أخيرا عادت دار الخدمات النقابية إلى الحياة، بحكم قضائى أولا، ثم بإشهار وزارة التضامن الاجتماعى ثانيا، ثم بحفل فى نقابة الصحفيين حضره كل من وزيرة العمال ووزير التضامن الاجتماعى، وكلاهما كان لهما الدور المباشر فى إغلاق الدار فى مايو 2007. بدأ مسلسل التحرش بالدار عندما أغلقت الحكومة فرعين لها، وهى منظمة غير حكومية تٌعنى بقضايا العمال وتتخذ من حلوان مقرا رئيسيا لها: الأول فى نجع حمادى فى 29 مارس الماضى، والثانى بعد أقل من أسبوع فى المحلة الكبرى. وبين هذين الحدثين تفجرت أزمة هذه المنظمة غير الحكومية إلى حد أن أصبحت موضوعا لتضامن المنظمات الحقوقية، محليا ودوليا. المعروف أن دار الخدمات النقابية والعمالية- التى يرأسها كمال عباس- نشأت شركة مدنية عام 1990، وحاولت فى الأعوام الماضية الحصول على ترخيص بجمعية أهلية من وزارة الشئون الاجتماعية (التضامن الاجتماعى حاليا)، إلا أنها فشلت بدعوى مخالفة أغراض المنظمة لقانون الجمعيات رقم (84) لسنة 2002، والذى يحظر على الجمعيات المشاركة فى الأنشطة السياسية والنقابية. لم يكن إغلاق فرعى دار الخدمات النقابية فى الوجهين البحرى والقبلى مفاجئا، والمتابع للأحداث لاحظ نشاطا ملحوظا للدار فى الانتخابات النقابية العمالية، ثم فى الإضرابات العمالية المتوالية فى تلك الفترة. ومنذ ذلك الحين والعلاقة متوترة بين الدار من ناحية وبين وزيرة القوى العاملة عائشة عبدالهادى، وحسين مجاور رئيس اتحاد نقابات عمال مصر من ناحية أخرى، إلى حد إقدام الوزيرة على انتقاد نشاط الدار صراحة فى اجتماع لجنة الطاقة والإنتاج بمجلس الشورى، وكذلك فى وسائل الإعلام. المشكلة ليست فى منظمة غير حكومية محدودة القدرات، ولكن فى عدم تلبية مطالب العمال. وهو ما اتضح بالفعل، فلم يترتب على إغلاق الدار لأكثر من عام سوى إدانة دولية مكثفة للحكومة المصرية، دون أن يؤثر ذلك على مسار الاحتجاجات العمالية، التى استمرت، وتضخمت، ليس لسبب سوى أنها تتعلق برغيف العيش، وشروط الحياة فى مجتمع انفلتت فيه الأسعار بلا ضابط أو رادع. وقد هالنى أن تقف وزيرة القوى العاملة فى حفل افتتاح الدار منذ أيام تنفى أية صلة لها بإغلاقها ناسية أو متناسية أنها حرضت صراحة على الدار فى تصريحات صحفية، وأحاديث علنية فى مجلس الشورى.