مما لا شك فيه أن الثورة المصرية التى عمادها الشباب المتوهج فى حب البلاد والمتطلع إلى غد أفصل، أحدثت حراكاً سياسياً على كافة الأصعدة، فمحاكمة الفاسدين أمام قضائنا العادل ضرورة حتمية لكى يرتدع هؤلاء الذين كادوا أن يحولوا مصر إلى عزبة خاصة بهم ينهبون ويسلبون منها ما يريدون، ويتركون الشعب يلهث وراء لقمة العيش التى تتباعد فى حقل البطالة والرشوة والمحسوبية، وسدنة العدالة، محامون يصدعون للحق ويسلكون طريقه، ومهمتنا كجزء أصيل فى تحقيق العدالة.. بيان الحق مهما كلفنا حتى فوق طاقتنا، فالكشف عن الفساد وبيان بؤره أظهرته ثورة الشباب المفعمة بالمحامين، الذين لا يتوانون فى الكشف عن مسالبه وطرقاته ببلاغات للرأى العام والنيابة العامة. انظروا معى إلى الكم الهائل من هذه البلاغات التى أظهرت للرأى العام حجم الفساد الذى كنا نعيش فيه، بحيرات مرة فى خضم بحر الحياة الذى نعيشه. لقد أيقظت ثورة الشباب ضمائر كل المصريين فى ضرورة المكاشفة والمصارحة بكل شفافية ليأخذ كل فاسد عقابه الذى نص عليه القانون، وليعلم كل مسئول وليعى مسئوليته أمام الله وأمام هذا الشعب الذى عانى الويلات عبر عقود طويلة من الزمن، ويضع المسئول نصب عينيه أن المناصب زائلة والكراسى لا تدوم والحساب لا يفلت منه أى فاسد أو مقصر فى هذا الزمان. لقد كافح رهط من الناس جرائم الفاسدين ولكن لولا هذه الثورة النورانية ما حدثت هذه المحاكمات التاريخية التى ستصل بالمصريين إلى ركب التقدم فى دولة متقدمة إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى العشرين على مستوى العالم بدلاً من التعداد بعد المائة الذى نئن فيه منذ فترة ليست بالقليلة. إن مصر تستحق منا أكثر من هذا إلى ثورة متواصلة ضد الفساد والمفسدين وتقليص حجم ما نراه إلى درجة الانعدام. مصر بحضارتها وتاريخها المشرف عبر آلاف السنين لا ينبغى أن يحكمها سوى الملائكة بعد اليوم، حكم بلا سوالب، إيجابى القدرة، خلاق بلا سوء. إن مكارم الأخلاق التى يجب أن نتحلى بها تتمثل فى إيقاظ ضمائرنا بالحفاظ على مكتسبات الثورة العظيمة التى استطاعت أن تقضى على الفساد والمفسدين وأعوان الفساد والضلال والدعوى إلى غير الحق. إن مصر بلد الأزهر الشريف والمآذن وأجراس الكنائس وهدى القرآن وترانيم الإنجيل مثل البحر المالح الذى يلفظ الجثث العفنة من محيطه إلى الشاطئ، كما لفظنا الفساد والمفسدين. وسوف يعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون، والله فوق كيد المعتدى، والله للمظلوم خير مؤيد. نقيب المحامين رئيس اتحاد المحامين العرب