خريطة الأسوانيين فى رمضان متشعبة ومتنوعة، تبدأ من عم محمد بياع الفول والبليلة الذى تعرف من خلال دقات أجراس عربته، طلوع هلال الشهر الكريم، وبعد أن يشترى شباب الأسرة ما يريدونه من عم محمد، ينادى كل منهما على الآخر، منظمين دورة للعب كرة القدم قبل السحور. لكن انتظر وتمهل .. اللعب يقف قبل الساعة ال3.30 صباحاً، حتى يستطيع كل شخص أن يتناول طعام سحوره، على موعد للقاء آخر عند صلاة الفجر، ليقرأوا ما تيسر من آيات القرآن وليتجاذبوا مختلف أطراف الحديث، بعدها يتجه كل إلى عمله ليتجمعوا مرة ثانية عند أذان العصر، وبعدها يتكرر نفس السيناريو الرمضانى، قراءة القرآن واستكمال دورة كرة القدم، حتى يكون مدفع الإفطار وأذان المغرب هما صافرة نهاية المباراة. المرة الثالثة لتجمع الأسوانيين فى أذان المغرب، وهنا تتغير الخريطة كالآتى: كل بيت يخرج ما استطاع إليه سبيله من المشروبات التى على رأسها مشروب "العربيد" المشروب الأسوانى الأول، والذى يتكون من "فتات الرقاق"، مضافاً إليه عصير الليمون والخل وقليل من السكر، أما المأكولات فلابد وأن تحتوى على الخضار الذى يكون بالأساس ملوخية وبطاطس أو كوسة إلى جانب اللحمة أو الفراخ التى يساهم بها فى إفطار الفقراء وعابرى السبيل، ويتجمع كل ذلك فى الجامع الكبير لكل منطقة، فيتناول الجميع طعام الإفطار بعد الأذان دون تفرقة بين فقير أو غنى أو بين أهل البلد أو الغرباء. صلاة التراويح هى الملتقى الرابع الذى يتجمع فيه الأسوانيون كل على حسب، سواء فى المساجد القريبة من المنطقة أو فى المساجد الأشهر كمسجد الطابية ومسجد المطار أو مسجد السنية أو مسجد أبو الحسن الشاذلى، بعد ذلك يخرج الأسوانيون على بكرة أبيهم، قاصدين كورنيش الليل للتنزه وقضاء أمتع الأوقات وبالمرة أكل القطايف والكنافة والشعرية، التى تنتشر مخابزها فى وسط البلد، حتى يأتى منتصف الليل وتدور الدائرة مرة أخرى فى ال30 يوماً من أيام الشهر الكريم. ملاحظتان جديرتان بالتسجيل، الأولى: وهى تقليد أسوانى حرصت عليه كل مساجد أسوان تتمثل فى إحياء ليلة من ليالى صلاة التراويح بتلاوات عطرة للشيخ السوهاجى عبد الله جلال، وهو الشيخ الذى اكتشفه وعاش مع الأسوانيين، حتى تحول إلى تقليد أسوانى مهم فى الشهر الكريم، فالشيخ عبد الله يصلى التراويح كل يوم فى مسجد مختلف على مدار الشهر، أما الملاحظة الثانية فتتمثل فى أن الأسوانيين يصنعون الكعك والبسكويت فى أفران بيوتهم، وليس ككل المحافظات الأخرى يقومون بإرسال صاجات الكعك والبسكويت إلى الأفران العامة.