أسعار النفط تقفز 3% وسط تقارير عن ضربات إسرائيلية على إيران    محلية النواب: إيقاف قضايا مخالفات البناء بداية من 5 مايو    وزير الخارجية التركي يبحث مع نظيره الإيراني آخر التطورات في الشرق الأوسط    مجموعة السبع تدين القتال وتدهو الوضع الإنساني بالسودان    عاجل.. نجم ريال مدريد يبلغ بيريز بقرار الرحيل    لوكاكو مطلوب في الدوري السعودي    منتخب ألعاب القوى البارالمبي يسافر إلى المغرب للمشاركة في بطولة مراكش الدولية    مصرع طفلة وإصابة 3 آخرين في حريق منزل بالفيوم    أحمد حاتم عن فيلم السرب: "مصر مبتسبش حق ولادها"    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    طارق البرديسى: الفيتو الأمريكى تأكيد على سياسة واشنطن الجائرة ضد فلسطين    ولاية ألمانية تلغي دعوة القنصل الإيراني إلى حفل بسبب الهجوم على إسرائيل    تسجيل أول سيارة بالشهر العقاري المتنقل في سوق بني سويف    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    محافظ أسيوط يوجه الشكر لاعضاء اللجنة النقابية الفرعية للصحفيين بالمحافظة    أخبار الأهلي : حقيقة مفاوضات الأهلي للتعاقد مع لاعب البنك فى الصيف    مباشر BAL - الأهلي (30)-(16) سيتي أويلرز الأوغندي.. انطلاق منافسات الدوري الإفريقي    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    "التعليم الفني" يكشف تفاصيل انطلاق مشروع "رأس المال الدائم"    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    محافظ كفر الشيخ يتابع فعاليات برنامج لقاء الجمعة للأطفال    صلاح السعدنى.. موهبة استثنائية وتأثير ممتد على مدى نصف قرن    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    محافظ الإسكندرية يدعو ضيوف مؤتمر الصحة لزيارة المعالم السياحية    عمل الحواوشي باللحمة في البيت بنفس نكهة وطعم حواوشي المحلات.. وصفة بسيطة وسهلة    من بينهم السراب وأهل الكهف..قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    6 آلاف فرصة عمل | بشرى لتوظيف شباب قنا بهذه المصانع    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    رجال يد الأهلي يلتقي عين التوتة الجزائري في بطولة كأس الكؤوس    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 4 مجازر في غزة راح ضحيتها 42 شهيدا و63 مصابا    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء على رقعة الشطرنج..بلقيس: الحكمة أقوى من القتل جمعت بين الذكاء وحسن التقدير وتركت الاستبداد بالرأى فكان لها بلد قوى حافظت على شعبه وخيراته
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 06 - 2018

نسير فى الحياة عبر رقعة كبيرة مقسمة بالتساوى إلى مربعات، بعضها ناصع البياض، وبعضها قاتم سواده، وعليها يقف البشر وفقا لقلوبهم، فمنا من منحه الله قلبا أبيض وسيرة عطرة فوضعه التاريخ فى موضعه على الرقعة البيضاء، ومنا من تملك السواد من قلبه فكانت الرقعة السوداء مصيره، وبين كل هذا نسوة أثرن فى الحياة خيرا وشرا ووقفن داخل الرقعتين أو تنقلن بينهما، ومن خلال هذه السلسلة نحاول النظر إلى سيرتهن نظرة أخرى دون الحكم على واحدة منهن أو التأثر بإيمانها أو كفرها، فقط نتناول سيرتها كأنثى أثرت فى الحياة، ولكم وحدكم الحكم.

للقوة شروط لا يمكن التنازل عنها، فمن شروطها الذكاء، ومن شروطها الشورى، وعدم التمسك بالرأى، ومن شروطها التواضع، ومن شروطها التفاوض وفهم الآخرين، ولو أردت أن تجمع هذه الصفات مكتملة فى شخص فسيكون بلا منافس بلقيس، ملكة سبأ التى ضرب الله مثلا بها فى الذكاء فى القرآن الكريم، فهى سيدة استطاعت أن تحكم وتحافظ على الحكم ويزدهر ملكها، واستطاعت أن تحافظ على مملكتها من الطغيان ومن الكفر أيضا، والمعروف أنها حكمت مملكة سبأ، ومكانها الحالى باليمن، فترة ملك سيدنا سليمان، عليه السلام، وقد ذكرت حكاية سليمان وبلقيس فى كل الكتب السماوية، فى العهد القديم، والعهد الجديد، كما ذكرت فى القرآن، ورغم اختلاف تفاصيل قصة لقائها بسليمان فى كل كتاب عن الآخر فإن الكتب جميعها اتفقت على ذكاء وفطنة هذه الملكة العظيمة.

بدأت بلقيس حياتها ابنة لملك حمير، وبعد موته استحقت هى العرش وتولته، وكان فى المدينة رجل يدعى عمرو بن الأذعار وكان رجلا شريرا طمع فى الحكم واستغل كونها أنثى وانقض على الحكم وسلبه منها وأغرق البلاد فى الظلم والفساد والطغيان، فاختفت هى عن الأنظار فترة، ثم عادت وقتلته، واختلف المؤرخون حول طريقة القتل، فبعضهم يقول إنها أخبرته أنها تريد الزواج منه فوافق وذهب إليها وظلت تسقيه الخمر حتى تملكه السكر وهنا أخرجت خنجرا وقتلته وأعلنت نفسها ملكة على سبأ، بينما يقول البعض إنها ذهبت إليه خلسة وقتلته بعد أن دبرت لذلك مع بعض أتباعها وأتباع والدها، وهنا لا يمكن لومها على فعلتها، فقد سلب منها الأذعار ملكها وأغرق البلاد فى الظلم ونهب خيراتها، فهى أرادت التخلص من حاكم مستبد سرق منها سلطانها وسعى فى أرضها فسادا، وما يعزز هذا الحديث ازدهار مملكة سبأ فى عهدها وتحولها لواحدة من أقوى الممالك وأغناها فى العالم القديم.

بعد الحكم والازدهار ظهر نبى الله سليمان فى حياة بلقيس، ولظهوره روايات مختلفة فى الكتب السماوية، فالرواية فى العهد القديم تقول إن بلقيس سمعت بحكمة سيدنا سليمان، وأنه يدعو لدين أبيه داود، فأرادت بلقيس اختبار هذه الحكمة خاصة أن المعروف عن الملكة هو الذكاء الشديد ومهارتها فى الأحاجى، فذهبت إليه ومعها قافلة من الجمال محملة بالأحجار الكريمة والذهب والأبخرة التى لا يوجد لها مثيل إلا فى مملكة سبأ، وعندما رأته قالت له إنها سمعت بحكمته وفطنته ومعرفته، وإنها جاءت لتختبر هذه الحكمة، فتبسم نبى الله وسمح لها باختباره دون أن يشعر أن الأمر ينتقص منه، وبالفعل بدأت فى الأسئلة التى أجاب عنها النبى بمعرفته وحكمته، وهنا استلسمت وآمنت به وبدينه وعادت إلى قومها وأخبرتهم أنه بالفعل نبى الله وأن عليهم اتباع دينه وترك عبادة الشمس، وقد اتبع سليمان كل من فى سبأ بعد إيمانها، ووفقا للرواية فى العهد القديم فقد ازدهرت مملكة سليمان وقتها لدعم بلقيس لها، ووفقا للعهد القديم فقد تزوجت بلقيس من سليمان وأنجبت منه ولدا، وهى الرواية التى ذكرها بعض مفسرى القرآن الكريم من المسلمين دون توضيح مصادرهم فى ذلك، لكن قالوا إن هناك روايات عن زواج سليمان وبلقيس لم يذكرها الله تعالى فى القرآن مع ذكر قصتهما، لأن تفاصيل زواجهما لا تخدم قصة سليمان ودعوته ودخولها فى دين نبى الله داود.

التفاصيل التى ذكرها القرآن عن قصة بلقيس قد تكون أكثر استفاضة عن الملكة وعظمتها، فقد أوضح القرآن الكثير من الصفات الشخصية لبلقيس، فقد بدأت الحكاية فى القرآن الكريم بغياب الهدهد عن جيش سليمان، وهو ما استوقف الملك وجعله يسأل عنه، فأتى إليه الهدهد قائلا جئتك من سبأ بخبر يقين، وأخذ يخبره عن مملكة بلقيس وحكمها وغناها وقوتها، وأنهم يعبدون الشمس، هنا انتبه سليمان وأرسل جيشا من الطيور بقيادة الهدهد إلى سبأ وكتب لبلقيس رسالة يدعوها لزيارته، فذهب الجيش الذى حجب الشمس عن الملكة فور وصوله وقت أن كانت تتعبد إليها، فلما رأت الرسالة معلقة فى رقبة الهدهد أخذتها وقرأتها، ثم جمعت رجالها ومستشاريها وأخبرتهم بالرسالة وطلب سليمان لها باتباعها دينه، فتفاخر مستشاروها بقوتهم وجيشهم وملكهم، لكنها لم تفعل، بل قالت لهم إن سليمان لو دخل بلدهم سينقلب حالها ويجعل أسيادها أذلاء، أنا سأرسل إليه الهدايا، ولنرى إذا ما تغير موقفه بعد ذلك أم تمسك به. ولو تأملت هذا الموقف من بدايته فستجد سيدة قوية، تعمل بالشورى ولا تستبد برأيها رغم أن القوة لها والحكم فى يدها وحدها، لكنها أخذت رأى مستشاريها، وعندما خالفته لم تعارضهم، إنما شرحت لهم ما يدور فى رأسها، ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه، وخشيت على هذا الثراء والتقدم من الغزو ورجحت الحكمة فى نفسها على التهور، وقررت أن تلجأ إلى اللين، وترسل إليه بهدية وقدرت فى نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة، فقررت أن تشترى سلام بلدها منه بهدية، وفى نفس الوقت هديتها ستمكن رسلها من دخول مملكته، وهنا يستطيعون تقييم الموقف بأعينهم ومعرفة أسرار ملكه وأخبار قومه وجيشه، ووفقا للمعلومات تستطيع هى اتخاذ قرار صحيح، كما أوضحت أن كل ما يشغل بالها هو رعيتها وقومها الذين تريد لهم الخير دوما وتخشى عليهم من الذل والدمار، فهى ملكة مخلصة لشعبها لا تريد سوى راحته.

بلقيس

أرسلت له الهدايا بالفعل، وغضب سليمان ورفضها، وقرر الذهاب إليها بجيش كبير، فلما علمت بذلك قررت إنقاذ الموقف وأرسلت إليه أنها فى طريقها إليه، وهنا سأل سليمان عن أكثر ما يميز مملكتها فأجابوه بأنه عرشها، فسألهم عمن يستطيع أن يأتى به قبل أن تصل هى، فتسابقت عفاريت الجن على القدوم بالعرش فى أوقات أقل حتى انتصر أحدهم قائلا أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك، فأمره سليمان أن يأتيه بالعرش وفعل، ولما أتت إليه بلقيس وجدت العرش كأنه لؤلؤ مبنى فوق مياه، فرفعت ثوبها خوفا من البلل، فسألها سليمان: هل هذا عرشك؟ فردت قائلة: «كأنه هو»، وهى إجابة تؤكد ذكاءها المعروف، فهى ترى عرشها لكنها تركته خلفها فى سبأ ولا يمكن أن يكون هنا فى مملكة سليمان، وهنا استسلمت بلقيس على الفور وآمنت بدين سليمان وداود على الفور، وعادت لقومها أخبرتهم بأنه نبى الله حقا، وأنها اتبعته وأن عليهم اتباعه، وبعد إعلان بلقيس إسلامها لم يخبرنا القرآن المزيد عن قصتها، ويقول البعض إنها تزوجت من سليمان بالفعل، بينما يقول البعض الآخر إنها تزوجت أحد جنوده، لكن النص القرآنى لم يخبرنا بشىء بعدها، وظلت هذه الأقاويل مجرد أقاويل لا يوجد لها دليل، إنما الدليل ثابت فى كل الكتب السماوية وفى كلام المؤرخين عنها بأنها ملكة تحسن التقدير وتتفهم وتحترم رأى الصغير قبل الكبير، لا تستخدم سلطتها فى الاستبداد بالرأى وتعمل بالمشورة، تستطيع تقييم موقف بلادها والبلدان الأخرى سياسيا وعسكريا، تدرس وتحلل تاريخ الأمم والملوك، وأخيرا ذكاؤها لا يتوقف عند حدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.