتقزم دورها.
من قال إن ممارسة الديمقراطية تتم بهذا الشكل؟ وربما وصلنا إلى حقيقة مخجلة مفادها: أن الشعب لم يفهم بعد أسس التحول الديمقراطى الراقى الذى تتعامل به الشعوب المتحضرة عبر الاحتجاجات المشروعة فى قنواتها الرسمية، دون تعطيل لمصالح الناس وقلب حياتهم إلى جحيم يومى، وبالحوار الذى يخضع للحجة والإقناع، لا بالمهاترات والإرهاب.
كان هناك أمل فى أن يتحول السلوك المجتمعى فى إطاره الشمولى إلى سلوك راق متحضر، غير أن الواقع يثبت العكس، فالجميع أعتقد أن الثورة ستكون الملاذ والملجأ الآمن، وبدلا من ذلك بدأنا نسمع عبارة واحدة تتردد على كل لسان.. "نحن فى عهد الثورة" "اللى كان بيحصل زمان انتهى"، ولا أدرى لماذا هذا الخلط، فهل البلطجة والتشبيح فى الشوارع، وقطع الطرق، والسيطرة على المساجد بالقوة تحت مسميات وذرائع عديدة، هى مسَوغات أخذ الحق والتعبير عن الذات؟ أم أن هناك أخلاقيات لايختلف عليها اثنان هى الفيصل فى شأن "كان زمان".. أو "لم يكن".
هل تعنى الديمقراطية تعطيل المصالح العامة والاشتباكات الفئوية؟ هل الديمقراطية أن نمارس كل ما نراه حقا وإن كان باطلا؟ وهل يعنى قطف ثمار الثورة هوحالة الاستعداء والتجرؤ عليها، حتى أصبح التشكيك فى صدقيتها ونبل أهدافها، هو الهاجس الذى بدأ يتسلل إلى نفس كل من راهن عليها؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.