فى مسلسل "كلمة حق" تلعب النجمة القديرة ميرفت أمين شخصية "جرسونة" فى أحد الكافيهات الأنيقة، ورغم أن هذه المهنة لا تشكل خطاً أساسياً فى البناء الدرامى للعمل ككل، إلا أن المشاهدين يعرفون أن الجرسونات فى كافيهات مصر الجديدة ومدينة نصر والزمالك والمهندسين، فضلاً عن عواصمالمحافظات، هن "بنات" فى العشرين أو الثلاثين على حد أقصى! أما أن تأتى ممثلة رآها الجمهور منذ ما يقرب من 40 عاماً فى أول بطولة مطلقة وتقوم الآن وهى فى هذه المرحلة من العمر بدور "بنت" جرسونة، فتبدو فكرة غير مفهومة أو على الأقل فى حاجة إلى شىء من المراجعة. ميرفت أمين تملك رصيداً استثنائياً فى وجدان الملايين من مختلف الأجيال، وظلت لسنوات طويلة أيقونة الأنوثة وفتاة الأحلام للكبار والصغار معاً، ربما تفتقد للموهبة الوحشية كما تجلت عند سعاد حسنى على سبيل المثال، وربما كان مشوارها يخلو من أدوار التحدى والمغامرة على نحو ما فعلت نبيلة عبيد مثلاً، لكن تظل ميرفت نجمة من طراز خاص وتحظى لدى الجمهور بالمصداقية والحب والتقدير، ومن هنا كان لزاماً عليها أن تنأى بنفسها عن التورط فى أدوار أو مهن تفتقد للمبرر الدرامى، ولا تؤثر فى سير الأحداث، والهدف الوحيد منها التأكيد على أن النجمة "الكبيرة" لا تزال "صغيرة" السن. وفى نفس المسلسل يقوم عمرو محمود ياسين، وهو بالمناسبة رجل ناضج فى الأربعين، بدور شاب "روش طحن" اسم الله عليه – يادوبك – فى الجامعة، أى أنه – ما شاء الله – لم يتجاوز الحادية والعشرين من العمر على حد أقصى! ونحن لا اعتراض لدينا أن تتم مجاملة "أنجال" كبار النجوم وتسكينهم فى أدوار ذات مساحة كبيرة، لكن أن يكون الدور معناه استغفال الجمهور فى عشرين سنة على الأقل ... والنبى ده حرام. إنها نكتة ولكنها للأسف قديمة وتعكس تقليداً مصرياً راسخاً، عنوانه "الاستهبال" و"مشى حالك"! لكن الحق يقال هذه النكتة سمعناها قبل كده بشكل أفضل فى مسلسل آخر هو "دموع فى حضن الجبل"، فالنجمة التلفزيونية نرمين الفقى لم تتردد وقبلت - بشجاعة تفوق شجاعة ريتشارد قلب الأسد أن تقوم بدور طالبة جامعية دلوعة وتذوب فى خجل العذارى كلما التقت عيناها الناعستان بعين زميل لها فى الدفعة! والمدهش أن فكرة الطالبة الجامعية لا تأتى عرضاً، بل هى جزء لا يتجزأ من نسيج الأحداث، كما أن مشاهد نرمين وهى فى حرم الجامعة وداخل المكتبة تحمل المسطرة المميزة لطلبة كلية الهندسة تكررت كثيراً "عمال على بطال"! وتكتمل النكتة حين نجد الأستاذ الوقور والفنان المخضرم أحمد عبد العزيز يقوم بدور زميلها فى الجامعة، وطبعاً يقع فى غرامها من أول مشهد، فهل من المعقول أن الأستاذ أحمد لا يزال طالباً منذ مسلسل "المال والبنون"، ولم يتخرج بعد رغم مرور عشرين سنة، أم أن صناع هذه النوعية من الأدوار يرفعون شعار "............."!